شريف حمدي
استعرض كبير الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني الياس بخعازي سلسلة من النقاط المهمة خلال اليوم الثاني لأنشطة مؤتمر ميد السنوي السادس للمشاريع الكويتية 2010، جاء في مقدمة هذه النقاط الأزمة المالية وبدايتها التي انطلقت مع افلاس بنك ليما براذرز في سبتمبر 2008، لافتا الى ان افلاسه أدى فيما بعد الى تقلص أسواق المال العالمية وتقلص السيولة والتشدد في عمليات الاقراض، مما دفع البنوك المركزية عالميا الى تخفيض الفائدة، مع دخول اقتصادات العالم مرحلة الركود الاقتصادي. وقال بخعازي ان الأسواق العالمية تقلصت بنسبة 21% خلال فترة الازمة، وكان لذلك تأثير ايضا على أسواق الخليج التي شهدت بدورها تراجعات كبيرة خاصة على مستوى الاسعار، مشيرا الى ان الكويت تأثرت جراء ازمة بنك الخليج.
وعلى مستوى قطاع العقار السكني أوضح بخعازي أنه لم يتأثر بنسب كبيرة كما حصل في أميركا او دبي، بسبب شروط المركزي.
فيما تأثر العقار التجاري بشكل اكبر، نتيجة لانخفاض الطلب، غير انه اكد على ان وضع القطاع بشكل عام أصبح جيدا.
وتطرق الى النمو الائتماني قائلا: كان النمو في العام 2008 بين 25 و30%، وفي ظل الازمة تراجعت هذه المعدلات الى 10%، وهي تشكل اليوم ما نسبته 1%. وأوضح بخعازي ان موجة التعافي في الكويت بدأت في الربع الثاني من العام 2009 وذلك بتحفيز من نمو الانفاق الاستهلاكي وزيادة عملية التوظيف في الربع الاول من العام 2010 من قبل القطاع الخاص، مشيرا الى ان الاناث كان لهن الحظ الاوفر في عمليات التوظيف، اما بالنسبة للانفاق الاستهلاكي فقد شهدت أجهزة السحب الآلي للبنوك نموا في عمليات السحب بدأت مع الربع الثاني من 2009، وهي مستمرة في النمو حتى اليوم. وتناول تأثيرات الأزمة على القطاعات الاقتصادية كافة، مشيرا الى ان القطاع الاستثماري كان الأكثر تأثرا بتداعيات الازمة، نتيجة لتعرضه للأسواق العالمية بنسبة اكبر من غيره من القطاعات، الا ان هذا القطاع قد بدأ بالتحسن متأثرا بالمشاريع الحكومية. وتطرق الى سوق الأوراق المالية خلال حديثه عن القطاعات التي تأثرت جراء الأزمة بقوله انها شهدت موجة من التحسنات بعد وضع خطة الاستقرار المالي وإقرارها، وهو ما ساهم في تحسين البيئة الاقتصادية من جهة، ومن جهة اخرى ساهمت صفقة شركة الاتصالات المتنقلة زين ـ أفريقيا في اعطاء دفعة معنوية للسوق، ساعدت على التعافي السريع نسبيا.
وأوضح بخعازي ان الأموال التي دخلت الى أسواق الخليج من الأسواق الناشئة قد ساهمت بشكل كبير في تخطي الازمة بشكل سريع، لافتا الى ان الازمة قد بلغت اشد مستوياتها في نوفمبر 2009، فيما ارتفع الاقتصاد الآن الى مستويات لا بأس بها، في الوقت الذي تصل فيه تقديرات التضخم لهذا العام الى 5%.
وحول ميزانية العام الحالي، اشار بخعازي الى ان «الوطني» يتوقع فائضا في الميزانية بما بقارب 6.4 مليارات دينار بالنسبة للسنة المالية 2009/2010، بعد ان كانت توقعات الحكومة بعجز 4 مليارات دينار، حسبما وضعت الميزانية على سعر 34 دولارا لبرميل النفط، فيما تشير توقعات «الوطني» الى ان الفائض في ميزانية العام 2010/2011 سيصل الى 3 مليارات دينار فيما تشير التوقعات الحكومية بعجز 6.4 مليارات دينار، ويبني الوطني توقعاته على سعر برميل النفط في معدلات 75 دولارا.
