أعلنت مؤسسة الخليج للاستثمار عن مشاركتها في فعاليات مؤتمر «ميد» السنوي السادس للمشاريع الذي عقد في الفترة من 29 إلى 30 نوفمبر الماضي في الكويت، وركزت المؤسسة خلال هذه المشاركة على استعراض الدور الفاعل الذي لعبته على مدى أكثر من عقدين من الزمن في تطوير عدة مشاريع حيوية في منطقة الخليج، لاسيما أن هذه المشاركة جاءت في مرحلة تمضي فيها الكويت قدما في تنفيذ مشاريع خطة التنمية ما يؤهلها للعب دور حيوي في هذا المجال نظرا إلى الخبرة الطويلة التي تملكها والكفاءة العالية لكوادرها البشرية.
وفي هذا السياق، قدم مدير الاستثمار في مؤسسة الخليج للاستثمار مشاري الجديمي عرضا خلال المؤتمر، تضمن ثلاثة محاور استعرضت واقع قطاع تمويل المشاريع في المنطقة وبينت التزام مؤسسة الخليج للاستثمار باستكمال تنفيذ المشاريع التي تقوم بتطويرها انطلاقا من توجهاتها الإستراتيجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، وخلص هذا العرض إلى توصيات مهمة بضرورة المساهمة باستمرار في تنفيذ المشاريع الحيوية في منطقة الخليج بغض النظر عن البيئة الاقتصادية المحيطة، لاسيما ان مرحلة الأزمة المالية العالمية تسببت في توقف بعض المشاريع أو تأخر تنفيذها في دول المنطقة نتيجة توقف مصادر التمويل.
وقد استعرض الجديمي خلال المحور الأول التجربة الطويلة والدور المهم الذي لعبته مؤسسة الخليج للاستثمار على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمن في تطوير مشاريع في قطاعات حيوية شكلت قيمة مضافة على مستوى اقتصاديات دول الخليج، أما المحور الثاني فركز على واقع قطاع تمويل المشاريع في دول مجلس التعاون ونموه الكبير في العقد الأخير والذي أتى من التوجهات العامة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ خطط تنمية قائمة على خصخصة قطاعات رئيسية وإشراك القطاع الخاص في تطوير مشاريع البنية التحتية، في حين سلط المحور الثالث الضوء على تجربة واقعية لمؤسسة الخليج للاستثمار في تطوير مشروع الدور في البحرين وقدرتها على ابتكار نموذج بديل لتمويل المشروع بسبب الظروق التي أملتها الأزمة المالية العالمية.
نجاحات بارزة
في المحور الأول بين الجديمي أن مؤسسة الخليج للاستثمار تركز على الاستثمار في مشاريع بقطاعات حيوية ذات عوائد استثمارية واقتصادية واعدة بالاضافة الى مساهمتها في تحقيق قيمة مضافة لاقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي.
واستنادا إلى هذه الرؤية فقد بنت المؤسسة خبرات ومعرفة عالية في قطاعات رئيسية أبرزها الكهرباء والمياه، والصناعات التعدينية، والبتروكيماويات، والخدمات المالية بالإضافة إلى الاتصالات وقطاعات أخرى، موضحا أن مؤسسة الخليج للاستثمار تقوم بدور مستثمر ومطور لهذه المشاريع وليس ممول لها.
واقع قطاع تمويل المشاريع
وتناول الجديمي في المحور الثاني واقع قطاع تمويل المشاريع انطلاقا من السمة الأساسية والتوجهات العامة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي القائمة على خصخصة النشاطات الرئيسية وفتح الباب أمام القطاع الخاص لتطوير مشاريع متعلقة بالبنية التحتية، مبينا ان هذا الأمر ساهم في تحقيق نمو لافت على مدى السنوات العشر الماضية في هذا القطاع في المنطقة التي باتت تشكل نسبة مهمة من إجمالي سوق قطاع التمويل العالمي، مبينا ان أسواق دول المنطقة أخذت تلقى اهتماما أكبر من جانب مؤسسات ائتمان الصادرات المتخصصة والمصارف العالمية بهدف زيادة نسبة مساهمتها في تمويل هذه المشاريع، وهو ما تجلى في زيادة البحوث والدراسات حول دول المنطقة والمشاريع فيها، وذلك إلى جانب استقطاب وتوظيف كوادر بشرية للاستفادة من الواقع الجديد، منبها ونبه في الوقت نفسه إلى أن معالم تلك المرحلة بدأت بالتغير مع ظهور الأزمة المالية العالمية التي دفعت العديد من المصارف العالمية إلى تقليص وجودها في المنطقة دون ان يتم استكمال تمويل بعض المشاريع التي تم الالتزام بها من جانب هذه المصارف، ما أدى إلى تأخر تنفيذ بعض المشاريع أو إلغاء البعض الآخر.
نموذج مبتكر للتمويل
وفي المحور الثالث، تطرق الجديمي إلى تجربة مؤسسة الخليج للاستثمار في مشروع الدور للكهرباء والمياه في البحرين، والذي قامت بتطويره بالتعاون مع شركة جي دي أف سويز الفرنسية، مشيرا الى إن أهمية هذه التجربة عكست قدرة المؤسسة على ابتكار نموذج لتمويل المشروع في خضم الأزمة المالية العالمية، وأبرزت قدرتها في الاستمرار في تنفيذ التزاماتها تجاه المشاريع التي تقوم بتطويرها في الوقت الذي انسحبت فيه مؤسسات وشركات من مشاريع مماثلة، مضيفا انه بعد مرور ما يقرب الاسبوعين على توقيع الاتفاقية بين المؤسسة وشريكها الإستراتيجي مع حكومة البحرين، وقبل نحو الشهرين من إتمام النموذج المعتمد لتمويل المشروع بدأت ملامح الأزمة المالية العالمية في الظهور، ما دفع المؤسسة إلى ابتكار نموذج مختلف عن ذلك المعتمد، وعلى الرغم من عملها على مدى نحو أحد عشر شهرا على توفير التمويل اللازم من خلال مواردها الخاصة بينها وبين حليفها الإستراتيجي، إذ بلغ إجمالي التمويلات المباشرة ما يزيد عن 550 مليون دولار، إلا أن الالتزامات التي قدمتها المؤسسة فاقت هذا المبلغ.
وأكد الجديمي ان هذا الواقع الذي عايشته مؤسسة الخليج للاستثمار يعيد التأكيد على التوجهات الاقتصادية السائدة لدى دول مجلس التعاون الخليجي القائمة على منح القطاع الخاص دورا مهما في مشاريع التنمية، داعيا الى ضرورة إقرار مجموعة من الإجراءات الكفيلة باستمرار تنفيذ المشاريع الحيوية في منطقة الخليج بغض النظر عن البيئة الاقتصادية المحيطة أو المستجدات التي تمر بها، لاسيما ان دول المنطقة شهدت خلال مرحلة الأزمة المالية العالمية توقف بعض المشاريع أو تأخر تنفيذها نتيجة توقف مصادر التمويل المخصصة لها».