أصدرت محكمة في موسكو الخميس حكما بالسجن 14 عاما على قطب النفط الروسي السابق ميخائيل خودوركوفسكي بعد إدانته بسرقة النفط وتبييض أموال، فيما اكد الدفاع ان الحكم جاء بناء على أمر من خصم خودوركوفسكي اللدود رئيس الوزراء فلاديمير بوتين.
وبهذه الإدانة سيمكث خودوركوفسكي وشريكه بلاتون ليبيديف في السجن حتى 2017 بعدما أخذت المحكمة في الاعتبار العقوبة التي أمضياها منذ توقيفهما في 2003 في إطار القضية الاولى المتعلقة بالتهرب الضريبي، مما يبعد معارضا رئيسيا لبوتين عن الساحة السياسية لسنوات مقبلة.
وقال القاضي فيكتور دانيلكين انه لا يمكن تعليق الحكم الصادر بحق المدانين.
وجاءت تلاوة الحكم في قاعة المحكمة المكتظة لتتوج أكثر المحاكمات إثارة للجدل في تاريخ روسيا ما بعد الحقبة السوفييتية، والتي قال ناقدون ان الهدف منها معاقبة خودوركوفسكي لتجرؤه على معارضة بوتين.
وذكر مراسل لوكالة فرانس برس من قاعة المحكمة ان امراة يبدو انها والدة خودوركوفسكي صاحت عند تلاوة الحكم «لعنة الله عليكم وعلى نسلكم». إلا ان رد فعل المدانين كان هادئا. وجاء الحكم على كل من خودوركوفسكي وليبيديف بالسجن 14 عاما لكل منهما، مطابقا تماما للعقوبة التي طالب بها الادعاء.
وقالت ليودميلا الكسييفا إحدى أبرز ناشطات حقوق الإنسان، ان الحكم «قاس ومعيب يظهر غياب المحاكم المستقلة في روسيا».
وصرحت لوكالة انترفاكس ان «محكمة مستقلة ما كانت لتصدر مثل هذا الحكم في هذه القضية الغريبة».
وسيبقى الرجلان في السجن حتى 2017 بعدما أخذت المحكمة في الاعتبار العقوبة التي أمضياها منذ توقيفهما في 2003 في إطار القضية الاولى المتعلقة بالتهرب الضريبي، حسبما ذكر موقع هيئة الدفاع عن خودوركوفسكي، الذي كان أغنى رجل في روسيا.
وصرح محامي الدفاع يوري شميدت للصحافيين عقب صدور الحكم «هذا ليس حكما، هذه قضية من انعدام القانون»، متعهدا بالطعن في الحكم.
واضاف ان «السلطة التنفيذية التي يترأسها بوتين مارست ضغوطا على المحكمة».
وعلق خودوروفسكي على الحكم بقوله في بيان قرأه احد محاميه «مثالنا دليل على انه لا يوجد في روسيا أمل في الحماية من البيروقراطيين. لكننا لن نصاب بالإحباط».
وكان القاضي دانيلكين دان المتهمين في وقت سابق من هذا الأسبوع في محاكمة ثانية تتعلق بتبييض الأموال والاختلاس، وهو الحكم الذي ادانته الولايات المتحدة والدول الأوروبية ووصفته بالانتقائي.
وفي رد فعل على الحكم أعلنت ألمانيا عن «قلق شديد».
وقال متحدث باسم المستشارة انغيلا ميركل ان «سير المحاكمة والحكم الصادر تثير أسئلة جدية بشأن احترام دولة القانون وتمثل خطوة الى الوراء على طريق تحديث روسيا الذي دعا إليه الرئيس (ديمتري) مدفيديف».
وفي واشنطن، ندد مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية «بالاستخدام المفرط للنظام القضائي خدمة لغايات ملتوية» من جانب الحكومة الروسية التي اعتبر انها «لا تستطيع تطوير اقتصاد عصري من دون تطوير قضاء مستقل في الوقت عينه». اما باريس فاتصلت بموسكو للإعراب لها عن «قلقها» إزاء الحكم الصادر، مذكرة على لسان وزارة الخارجية بان «تعزيز دولة القانون شرط أساسي لنجاح عملية تحديث روسيا».
وأعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون عن «خيبتها» إزاء هذا الحكم وقالت انها «قلقة بشكل جدي حيال الاتهامات التي تتحدث عن مخالفات خلال هذه المحاكمة». وطالب وزير خارجية بريطانيا من جهته روسيا «باحترام مبادئ العدالة».
بدوره قال رئيس البرلمان الأوروبي جرزي بوزيك في بيان ان أمام روسيا «طريق طويل» لتحديث نظامها القضائي. وكان القاضي صرح أمام المحكمة بأن «إصلاح خودوركوفسكي وليبيديف ليس ممكنا إلا بعزلهما عن المجتمع». وقضت اجراءات إصدار الحكم الروسية بان يتلو القاضي مئات الصفحات بعد إصداره حكما بالإدانة الاثنين قبل ان يعلن العقوبة.
وفي مشهد غريب تلا دانيلكين الادانة الكاملة دون ان يرفع عينيه عن الوثيقة او ينظر الى هيئة المحكمة، وكانت كلماته في الكثير من الأحيان غير مسموعة. ويقبع خودوركوفسكي في السجن منذ ان اقتاده رجال الامن الروسي عنوة من طائرته الخاصة في اكتوبر 2003.
وقال أنصاره انه يعاقب، لأنه تجرأ على تمويل معارضة بوتين الذي كان رئيسا في ذلك الوقت.
وكان خودوركوفسكي (47 عاما) يرأس «يوكوس» اهم شركة في القطاع النفطي وافضلها ادارة.
وفي المحاكمة الجديدة أدين بسرقة 218 مليون طن من النفط من شركة يوكوس في الفترة من 1998 وحتى 2003 وتبييض 487 مليار روبل (16 مليار دولار) و7.5 مليارات دولار من عائدات النفط. ووصف الدفاع التهم بانها مستهجنة للغاية، لأن كمية النفط التي قيل انها سرقت تعادل مجمل انتاج يوكوس في تلك الفترة.
واضاف القاضي في وقت سابق تهمة اخرى الى خودوركوفسكي وهي انه قدم جميع التقارير المالية باللغة الإنجليزية فقط.