بيروت ـ رشيد سنو
امام حشد مصرفي عربي جامع، حث رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان الذي شارك المصرفيين العرب مؤتمرهم السنوي في بيروت امس على الاستثمار في بلاده، بينما دعا رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى اقامة تكتل مصرفي اقليمي يكون في خدمة الدول العربية ودول الجوار، فقد جمع الاجتماع السنوي لاتحاد المصارف العربية قيادات مصرفية واقتصادية رسمية وخاصة في مقدمتهم محافظ البنك المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة ورئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه ورئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان وزير الدولة عدنان القصار.
اردوغان الذي يزور لبنان دعا اصحاب الرساميل العربية الى الاستثمار في تركيا التي اكد انها تخطت الازمة العالمية.
وقال ان الذين سيغتنمون الفرصة مبكرا سيكونون رابحين وانا شخصيا اطمئنكم بانني سأتابع اعمالكم الاستثمارية، فهنالك وكالة لتشجيع الاستثمار تتبع لي مباشرة وستقدم التسهيلات لكم.
ولفت اردوغان الى انه في العديد من الدول النامية تزعزعت البنوك بسبب الازمة، الا ان القطاع المصرفي التركي صمد دون اي دعم حكومي بفضل قدرته الرأسمالية.
وطالب المصرفيين بان يكونوا مستقيمين في السياسة الاقتصادية «والا تضرون الشعب»، مشيرا الى ان التضخم ليس سبب الفائدة بل على العكس، كلما ارتفعت الفائدة ارتفع التضخم، والفقير هو الذي يدفع الثمن، والازمة العالمية دفعت من الطرف الفقير، ونسبة النمو في 2009 استمرت في 2010 في تركيا.
واضاف: عندما اتينا للحكم كان لدينا 21 بنكا قد افلست، من دفع البديل؟ الشعب! هم يطبعون مالا دون مقابل، ويجعلون العالم يحتاج اليه، لكننا انجزنا اصلاحات في الاقتصاد، واستطاعت تركيا اجتياح الازمة العالمية.
الأزمة العالمية
ولفت اردوغان الى ان الازمة العالمية الكبيرة بدأت من اميركا وانتشرت من ثم في العالم، اذا لم نخرج بالدروس من هذا الموضوع واذا لم نر الواقع واجلنا الرؤية الواقعية فان فاتورة الازمة التالية ستكون كبيرة.
واشار الى انه كان في الاسبوع الماضي في سيئول لحضور قمة مجموعة الـ 20، وقلت: نحن منذ بداية الازمة المالية كنا في تركيا نقول ان العالم الذي لا توجد فيه العدالة لا يمكنه ان يهرب من الازمات، سيبقى العالم يعاني من الازمات اذا لم تردم هذه الهوة.
واضاف: خلال زيارتي لباكستان، زرت الاماكن المنكوبة بالسيول، وتعرفون بعض الدول الافريقية اكثر مني، نعيش في عالم تناقص فيه الشعور بالعدالة، نلفت النظر ازاء مفهوم القناعة مقابل الطمع، وحضارتنا تأمرنا بذلك، الانانية لن تجد سبيلا في الوصول الى معجمنا، سنجتاح الازمة ونتخطاها بنجاح.
واعطي اردوغان مثلا بقوله: كلما كان جارك غنيا فأنت تستفيد اكثر من ذلك.
واشار الى انهم: يقولون ان تركيا متوجهة الى الغرب، واننا في مسيرة مفاوضات للعضوية في الاتحاد، تركيا تؤمن بانه يمكن مزج الهوية الاسلامية مع اوروبا، لكن هذا لا يعني انه يجب ان ندير ظهرنا لآسيا، سنؤسس مجلس تعاون رباعي مع سورية ولبنان والادرن.
وتحدث عن رفع التأشيرات بين تركيا ولبنان وعدة دول، قائلا: «لم نرفع التأشيرات، نحن رفعنا الحسرة بين شعوبنا منذ مئات السنين، والآن يتعانق اخواننا فيما بينهم وهناك تبادل للزيارات وهناك رجال اعمال يذهبون لبلدينا دون قيود، كل دول المنطقة تستفيد من ذلك، الاتحاد الاوروبي يقول شنغن لماذا لا نؤسس الشيء عينه بين بلدينا؟ لماذا هذا الخوف؟ لا نفهم»،.
