المخاوف من ديون منطقة اليورو ونجاح الاتفاقيات بين صندوق النقد الدولي ودول شرق أوروبا والانتخابات والاحتجاجات ومقاليد الزعامة في روسيا والانقسامات الداخلية في تركيا.. كلها عوامل قد تؤثر على المستثمرين في الاسواق الأوروبية الناشئة خلال عام 2011.
وفيما يلي مخاطر سياسية رئيسية تجدر متابعتها:
يرى كثير من المستثمرين في الأسواق الأوروبية الناشئة أن المخاطر السياسية الرئيسية لا تنبع من داخل المنطقة على الاطلاق لكن من الاقتصادات الأكثر رسوخا في غرب أوروبا والتي تحاول جهدها لاحتواء أزمة ديون منطقة اليورو. وتتمثل القضايا الرئيسية فيما إذا كان بمقدور الدول التي تواجه المتاعب الأكبر في منطقة اليورو ـ خاصة اليونان وايرلندا والبرتغال وايطاليا واسبانيا ـ تطبيق تخفيضات صارمة في الانفاق وتهدئة أسواق السندات وإن كان بوسع منطقة اليورو أن تنهض باصلاحات أوسع.
وإذا انزلقت دول غرب أوروبا إلى الركود مجددا فإن تأثير ذلك على صادرات دول أوروبا الناشئة قد يكون له تداعيات ملحوظة على الاقتصادات والأصول. وخلال قمة استغرقت يومين هذا الشهر وافقت دول الاتحاد الأوروبي على تأسيس صندوق للأزمات اعتبارا من 2013 لكن بعض اللاعبين في السوق لايزال يعتريهم القلق من احتمال عدم توافر الأموال الكافية لإنقاذ دول مثل اسبانيا والبرتغال إذا ما احتاجت للإنقاذ خلال العام المقبل.
أزمة اليونان
وما تجدر متابعته ان تجدد الأزمة في اليونان أو ايرلندا أو أي دولة أخرى سيكون له على الأرجح تداعيات على أسواق أوروبا الناشئة وربما يثير مجددا المخاوف بشأن الدول التي تواجه المتاعب الأكبر مثل المجر. وأي إصلاحات أوسع نطاقا لاتفاقيات الاتحاد الأوروبي أو أنظمة الإنقاذ أو الخصم من مستحقات حملة السندات سيكون لها تأثير كبير على دول منضمة لعضوية الاتحاد مثل پولندا وجمهورية التشيك ودول البلطيق.
كانت أسواق أوروبا الناشئة من أوائل المتضررين بالأزمة المالية في 2008 مما أجبر الكثير منها على اللجوء لصندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي طلبا لمساعدات إنقاذ جلبت معها في كثير من الأحيان إجراءات تقشف قاسية.
وبينما حظيت بعض البلدان مثل لاتفيا باستحسان بروكسل وصندوق النقد لاتخاذها إجراءات صارمة فإن الطريق غير التقليدي الذي تسلكه الحكومة المجرية الجديدة بقيادة تحالف الديموقراطيين الشبان (فيدس) ينبئ بانهيار اتفاقها. وأزعج ذلك المستثمرين القلقين من احتمال تكرار هذا النموذج في أماكن أخرى بالمنطقة.
وتقول المجر إنها يجب أن تستعيد استقلالها المالي. ولم تكشف بعد عن التفاصيل الكاملة للاصلاحات الهيكيلية التي تعتزم تطبيقها. وشملت التدابير المالية حتى الآن ضرائب خاصة على البنوك وبعض قطاعات الشركات وما وصفته صناديق المعاشات بأنه اعادة تأميم فعالة لبرامج التقاعد الخاصة الإلزامية. ومن المنتظر أن تعدل الحكومة أيضا القانون الذي ينظم عمل البنك المركزي بهدف الدفع بمرشحيها إلى المجلس النقدي عندما ينتهي تفويض أربعة من أعضائه السبعة في مارس المقبل. وتمضي بلدان أخرى مثل رومانيا في تنفيذ اتفاقياتها مع الصندوق بالرغم من أنها تواجه وعلى غرار نظرائها في غرب أوروبا - موجة لا يمكن تجنبها من الاضرابات والاحتجاجات وغيرها من أشكال الاضرابات المدنية فضلا عن توترات متزايدة داخل الحكومات.
وما تجدر متابعته ان قد يتزعزع استقرار الأسواق في المنطقة ككل إذا ما خفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف المجر أو اتخذت الحكومة مزيدا من «التدابير غير التقليدية»، أي خطوة للعودة للتوافق مع الصندوق ستلقى ترحيبا وفشل صفقة أخرى مع الصندوق يمكن أن يهز الأسواق في أنحاء المنطقة.
وحقق الائتلاف الحاكم في لاتفيا نتائج جيدة نسبيا في الانتخابات في وقت سابق هذا العام ليثبت أن برامج التقشف لا تقود بالضرورة إلى الفشل في الانتخابات، لكن تخفيضات الانفاق أحيانا ما تضغط على الحكومات في دول أوروبية ناشئة أخرى وتدفعها الى حافة الانهيار. وأفلتت الحكومة الرومانية بصعوبة من اقتراعات لحجب الثقة هذا العام بسبب خطط خفض الانفاق فيما أضرت حالة عدم التيقن السياسي مرارا بأسعار الأصول.