وأضاف بخعازي ان ايرادات القطاعات غير النفطية تسجل نموا بنسبة 20% لهذا العام، فيما تبلغ ايرادات العام المالي الحالي 8.1 مليارات دينار من النفط ويتوقع ارتفاعها في العام المالي المقبل الى 9.7 مليارات دينار، موضحا ان اي دولار زيادة على سعر برميل النفط حتى نهاية السنة المالية من شأنه ان يزيد من نسبة الفائض في الميزانية غير المتوقع.
ولفت بخعازي الى انه كان من المقرر ان تنفق الحكومة 5 مليارات دينار في الأشهر الستة الماضية، الا انها لم تنفق سوى 15% من المبلغ، وبالتالي فإن الإنفاق ليس بالسرعة المطلوبة حسب الخطة.
وقال بخعازي: «لا نحن ولا غيرنا يؤمن بأنه سيتم إنفاق 31 مليار دينار خلال خطة التنمية، وان تم إنفاق 70 الى 80% من المبلغ فسيكون لذلك انعكاسات ايجابية جدا على الشركات والاقتصاد والبنية التحتية للبلاد». وفي سؤال وجه له حول اهمية ارتباط الدينار بسلة العملات في ظل حرب العملات قال: «العملات ستشهد تقلصات جديدة لكن سلة العملات سيبقى وضعها أفضل، لذا من الأفضل البقاء على سلة العملات بدلا من اي عملة اخرى لان التقلب اذا كان اليوم في الدولار فقد يكون في اليورو غدا. وردا على سؤال حول آلية تمويل خطة التنمية قائلا: «ليس هناك حاجة الى اخذ مبلغ 31 مليار دينار من البنوك، لأن الحكومة ستمول نصف المبلغ، ووفقا لحساباتنا فان اضافة من مليارين الى ثلاث سنويا كقروض بالنسبة للقطاع البنكي ليس بأمر كبير لدعم الخطة التنموية، خاصة ان قروض البنوك تبلغ 25 مليار دينار اليوم».
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية فتطرقت الى التحديات التي تواجه أكبر المشاريع في الكويت، وتحدث فيها رئيس مجلس ادارة المخازن العمومية «اجيليتي» طارق السلطان قائلا: «ان الرؤية المستقبلية للاقتصاد الكويتي في ظل اقرار خطة التنمية هي رؤية محفزة وتبث الحماس في الجميع فيما يخص التطوير والنمو، بالرغم من أنها قد تصطدم ببعض الامور التي قد تعوق تقدمها.
وأضاف السلطان أن أهم هذه المعوقات، هو قانون الـ «b.o.t» بصيغته الحالية الذي لا يشجع القطاع الخاص على المشاركة في هذه المشاريع، داعيا الى تعديل هذا القانون ليتمكن القطاع الخاص من المشاركة في تأسيس وانشاء هذه المشاريع الكبرى.
واشار الى أن تأخر انجاز المشاريع الكبرى في الكويت في أكثر الاحيان والتأخر في تسليمها يرجع الى تولي الحكومة جميع المهام والاجراءات الخاصة بهذه المشاريع من مرحلة تأسيس الشركة الى مرحلة التمويل والبدء بالمراحل التنفيذية وهو أمر يجب تعديله في المستقبل لنتفادى البطء في تنفيذ المشاريع.
وأضاف السلطان أن «أجيليتي» مهتمة بمشاريع التنمية باعتبارها مهمة للاقتصاد، مشيرا إلى أنها المرة الاولى التي نرى فيها سياسة واضحة من قبل الحكومة في إنجاز هذه المشاريع التنموية، رغم ان هناك عقبات تحتم على الحكومة ان تكون هي الجهة الممولة لهذه المشاريع التنموية، ومن ضمن هذه المعوقات ان الكويت بحاجة الى تطوير بعض القوانين منها الـ «b.o.t» كما انها بحاجة الى تعامل اوضح مابين القطاعين العام والخاص.
وقال السلطان ان السنة الحالية ستكون سنة انتقالية تنتقل فيها الشركة من الاعتماد على المناقصات الحكومية الى التركيز الكامل على القطاع التجاري، مؤكدا على ان السنة الحالية ستكون صعبة نوعا ما على الشركة، غير انه مقتنع بان التركيز على الدول النامية ستكون إستراتيجية ناجحة.
