في حين تخيم أجواء الأزمة الاقتصادية على موسم تسوق عيد ميلاد السيد المسيح في أغلب الدول الغربية فإن الصورة تبدو مختلفة تماما في استراليا حيث تمتلئ المتاجر الشهيرة التي تبيع السلع غالية الثمن بالزبائن وكذلك يصطف المئات من أجل الحصول على تذاكر حضور حفلات الفرق الغنائية الكبيرة رغم ارتفاع أسعار هذه التذاكر. والحقيقة أن كلمة السر وراء كل هذه الأموال التي تتدفق على جيوب الأستراليين هي الارتفاع الكبير في أسعار الخامات المعدنية التي تنتجها أستراليا وخاصة الفحم وخام الحديد حيث زادت هذه الأسعار 3 أضعاف.
وقد نشرت مجلة «فاينانشال ريفيو» الاقتصادية الأسترالية تقريرا حمل عنوان «كيف أصبحنا أثرياء بهذه الطريقة؟» حمل التقرير الكثير من الأدلة المدهشة على قوة الموقف المالي لأستراليا.
وعلى مدى العقد الماضي ظل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في أستراليا أعلى منه في اليابان ويقترب من المعدل في الولايات المتحدة.
وقد تضاعف هذا النصيب تقريبا خلال عشر سنوات من 21770 دولارا أستراليا إلى 42280 دولارا أستراليا (42420 دولارا أميركيا).
وعندما استضافت مدينة سيدني الأسترالية دورة الألعاب الأولمبية عام 2000 كان في أستراليا 8 مليارديرات فقط، ولكن الرقم ارتفع الآن إلى 31 مليارديرا. كما زاد متوسط ثمن خاتم الزواج إلى 15 ألف دولار.
وخلال العام الحالي سوف يستهلك الأستراليون في رأس السنة ما معدله زجاجة شمبانيا فرنسية واحدة لكل سبعة أستراليين وهو ما يتجاوز المعدل في الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا واليابان. والمعروف أن الشمبانيا الفرنسية هي من أغلى أنواع الخمور في العالم. وقد تضاعف معدل استهلاك هذا النوع في أستراليا أيضا خلال 10 سنوات.
وقد ظهر بوضوح علامات البذخ في الإنفاق من جانب هؤلاء الأثرياء الجدد حيث يمتلك على سبيل المثال كلايف بالمر إمبراطور التعدين في أستراليا عددا من الطائرات الخاصة وقد اشترى لابنته يختا طوله 30 مترا مقابل 3.3 ملايين دولار أسترالي كهدية في عيد ميلادها الـ 15.
يقول دينيس جلوفر الباحث في معهد «بير كابيتا» للأبحاث الاقتصادية إن «أجداد الطبقة العاملة اليوم لا يمكن أن يصدقوا مستوى معيشة الطبقة العاملة الآن.. فقد ارتفع مستوى معيشتهم خلال العقود القليلة الماضية بأكثر مما ارتفعت به خلال قرون خمسة مضت».
ويمكن ملاحظة ظواهر الإنفاق الكبير أيضا في سلاسل مطاعم الوجبات السريعة ماكدونالدز حيث تزدهر بشدة مبيعات الوجبات غالية الثمن مقارنة بالوجبات منخفضة الأسعار.
ويقول كلايف هاميلتون مؤلف كتاب عن اتجاهات المستهلكين في أستراليا، إن سونامي الأموال الذي هب على أستراليا مع إقبال الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان على الخامات المعدنية التي تمتلكها أستراليا فارتفعت الأسعار، أدى إلى ارتفاع كبير في مستويات المعيشة بالبلاد.
ويرتبط انهيار الفوارق بين الطبقات الغنية والمتوسطة والفقيرة بتنامي الرغبة في شراء المنتجات الراقية. كما أن الأمر لا يرتبط فقط بشراء المنتجات ذات الأسماء الشهيرة وإنما أيضا بسلوكيات أخرى تدل على الثراء مثل الاتجاه نحو التعليم الخاص وقضاء العطلات خارج أستراليا وشراء المنازل الفارهة. وخلال عطلة عيد الميلاد العام الحالي سوف يغادر أكثر من مليون شخص أستراليا لقضاء العطلة في الخارج مقارنة بعدد الذين سوف يأتون لقضاء العطلة فيها.