يتوقع محللون واقتصاديون سعوديون أن يسجل قطاع التجزئة في السعودية نموا قويا خلال 2011 مدعوما بعدة عوامل على رأسها التركيبة السكانية الشابة وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى جانب اتباع نمط حياة أكثر حداثة وإن كان ارتفاع معدل التضخم في أكبر اقتصاد عربي قد يحد من فرص النمو.
ويضم قطاع التجزئة في البورصة السعودية تسع شركات مدرجة أبرزها نشاطا شركة جرير للتسويق التي تعمل في تجارة الأدوات المكتبية والوسائل التعليمية والأجهزة الإلكترونية وشركة عبدالعزيز الحكير التي تعمل في تجارة مجموعة واسعة من العلامات التجارية العالمية للملابس الجاهزة والأقمشة والأحذية والعطور والأثاث المنزلي وشركة أسواق عبدالله العثيم التي تعمل في مجال بيع المواد الغذائية والاستهلاكية.
وقال هاني باعثمان الرئيس التنفيذي لشركة أعيان كابيتال لـ «رويترز» في مقابلة هاتفية «سيشهد القطاع نموا مرضيا... ستحصد (شركات) التجزئة أرباحا فعلية جيدة بفضل دورة الأعمال القصيرة التي تتراوح بين 50 و90 يوما».
وأضاف «من حيث النمو فالسوق السعودية واحدة من أكبر الأسواق في العالم التي يركز فيها اللاعبون على قطاعات بعينها. هناك فرصة كبيرة لشركات التجزئة لزيادة حصتها السوقية».
كانت الراجحي المالية ذكرت في تقرير صدر هذا الشهر أن قطاع التجزئة السعودي سيواصل النمو ليصل إلى 276 مليار ريال بما يعادل 73.6 مليار دولار بحلول عام 2014 وذلك بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 4%.
وقال تقرير الراجحي المالية «ارتفاع عدد السكان وتغير نمط الحياة يعتبر من العوامل التي تعزز زيادة النمو في قطاع البيع بالتجزئة في المملكة العربية السعودية».
وأضاف تقرير الذراع الاستثمارية المستقلة لمصرف الراجحي السعودي أكبر بنك إسلامي في الخليج من حيث القيمة السوقية «تلعب التركيبة السكانية الشابة الآخذة في النمو دورا حيويا في تحفيز سوق التجزئة.. وتجدر الإشارة إلى أن 41% من السكان السعوديين تقل أعمارهم عن 15 عاما.
«كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي في السعودية والذي يبلغ 19 ألف ريال بما يعادل 5067 دولارا يدعم التوجه الإيجابي لقطاع التجزئة».
وفي اغسطس الماضي أظهرت بيانات لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية نمو عدد السكان نحو 20% في ست سنوات ليصل إلى 27.14 مليون نسمة في 2010 سجل المواطنون منهم 18.7 مليون نسمة فيما بلغ عدد الوافدين 8.4 ملايين نسمة.
ويسجل من هم دون 30 عاما في السعودية نحو ثلثي عدد المواطنين.
ووفقا لاستطلاع اجرته «رويترز» فمن المتوقع أن يرتفع عدد سكان السعودية إلى ما بين 28.5 و31.7 مليون نسمة خلال السنوات الخمس المقبلة وأن يسجل المواطنون بين 7.9 و8.5 ملايين نسمة من إجمالي السكان.
ووفقا لتقرير الراجحي المالية فإن تغير نمط الحياة في السعودية يساعد على زيادة حجم القطاعات الفرعية المتنوعة داخل قطاع التجزئة ففي قطاع البقالة على سبيل المثال يرتفع الطلب بفضل رغبة الناس في اتباع اسلوب حياة عصري إذ يرغبون في الشراء بصورة أكبر لأنهم يستمتعون بالتسوق في سلاسل المتاجر الكبرى من السوبر ماركت والهايبر ماركت.
كما أن تحول البعض نحو ارتداء الملابس العصرية الغربية يدعم سوق الملابس الجاهزة فيما يدعم التعليم سوق الأجهزة الإلكترونية مع إقبال المزيد على استخدام التكنولوجيا الحديثة.
وفي نوفمبر قالت وزارة المالية السعودية إن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أصدر توجيهاته باستمرار صرف بدل غلاء المعيشة بنسبة 15% لموظفي الحكومة للحد من آثار الزيادة السريعة في الأسعار وذلك في إطار برنامج أطلقته المملكة منذ 3 سنوات.