واضاف: «الشركة بدأت بالفعل في رؤية الجانب الايجابي منها وخاصة اذا ما قورنت إيراداتها الناتجة عن القطاع التجاري حيث انها حققت نموا بواقع 30% مقارنة بالعام الماضي وهو ما يعد دليلا على ان استراتيجية الشركة المقبلة ناجحة وصحيحة في المستقبل».
وبسؤاله عن إعادة طرح عقد المورد الرئيسي من قبل الحكومة الأميركية لـ 4 شركات من بينها أجيليتي أوضح السلطان في تصريحات صحافية أنه ليس لديه اي معلومات تؤكد او تنفي هذه المعلومة كونه عقدا حكوميا والاولى ان يتم توجيهه الى الجهة المسؤولة عن الطرح، كما نفى ان تكون «أجيليتي» قد تقدمت لهذه المناقصة، وفيما يتعلق بتطورات قضية الشركة مع الحكومة الأميركية اوضح السلطان انه لا توجد اي تطورات آنية حول القضية في الوقت الراهن.
من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة drake&scull international خلدون طبري «ان ابرز التحديات التي تواجه اي مشروع هي تأمين المعدات والتمويل والتوقيت والتنفيذ، مشيرا الى انه بالنسبة للمعدات فلا يوجد اي مشكلة في هذا الجانب بالنسبة للمشروعات الكبيرة في الكويت، خاصة ان هناك الكثير من العروض العالمية في هذا الجانب، كما ان اسعار المعادن في الفترة الحالية تعتبر ثابتة رغم ارتفاع اسعارها التي ستشهد تراجعات حسب توقعاتنا في المرحلة المقبلة».
وقال: «ان ابرز التحديات التي تواجه المشروعات الكبيرة تكمن في تأمين العمالة، ونحن نأمل من السلطات المعنية ان تعطي التسهيلات المطلوبة في هذا الجانب لتأمين اليد العاملة الكافية للمشروعات».
من جهته قال المدير العام لشركة بارسونز برنكرهوف انس قاسم ان التحديات الرئيسية تكمن في جدوى المشروعات وفي العقود المبرمة الى جانب دراسة احتمالية تأخير المشروعات، لافتا الى ان تكلفة هذا التأخير على الشركات ستكون كبيرة، مؤكدا اهمية الاهتمام بمرونة العقود.
أما بالنسبة للمعدات فقال المشاريع تتطلب الكثير من المعدات، مشيرا الى انه على سبيل المثال فإن وزارة الاشغال العامة بحاجة الى 10 ملايين خرسانة في مشاريع السنوات 3 المقبلة، وهذا الكم غير موجود.
وفي الجلسة الثالثة قال مدير ادارة المشاريع في الهيئة العامة للطيران المدني مهدي الدخيل ان هناك موافقة من الفتوى والتشريع ومجلس الوزراء على الصيغة التعاقدية مع طيران الجزيرة لإنشاء مبنى مستقل للركاب خاص بالشركة.
وأشار الى ان موقع المطار ينتظر اعتماد التصاميم النهائية، حيث سيدخل مبنى الركاب المزمع إنشاؤه ضمن حدود المطار الحالي.
وقال الدخيل «بدأنا بعض المشاريع الرئيسية مثل مشروع مدينة الكويت للشحن، وكذلك تنفيذ البنية التحتية لمواقف الطائرات ومواقف السيارات والطرق الرئيسية والفرعية، مشيرا الى انه يجري حاليا استحضار المستشار من اجل تصميم مركز خدمة العميل الذي سيعمل على خدمة العملاء وتسهيل نقل البضائع.
وأضاف الدخيل ان مشروع توسعة المطار يعد من المشاريع الاستراتيجية الكبرى خلال 80 عاما من حيث الحجم والقيمة وكميات الاعمال، وبين ان قيمة المشروع تنقسم الى جزءين، الأول يختص به القطاع الخاص، والثاني متعلق بالتمويل الحكومي والذي بلغت قيمته 600 مليون دينار.