ولفت اردوغان الى ان رفع التأشيرات مع كل من سورية ولبنان وليبيا والاردن «لم يكن لنا اي ضرر، لم نخسر شيئا ولم نحصد اي سلبية، رأينا ان هذه التأشيرات ليس لها اي معنى».
وأفاد: «نحن نتكلم لغات مختلفة، ومهما تكلمنا لغات مختلفة لكن تاريخنا وثقافتنا وقيمتنا واحدة، شكلنا التاريخ مع بعض وسنشكل المستقبل مع بعضنا البعض في هذه الاراضي».
المصارف العربية
من جهته، قال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ان اجتماع اتحاد المصارف العربية هو وجه من اوجه الرؤية الاقتصادية التكاملية العربية، مبينا: «نحن نريدها ان تتطور الى ما هو ابعد من الحدود الجغرافية والسياسية، ليتكون تكتل مصرفي اقليمي يكون في خدمة الدول العربية ودول الجوار، ذات الاهداف الاقتصادية والمصرفية المتكاملة معنا، وتأتي في طليعة هذه الدول الجمهورية التركية». واشاد الحريري بالدور الكبير للرئيس اردوغان في ارساء دعائم التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تركيا ـ القرن الواحد والعشرين، فقد اصبحت تركيا اليوم قوة اقليمية ذات ثقل عالمي في مختلف الميادين، وهي تقف الى جانب القضايا المحقة في العالمين العربي والإسلامي، وهي كانت السند الوفي للبنان في كل الأوقات الصعبة، وهي تعمل على الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، ويتجلى ذلك من خلال انضمامها الى قوات الطوارئ الدولية العاملة على تطبيق القرار 1701 في جنوب لبنان.
واعتبر ان الأزمة المالية والاقتصادية العالمية كانت في احدى مراحلها أزمة مصرفية دولية، وقد استطاعت المصارف العربية ان تنأى عن هذه الأزمة، رغم الضغوطات المالية التي تعرض لها بعضها، لكنها صمدت ونجحت، وهذا خير دليل على حسن إدارة المصارف العربية، خصوصا خلال الأزمات العالمية، فقد اعتمدت في سياساتها المحافظة على عدم المخاطرة والحذر في عملياتها التوسعية.
وقال ان المصارف العربية مستمرة في مسيرة تطبيق المعايير المصرفية الدولية، لاسيما معايير بازل، والمصارف المركزية العربية تحرص دائما على اعتماد معايير الرقابة والجودة للعمليات المالية للمصارف العاملة في دولها.
واضاف الحريري: اليوم تتمتع المنطقة العربية بمقومات النمو الاقتصادي مدعومة بالحوافز المالية والاستثمارية، ولكن دون شك يبقى العنصر الأساسي في هذا النمو المتوقع القدرة العالية للمصارف العربية على تمويل المشاريع الاستثمارية، وبالتالي المشاركة الفعالة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية. وأوضح «نحن في لبنان نشهد مرحلة من النمو الاقتصادي بنسبة 8% خلال السنتين الماضيتين وهي أعلى من معدل النمو الاقتصادي العالمي، ونتوقع ان يستمر هذا النمو الاقتصادي لعام 2010، وقد بدأت هذه المرحلة المزدهرة إبان الأزمة المالية العالمية، حيث استقطبت المصارف اللبنانية التدفقات المالية الباحثة عن ملاذ آمن، وعن بيئة مشجعة للاستثمار في العديد من القطاعات الواعدة». واضاف ان سياسة الاستقرار النقدي والمالي التي يتبعها المصرف المركزي اللبناني بالتنسيق مع وزارة المالية أثبتت كفاءتها خلال هذه الفترة، هذا فضلا عن الثقافة المصرفية العالية والممارسات السليمة التي توصي بها جمعية المصارف في لبنان.
وأكد ان المصارف اللبنانية هي شريك أساسي في تمويل المشاريع التنموية والاقتصادية للدولة، من خلال الاكتتاب في سندات الخزينة، مشيرا الى ان لبنان يتطلع الى تعزيز قنوات التعاون مع تركيا في الميادين الاقتصادية والتنموية والاستثمارية المختلفة.
وبين ان «بيئة الأعمال في لبنان باتت مهيأة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ومنها التركية، الى القطاعات الاقتصادية الواعدة، ونسعى الى تطوير الشراكات بين القطاع الخاص اللبناني والتركي، واننا نطمح الى زيادة حجم التبادل التجاري بين الجانبين».