وحول تلك الخطوة قالت «الراجحي المالية» في تقريرها: إن من شأنها أن تعزز إقبال المستهلكين على الشراء نتيجة ارتفاع الدخل القابل للإنفاق.
إلا أن باعثمان قال إن التضخم سيكون أحد التحديات الرئيسية التي ستقف عائقا أمام نمو القطاع وقال إنه يفضل أن يهدأ قطاع التجزئة على أن يرتفع التضخم.
واضاف «الإنفاق الحكومي سيتجاوز الموازنة الأمر الذي سيخلق مناخا تضخميا. لن نندهش أذا رأينا زيادة في الأسعار نتيجة الضغوط التضخمية».
واستقر معدل التضخم في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم عند 5.8% على أساس سنوي في نوفمبر دون تغير عن الشهر السابق وذلك بعدما كان قد سجل أعلى مستوياته خلال 18 شهرا في اغسطس عند 6.1%.
وتوقع محللون في استطلاع أجرته رويترز أن يبلغ متوسط معدل التضخم في السعودية 5.3% هذا العام و5.1%في 2011.
وأضاف باعثمان أنه فيما يتعلق بأداء شركات التجزئة المدرجة في البورصة السعودية فإن قطاع العقارات واحد من القطاعات التي ستحقق «استفادة جيدة من الأرباح سواء ارتفع التضخم أو انخفض».
من ناحية أخرى أكد حسين العماري الرئيس التنفيذي لمجموعة التوفيق المالية أن ارتفاع الأسعار سيقوض نمو القطاع قائلا «بالتأكيد لن يكون هناك تحسن كبير (في نمو القطاع).. سيكون الإنفاق على الكماليات محسوبا ومقننا لمواجهة مصاريف أخرى كارتفاع أسعار الغذاء والكهرباء والحاجة للإنفاق على التعليم».
وعلى الرغم من صغر وزنه نسبيا على المؤشر السعودي مقارنة بقطاعي المصارف والبتروكيماويات سجل قطاع التجزئة مكاسب تجاوزت مكاسب المؤشر الرئيسي إذ ارتفع نحو 11% منذ بداية العام وحتى إغلاق اول من أمس الأحد مقارنة مع صعود نسبته 7.4% للمؤشر الرئيسي خلال الفترة ذاتها.
وتعليقا على أداء القطاع في البورصة خلال العام المقبل قال ابراهيم العلوان مدير الاستثمارات ونائب الرئيس التنفيذي لدى بنك الاستثمار ـ مجموعة كسب المالية «بعيدا عن ارتفاع المؤشر السعودي (خلال 2010) هناك قطاعات سجلت أداء هائلا.. سيكون قطاع التجزئة بين أفضل القطاعات أداء خلال 2011».
وأكد وجهة النظر ذاتها عبدالحميد العمري المحلل الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي والذي توقع أن يكون قطاع التجزئة على رأس القطاعات التي ستسجل أداء بارزا في 2011.
وأوضح العمري أن النمو الجيد للقطاع في 2010 اعتمد «في قوة أدائه على الطلب المحلي بالدرجة الأولى في مطلع العام.. وذلك بفضل الإنفاق الحكومي الكبير الذي وصلت نسبته للعام الثاني على التوالي لأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد السعودي».
وبينما تركز شركة أسواق العثيم على التوسع داخل السوق المحلية فقط في الوقت الراهن تسعى جرير إلى زيادة عدد فروعها داخل السوق المحلية وخارجها في البلدان الخليجية المجاورة بينما تسعى الحكير إلى التوسع الخارجي عبر عدد من عمليات الاستحواذ في مصر والأردن وبلدان أخرى.
وقال باعثمان إن ما يعزز نمو القطاع هو أن «الشركات في الشرق الأوسط ترحب للغاية بعمليات الاندماج».
وترى الراجحي المالية أن افتتاح فروع جديدة سيكون النمط الرئيسي لنمو الشركات العاملة بقطاع التجزئة السعودي إذ تتوقع ارتفاع مساحة مراكز البيع الخاصة بجرير إلى 140 ألف متر مربع بحلول عام 2014 من 85 ألف متر مربع حاليا.
كما توقعت ارتفاع مساحة مراكز البيع الخاصة بالعثيم ثاني أكبر سلسلة لمتاجر الهايبر ماركت والسوبر ماركت في السعودية إلى 291 ألف متر مربع بحلول 2013 من 170 ألف متر مربع حاليا وزيادة مساحة مراكز البيع الخاصة بالحكير إلى 296 ألف متر مربع بحلول 2013 من 188 ألف حاليا.