وفي جمهورية التشيك توترت العلاقة بين الأحزاب الثلاثة الشريكة في الائتلاف الحاكم بعد النتائج المخيبة للأحزاب الثلاثة في مجلس النواب، ومن شأن مزيد من التوتر بين الاحزاب الثلاثة أن يقوض ثقة المستثمرين ويزيد من صعوبة الموافقة على الموازنة واصلاح نظام المعاشات والرعاية الصحية.
وفي المجر يتمتع تحالف «فيدس» وحليفه الحزب الديموقراطي المسيحي بأغلبية الثلثين واستفاد منذ ذلك بصورة كبيرة ليجرد المحكمة الدستورية من ولايتها القضائية على المسائل المتصلة بالمالية العامة. ويصف بعض المحللين ذلك بأنه ضربة للمراجعات الديموقراطية والتوازنات لكن الحكومة تبدو على وشك المضي في خطط وضع دستور جديد العام المقبل. وما تجدر متابعته انه من المؤكد أن تشعر الاسواق بالقلق من أي مبادرة على التوتر داخل الحكومات الائتلافية في أي من الدول الأوروبية الناشئة تتعلق ببرامج صندوق النقد، تبدو رومانيا محط الأنظار في الأغلب إذ من المرجح أن يواجه رئيس الوزراء إميل بوك الذي ينتمي لتيار الوسط محاولات متكررة للاطاحة به واثارة أزمة سياسية عاصفة. كما هو الحال في غرب أوروبا قد تجذب الاحتجاجات الواسعة انتباه المستثمرين لاسيما إذا ما اعتبرت انها تعرقل أو تبطل تاثير الاصلاحات بشكل صريح.
روسيا.. النفط والقيادة
في روسيا ستتطلع الأنظار إلى مقومات الزعامة لدى كل من رئيس الوزراء فلاديمير بوتين والرئيس ديمتري مدفيديف قبل الانتخابات الرئاسية التي تحل عام 2012 والتي قد يخوضها الاثنان.
وبوتين هو الطرف المهيمن على الساحة السياسية الروسية ووصفت برقيات ديبلوماسية أميركية سربها موقع ويكيليكس مدفيديف الأصغر سنا والأقصر قامة بأنه يلعب دورا ثانويا مثل «روبن» في أفلام «الرجل الوطواط» فيما يعلب بوتين دور الرجل الوطواط.
ويتوقع أغلب المحللين والديبلوماسيين عودة بوتين للكرملين في 2012 ويعتقدون أن روسيا ستكون مستقرة في ظل حكمه بالرغم من ان بعض المستثمرين لديهم مخاوف في الأجل الطويل من مثل هذا الاعتماد على فرد واحد. ويقول بوتين نفسه انه سيتخذ قرارا مع مدفيديف مباشرة قبل 2012 بشأن من سيخوض الانتخابات. وقد تظهر بعض البوادر بعد الانتخابات البرلمانية في 2011. وتعتمد روسيا أكبر منتج للطاقة في العالم بشدة على صادرات النفط والغاز وأي تراجع مستدام في أسعار خام أورال القياسي دون متوسط تقديرات الميزانية عند 75 دولارا للبرميل ستكون له عواقب وخيمة وربما يقوض مكانة بوتين، لكن ارتفاع الأسعار قد يعزز قبضة موسكو ويزيد المستثمرين حماسا. وما تجدر متابعته اتضاح خطط الانتخابات الرئاسية بالرغم من أن صدور بيان رسمي أمر مستبعد حتى قرب موعد الانتخابات، أي بوادر حقيقية على حدوث خلاف بين بوتين ومدفيديف قد تثير أزمة دستورية وتقلق المستثمرين.
وإحراز تقدم في مكافحة الفساد الذي يصفه مديرو شركات غربية بأنه أكبر عائق أمام أنشطة الأعمال في روسيا.
تركيا.. الانتخابات والتوترات
يعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الأوفر حظا للفوز بفترة ولاية ثالثة على التوالي من حكم حزب واحد في الانتخابات العامة المقررة في يونيو 2011 مدعوما بنمو اقتصادي قوي لكن الانقسام بين القوى الدينية والعلمانية يمثل نقطة توتر محتملة.
ويتهم خصوم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه اردوغان الحزب بأن له اجندة اسلامية بعيدة المدى غير معلنة فيما تفاقمت التوترات القديمة بين الحكومة والجيش العلماني بسبب محاكمات لضباط في الجيش متهمين بالتخطيط لانقلاب.
كما تجدد الجدل بشأن الحجاب وهو موضوع حساس يمس قلب الهوية الوطنية بعد أن أمر مجلس التعليم العالي جامعة اسطنبول بوقف طرد الطالبات المحجبات.
ويقول معارضو حظر الحجاب انه انتهاك للحرية الشخصية فيما يقول أنصاره انه أمر ضروري لمبادئ تركيا العلمانية.
وما تجدر متابعته تعليقات القائد الجديد للقوات المسلحة الجنرال ايسيك كوسانير مع بدء المحاكمات فيما يسمى مؤامرة «المطرقة» التي وقعت عام 2003 للاطاحة باردوغان وتمهيد الطريق أمام تدخل الجيش.
وأي خطوات حكومية لتخفيف حظر الحجاب أو محاولات لإعادة صياغة الدستور.
والعلاقات مع الولايات المتحدة - والتي تشهد توترا متزايدا بسبب تدهور علاقات أنقرة مع اسرائيل ـ والاتحاد الأوروبي المتعثرة بسبب خلافات بشأن قبرص.