عمر محمد
أظهرت بيانات من صندوق النقد الدولي تراجع حصة الدولار من الاحتياطيات العالمية البالغة 5.3 تريليونات دولار إلى 64.2% خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة بـ 64.6% في الربع الأول من العام الماضي، بينما ارتفعت حصة اليورو إلى أعلى مستوياتها مسجلة 26.1% من 25.9% خلال الفترة ذاتها، وصعد مجمل الاحتياطيات العالمية بنسبة 5.2% إلى 5.3 تريليونات دولار مع استمرار البنوك المركزية في الصين وغيرها من الاقتصادات الصاعدة في مراكمة العملات الأجنبية بفضل فوائض تجارية سخية وبغية التدخل لمنع عملاتها من الارتفاع. غير أن التساؤل الذي أبداه الخبراء والمحللون هو: إلى أين تتجه مؤشرات الدولار خلال المرحلة المقبلة؟ وهل ستفكر دول في الرد على تراجع قيمة العملة الأميركية مقابل العملات الرئيسية الأخرى إلى فك ارتباطها به أم ستعمل على معالجة الأمر بطرق أخرى.
وفي الوقت الذي أظهرت فيه بيانات من صندوق النقد الدولي ارتفاع حيازات البنوك المركزية في العالم من الدولار بنسبة 4% إلى مستوى قياسي بلغ 2.24 تريليون دولار في الربع الأول من 2007 إلا أن مجمل الاحتياطيات العالمية ارتفع بنسبة 5.2% إلى 5.3 تريليونات دولار، مع استمرار البنوك المركزية في الصين وغيرها من الاقتصادات الصاعدة في مراكمة العملات الأجنبية بفضل فوائض تجارية سخية وبغية التدخل لمنع عملاتها من الارتفاع، وأشارت البيانات إلى أن هذه التقديرات جاءت في الوقت الذي بات عدد من دول العالم يتجه إلى تنويع احتياطياته وتحويل حصة منها إلى اليورو، خاصة مع تراجع سعر صرف العملة الأميركية في أسواق المال العالمية، وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، شرعت الإمارات فعليا في توجيه حصة من احتياطياتها وتحديدا نحو 5% إلى اليورو.
وقد أكد الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور أن سر ضعف الدولار وتراجع نسبته في مجمل الاحتياطي العالمي عدم قدرة الولايات المتحدة على تسوية عجز ميزانها التجاري مع الصين خصوصا، مما حدا بمتخذي القرار في واشنطن الى السماح للدولار بالتراجع مقابل العملات الأخرى وانتهاج سياسة الدولار الضيف طريقة صريحة لمعالجة ضعف قدرتها التصديرية في مواجهة صادرات الاقتصادات الناشئة خاصة أمام الصين والهند وأوضح بوخضور أن الولايات المتحدة تسعى لتخفيف الضغوط التضخمية من خلال رفع الفائدة، بيد أن ذلك ليس كافيا لمواجهة صادرات الاقتصادات الناشئة.
وأوضح الخبراء الماليون أن سر التراجع يعود إلى ربط تراجع حصة العملة الأميركية إلى أدنى مستوياتها من مجمل الاحتياطيات وإلى إصرار السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة على انتهاج الدولار الضعيف للمنافسة في دعم صادراتها، وإصرارها على التمسك بالدولار الضعيف لمعالجة العجز التجاري مع الدول الأخرى خاصة مع الصين. وأشاروا إلى أن كثيرا من الدول لم تكن متأكدة من نجاح اليورو في مواجهة الدولار بيد أن الموقف تغير إلى حد كبير في ظل النجاحات المتتابعة التي حققتها العملة الأوروبية الموحدة في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن أعدادا متزايدة من الدول باتت تنوع احتياطياتها «وأن بعضها يحتفظ بـ 2% أو ينقص قليلا باحتياطياتها من عملات الاقتصادات الناشئة».
وقد حث مفوض التجارة الأوروبي بيتر ماندلسون أمس الصين على ربط عملتها (اليوان) بسلة عملات عالمية منها اليورو لكنه قال إنه لا يتعين المبالغة في فوائد هذه الخطوة من جانب بكين، وقال «آمل أن تنفذ إصلاحات في الصين وأن تربط العملة الصينية بسلة عملات منها اليورو»، وأضاف «لا أعتقد أن الصين تتجاهل الأمر». لكنه تابع أن هذا التغير في السياسة سيكون بطيئا ولا يتعين المبالغة في المزايا المحتملة من ذلك على بقية العالم، وقال «أعتقد أننا نواجه مخاطر المبالغة في المزايا التجارية والاقتصادية بالنسبة لبقية العالم إذا عالجت الصين مشكلة عملتها».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )