اعد مركز الاندماجات والاستحواذات (مارك) في كلية الأعمال البريطانية «كاس بيزنس سكول» التابعة لجامعة سيتي في لندن، دراسة دقيقة لسوق الاندماجات والاستحواذات عالميا موضحة قدرة أي بلد على اجتذاب ودعم نشاط الاندماج والاستحواذ، فضلا عن تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين من أجل التطوير.
ولفتت الدراسة الى أن عام 2011 سيكون عام الاستحواذ والتملك في المنطقة بعد ان استقرت الأسواق وبدأت معالم الأزمة في الرحيل، بما أن دول الشرق الأوسط والخليج تحديدا من الأسواق التي تملك الكثير من الفرص، خاصة مع وجود بيئة مشجعة. وصنفت الدراسة دولا مثل الإمارات والسعودية وقطر والبحرين وعمان والكويت بالإضافة إلى الأردن كأسواق «انتقالية»، فيما صنفت مصر كسوق «ناشئة» فيما يتعلق بنشاط الاندماج والاستحواذ.
ويعد مؤشر «كاس مارك لقياس نضج أسواق الاندماجات والاستحواذات» الذي يجرى برعاية «إرنست ويونغ»، و«آلن وأوفري»، و«كريديه سويس» و«مرجر ماركت»، هو الأول من نوعه، ويقوم بتصنيف مدى نضج 175 بلدا حول العالم فيما يتعلق بنشاط الاندماج والاستحواذ وفقا لبيئاتها التنظيمية، والاقتصادية، والسياسية، والتقنية، والاجتماعية والثقافية.
ويضم المؤشر معامل ارتباط مع نشاط الاندماج والاستحواذ بمعدل 0.81 نقطة، أي أكثر من ضعف معدل «مؤشر حماية المستثمرين» التابع لمجموعة البنك الدولي، والذي يضم معامل ارتباط بمعدل 0.30 نقطة.
وليس غريبا أن تتصدر القواعد التقليدية لنشاط الاندماج والاستحواذ، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية واليابان، التصنيفات، لكن آسيا بما فيها كوريا الجنوبية وسنغافورة وهونغ كونغ، تظهر أيضا كمنطقة واعدة لأغراض ممارسة صفقات الاندماج والاستحواذ.
وقد صنفت الدراسة الشرق الأوسط كمنطقة تقع في الوسط في مرحلة التطوير الانتقالي، على قدم المساواة مع الأسواق الانتقالية الأخرى مثل أميركا اللاتينية، ووسط وشرق أوروبا. وعموما، فقد أقر المؤشر أن منطقة الشرق الأوسط تحظى بأهمية متزايدة للمستثمرين، على الرغم من أن معدل تصنيفها الإقليمي 2.8 نقطة (أي ما يوازي المؤشر بحوالي 56%) يبين ضرورة القيام بالعديد من المشاريع التطويرية لتصبح منطقة «ناضجة» لأنشطة الاندماج والاستحواذ الداخلية والخارجية.
وعلى الرغم من أن المنطقة توفر بيئة سياسية مستقرة نسبيا بهيكل تنظيمي ملائم، إلا أن البحث أظهر أنها متخلفة عن اللحاق بالركب من حيث المشاريع التقنية، والاجتماعية والثقافية. ووفقا للدراسة فإن التطور التقني للبلد هو المحرك الأكثر أهمية لنشاط الاندماج والاستحواذ في مرحلة التطوير «الانتقالي»، موضحة وجود اختلافات بنسبة 40% في نشاط الاندماج والاستحواذ بين الدول. وعلق، رئيس خدمات استشارات الصفقات في شركة «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط وأفريقيا فل غاندير، على الدراسة بقوله «يتضح من واقع المعلومات التاريخية أنه كلما نضجت سوق الاندماج والاستحواذ بصورة أكبر وأوسع، تدفقت معها الصفقات المدعومة بصرف النظر عن الدورات الاقتصادية».
وقد أظهر أداء أسواق الاندماجات والاستحواذات في 2010 تنامي شهية المستثمرين لعقد الصفقات. كما أن المنطقة تمضي قدما في تطورها واجتياز المرحلة الانتقالية سريعة النمو، لتحوم حول زيادة تدفقات الصفقات حتى على الرغم من احتياج المزيد من الاستثمارات في التقنية والبنية التحتية المالية. وبتسجيل متوسط معدل 2.8 نقطة، فقد شهدت أسواق الاندماجات والاستحواذات الجديدة نسبيا في الشرق الأوسط تطورا سريعا خلال الأعوام الخمسة الماضية مقارنة بالأسواق الناضجة التي تحظى بتاريخ عريق في الاندماجات والاستحواذات يمتد لعقود عديدة.
وجاء تصنيف الإمارات في المرتبة 29 في المؤشر بتسجيل معدل عام مرتفع قدره 2.2 نقطة (حوالي 80%)، مما يعكس نضجها نسبيا فيما يتعلق بأغراض الاندماجات والاستحواذات الداخلية والخارجية. كما صنف المؤشر الإمارات كسوق «انتقالية»، إلا انه توقع لها أن تصل إلى مرحلة «النضج» مع توقع صدور تقرير تحديث المؤشر العام 2011. وأشارت الدراسة إلى تحقيق السعودية وقطر والبحرين وعمان والكويت نقاط مماثلة على المؤشر، تتراوح بين (2.6 ـ 2.9/ حوالي 52% ـ 58%)، وصنفتها أيضا كأسواق «انتقالية» تتمتع بمقومات النمو، وبدأت هذه الأسواق، التي تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للشركات الأجنبية، تصبح أكثر نشاطا في سوق الاندماجات والاستحواذات العالمية، إلا أنها بحاجة إلى مزيد من التطوير لتعزيز المخرجات التقنية وتحسين العوامل الاجتماعية والثقافية للوصول إلى مستوى سوق «ناضجة». وجاءت الأردن، التي تمثل الشرق الأوسط على امتداده، في ذيل فئة الأسواق «الانتقالية» بمعدل 3.0 نقاط، فيما صنفت مصر كسوق «ناشئة» بمعدل 3.1 نقطة على المؤشر. وعلى الرغم من تصنيف مصر في مرتبة قريبة من متوسط معدل السوق «الانتقالية» بالنسبة لعوامل القوانين التنظيمية، إلا أن انخفاض تصنيفها في العوامل السياسية، فضلا عن الضعف في العوامل التقنية، والاجتماعية والسياسية يعوقها عن الوصول إلى مرحلة التطوير الانتقالية.