وأشار الدخيل الى اقتراب البدء في العمل بالمدرج الثالث البالغ طوله 4580 مترا، موضحا ان هناك مدرجين آخرين سيتم إجراء عمليات التطوير والتحديث عليهما لاستقبال أنواع الطائرات المختلفة بما فيها a 380 والانتينوف، والـ 225، والطائرات الضخمة للشحن والركاب والنقل العسكري.
واضاف «لدينا مشاريع اخرى تتعلق بتوسعة المدارج وممرات ومواقف الطائرات والطرق الرئيسية والفرعية والجسور والأنفاق وهي مكلفة نوعا ما، مبينا انه بصدد تأهيل المقاولين العالميين لاختيار أفضل الأسعار المقدمة وأحسن الشركات لانجاز المشاريع، خصوصا ان العمل يحتاج الى التركيز على الأمور الفنية وتنفيذها بجودة عالية.
وبين انه في إطار تنسيق العمل على تحديث المدارج ومراعاة لحركة الطيران المستمرة، فإنه سيتم العمل على مدرج واحد وترك الاثنين الآخرين، لحين الانتهاء منه.
وتوقع الدخيل إبرام العقود مع المقاول للبدء في أعمال المدرج الثالث خلال الـ 6 أشهر المقبلة، موضحا ان العقد الخاص بالمدرجين الآخرين سيتم على مرحلتين تبلغ قيمتها بين 150 و160 مليون دينار، وانه لم يتم حتى لأن تحديد المقاول الذي سيقوم بالمشروع.
وحول الأهداف التي دفعت الى القيام بعمليات التوسعة، بين الدخيل ان الدولة تبنت في عام 2006 سياسة الأجواء المفتوحة بشكل مرن وبدون قيود تذكر، ما أدى الى زيادة عدد الركاب وطائرات الشحن الجوي، ما حتم على الهيئة القيام بعمليات التوسعة لاستيعاب هذا النمو في حركة الطائرات، خصوصا ان عدد الركاب بلغ 8.3 ملايين راكب سنويا وانه يشهد ازديادا بنسبة 12% سنويا، مقارنة مع 1 الى 5% في المطارات الأخرى.
وفي الجلسة الرابعة، أوضح رئيس مشروع تطوير جزيرة فيلكا يوسف مناور أن مشروع فيلكا تمت دراسته من عدة سنوات ولكن بلدية الكويت قامت بتشكيل لجنة انبثقت عنها لجنة لتطوير المشروع لجهاز الـ b.o.t وقد تضمن تقرير اللجنة أن 98% من أراضي فيلكا ملك للدولة.
واضاف مناور انه خلال الشهر المقبل سيتم اختيار الاستشاري الجديد للمشروع ليعمل مع الفريق خلال الفترة المقبلة لإعادة تحديث دراسة مخطط فيلكا وعمل الدارسات البيئية ودراسات النقل وإعداد العقد للشركة القادمة.
وبين أن الدراسات الاقتصادية ستحدد ما إذا كانت عملية تطوير الجزيرة تحتاج الى شركة واحدة أو أنه من الأجدى أن تساعدها الدولة من خلال البنية التحتية وطرح بقية المشروع لشركة أو عدة شركات.
من جانبها قالت منسقة مشروع تطوير جزيرة فيلكا بوزارة المالية نوال الدويسان أن تقديم طلبات لدخول عدد من الجهات الاستشارية العالمية لإعادة تقديم دراسات تطوير الجزيرة، لافتة الى ان الوزارة أمهلت هذه الجهات شهرا لاستقبال العروض ودراستها، مشيرة الى ان هناك عدة موافقات يجب الحصول عليها من بعض الجهات المختصة كديوان المحاسبة وإدارة الفتوى والتشريع قبل توقيع العقد مع المستشار.
وأضافت ان الدراسات الأولية التي قامت بها وزارة الأشغال بشأن تطوير فيلكا أظهرت ان تكلفة البنية التحتية تقارب الـ 120 مليون دينار وتكلفة الاستثمار فيها 500 مليون دينار مشيرة الى أمكانية تغيير التكلفة نظرا لوجود استشاري جديد بالإضافة لخطة جديدة، مبنية على دارسة بيئية متكاملة وفق تغيرات معينة تستهدف استقطاب الاستثمارات العالمية.