أحمد يوسف
عقد المعهد العربي للتخطيط امس حلقة نقاشية بعنوان «رأس المال البشري والنمو في الدول العربية»، وذلك في اطار الحلقات النقاشية التي يعقدها سنويا لبعث ومناقشة مختلف قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية.
وتنبع اهمية هذه الحلقة النقاشية من اهمية تنمية العنصر البشري الذي يلعب دورا اساسيا في عملية النمو والتنمية بشكل عام ومن ان هناك «لغزا» في العلاقة بين النمو ورأس المال البشري في الدول العربية ورغم الزيادة الملحوظة في مستويات رأس المال البشري في الدول العربية من الناحية الكمية فإن هناك انخفاضا في معدلات نمو الانتاجية الكلية لعوامل الانتاج لأغلبية الاقتصادات العربية وخصوصا الدول النفطية.
وقد اوضح المستشار في المعهد د.وشاح رزاق انه ومن الناحية الفنية يستند تعريف الانتاجية الكلية الى ما توضحه الادبيات المتخصصة الحديثة ان الانتاجية الكلية ليست الا عملية مستمرة للابداعات المعرفية وتدفق مستديم للأفكار الجديدة والخلاقة، وان الافكار الجديدة تنبع من العقول المتعلمة كما في الثورة الصناعية التي صاحبها ظهور وتنامي طبقة من المتعلمين قادت وشجعت عملية تبادل الافكار، وحل المشكلات في مواقع العمل وخلق افكار مصرفية جديدة.
وفي اطار المنهجيات المستقرة لاستكشاف العلاقة بين رأس المال البشري والانتاجية الكلية لعوامل الانتاج ركزت دراسة عرضت نتائجها في الحلقة النقاشية، على نوعية التعليم والتي اعتمد قياسها على نتائج اختبارات قياسية عالمية في الرياضيات والعلوم تقوم بنشرها مؤسسة دولية تقوم باختبار عينات عشوائية من طلبة في السنة الرابعة والثامنة في عدد من دول العالم منها بعض الدول العربية.وتتمثل اهم النتائج التي تمت خلال الحلقة النقاشية فيما يلي: ان زيادة رأس المال البشري العربي الذي شهدناه خلال العقود الثلاثة السابقة لم تصاحبها زيادة في معدلات الانتاجية الكلية، كما حدث في دول العالم الاخرى بسبب عدم التغير في نوعية التعليم بكل مراحله وخصوصا مرحلة التعليم الابتدائي، وان الفرق بين نوعية التعليم في اي بلد عربي وكوريا على سبيل المثال، يفسر جزءا كبيرا من الفرق في معدلات الانتاجية الكلية.
واوضحت الدراسة ايضا انه يمكن تفسير هذه النتائج بملاحظة ان هناك ترديا في نوعية التعليم بشكل عام مما ادى الى تردي نوعية رأس المال البشري، وان هناك عددا كبيرا من العمالة المؤهلة يعمل في قطاعات غير انتاجية مثل القطاع الحكومي الخدمي مع صعوبة التشغيل في القطاع الخاص رغم محدوديته الانتاجية.
كما بينت الدراسة ان الاحصائيات المتوافرة تبين ان الناتج القومي الاجمالي للفرد في أغلبية الدول العربية كان اعلى من مثيله في كوريا الجنوبية في عام 1950 اما اليوم فإن كوريا تعتبر في عداد الدول المتقدمة من حيث الناتج القومي للفرد والناتج القومي/ ساعة حيث توضح الحالة الكورية ان نوعية التعليم لعبت دورا مهما في عملية النمو وذلك بدليل انها قد حققت تقدما كبيرا في نوعية رأس المال البشري.