وأشار الى انه يتفق مع رئيس الوزراء التركي على اتفاقية منطقة التجارة الحرة بين لبنان وتركيا، كما أعلنا ولادة اللجنة الإستراتيجية العليا للتعاون والتنسيق بين البلدين».
وقال: «هذه الخطوات تندرج في إطار اتفاقيات أوسع تقيم منطقة تجارة حرة بين لبنان وسورية والأردن وتركيا، ونطمح الى توسيعها الى مزيد من الدول العربية لتفتح أسواقا أوسع امام الصادرات اللبنانية.
مواجهة الأزمة
من جهة أخرى، قال رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان يوسف ان الميزانيات المجمعة للمصارف العربية بلغت 3 تريليونات دولار بينما الناتج المحلي العربي 2 تريليون دولار، أما الودائع المصرفية العربية فبلغت 1.8 تريليون دولار. وأشار الى ان معظم المصارف العربية لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية، داعيا إياها الى لعب دور أكبر على الصعيد العالمي. بدوره، قال رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه ان المصارف العربية صمدت بوجه الأزمة المالية العالمية لأن هذه الأزمة مستوردة وليست ناشئة في العالم العربي، واصفا الانفتاح التركي على العالم العربي بأنه «فرصة ذهبية للمصارف العربية لإقامة شراكة مع تركيا»، لافتا الى ان القطاع المصرفي العربي يملك إمكانات تزيد على فرص الاستثمار.
محافظ المركزي يدعو المصارف العربية للاندماج لتكبير قواعدها الرأسمالية وانتشارها العالمي
بيروت ـ كونا:
أكد محافظ المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز متانة الاقتصاد الكويتي موضحا ان «الوضع المالي للكويت أكثر من رائع».
وقال الشيخ سالم في تصريح لـ «كونا» على هامش مشاركته في المؤتمر المصرفي السنوي العربي المنعقد حاليا في بيروت «ان هذه ليست وجهة نظرنا في البنك المركزي انما وجهة نظر مؤسسات التصنيف العالمية التي شهدت بذلك وتقاريرها السنوية مازالت تضع الكويت في مصاف الدول العربية الاولى بالنسبة للائتمان بالاضافة الى دولتي قطر والإمارات».
وأشار الى ان احتياطي المصرف المركزي الكويتي بلغ الشهر الماضي 10 مليارات دينار، لافتا الى ان إجمالي موجودات المصارف المحلية يبلغ حوالي 41 مليار دينار وان حجم الموجودات حتى نهاية أكتوبر الماضي ارتفع بنسبة 2%. وحول رؤيته للتعاون المصرفي بين دول مجلس التعاون الخليجي أكد الشيخ سالم ان «هذا العمل مستمر وهو تعاون أكثر من رائع وتنسيق ممتاز على الصعد الخاصة بالجوانب المالية والاقتصادية». ودعا محافظ بنك الكويت المركزي المصارف العربية الى الاندماج فيما بينها لتكبير قواعدها الرأسمالية وانتشارها العالمي، مؤكدا القدرة التي تحلت بها المصارف العربية لمواجهة الأزمة المالية العالمية. لكنه أشار الى ان حجم المصارف العربية لايزال صغيرا، قائلا ان «تلك المصارف تحتاج الى تكبير قواعدها الرأسمالية وانتشارها العالمي وتقديم خدمات مالية ومصرفية مختلفة».
وأضاف الشيخ سالم انه «اذا أرادت البنوك العربية ان يكون لها موقع ومكانة عالمية عليها ان تفكر في أحجامها»، موضحا ان «هذه الأحجام لن تستطيع الارتقاء الى المستوى العالمي إلا اذا كانت هناك اندماجات عبر الدول».
وأكد «اننا نشجع قدر الإمكان ونحث على البدء في التفكير الجدي للرؤية المستقبلية المطلوبة للكيانات المصرفية التي ترتكز على الاندماج المصرفي». وشدد الشيخ سالم على أهمية الاجتماع السنوي لاتحاد المصارف العربية من حيث تبادل الأفكار والآراء والخبرات وتسليط الضوء على الدور الإقليمي والدولي الجديد للمصارف العربية في عصر ما بعد الأزمة المالية العالمية.