- الكويت تتميز بحماية أكثر من دول المنطقة لارتباط الدينار بسلة من العملات
- عدم نزول سعر برميل النفط عن 90 دولاراً إجمالاً سيساعد على إيجاد صلابة اقتصادية قوية للدول الخليجية
منى الدغيمي
قال رئيس مجموعة الاستثمارات في بنك الكويت الوطني جورج ريتشاني ان المشاكل الاقتصادية لم تنته بعد في أوروبا وستتواصل في 2011 ولعل أبرزها ارتباط الكثير من البنوك الأوروبية بالديون السيادية التي قد تعرضها إلى مشاكل كبيرة لافتا بالقول: «يبقى السؤال حول رغبة الحكومات الأوروبية في إيجاد الحل».
وأضاف في تصريح صحافي على هامش الندوة التي نظمها بنك الكويت الوطني أمس حول توجهات الأسواق العالمية في عام 2011 أن الحل ليس سهلا بالنسبة للأزمة الأوروبية الحالية وعزا ذلك إلى تشابك المصالح والكلفة المالية الكبيرة التي قد تتعرض لها الدول الأوروبية الكبيرة مثل ألمانيا وفرنسا، مشددا على ان علاجها يتطلب تحركا للحكومات، واستدرك قائلا: «قد تكون هناك ممانعة من بعض الدول مثل ألمانيا لتوفير السيولة لمساعدة الدول الأوروبية التي تفتقر الى القدرة المالية للخروج من أزمتها».
وأشار إلى اقدام الولايات المتحدة على حث المستثمر على الاستثمار في الأصول الأكثر خطورة لتنشيط الاقتصاد، معتبرا ذلك دورا جريئا لأميركا في ظل الظروف الاقتصادية العالمية.
وقال ان هناك أخطاء كبيرة على مستوى السياسات النقدية قد تعرض الدول الناشئة إلى هزات مع ارتفاع مستوى معدل التضخم، مشيرا إلى أن هناك فرصا استثمارية في أسواق السندات تبقى كاحدى الأدوات المتاحة للاستثمار لهذه البلدان.
دول الخليج
ورأى ريتشاني أن دول الخليج كانت قادرة على حماية اقتصادياتها من الكثير من الهزات منها معدلات التضخم، مشيرا إلى إن الكويت تتميز بحماية أكثر من دول المنطقة نظرا لمرونة الصرف وارتباط الدينار الكويتي بسلة من العملات.
واضاف: «في المقابل الدول الخليجية الأخرى عملاتها مرتبطة بالدولار ودول أخرى كالسعودية تنفق إنفاقا كبيرا قد يساعد على زيادة معدلات التضخم»، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار السلع ومنها الأغذية قد يساعد اكثر على ارتفاع التضخم.
وقال ان تعرض الدولار الأميركي إلى ضغوط تنازلية في المستقبل قد يسهم في الضغط على بعض الدول.
وأكد على أن دول الخليج تعرضت إلى تحديات في الماضي وتمكنت من تجاوزها والكويت من الدول التي تتمتع بأداة مغايرة عن الدول المجاورة وهي مرونة سعر الصرف الذي قد يميزها خليجيا.
ولفت إلى أن دول الخليج باعتبارها دول مصدرة للنفط وعدم نزول سعر برميل النفط عن 90 دولارا إجمالا سيساعد على إيجاد صلابة اقتصادية قوية للدول الخليجية لمحاربة أي أزمة قد تطرأ نتيجة للأزمات الأخرى.
الإنفاق الاستثماري
ورأى ريتشاني أن الإنفاق الاستثماري مطلوب سواء على المستوى الخليجي أو العالمي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأميركية استخدمت عدة أدوات وعدة أساليب لخلق النمو الصناعي وحفزت المستثمر على الاستثمار في السياسة التسهيلية الكمية غير المسبوقة محاولة منها لتحفيز اخذ المخاطر لدى المستثمر، معتبرا ان هذه الأدوات بمنزلة جرعات لتعافي الاقتصاد على المدى المتوسط والخروج به من غرفة العناية المركزة.
لم يتوقع جورج ريتشاني تحركا لأسعار الفائدة على مستوى الكويت، مبررا ذلك بقوله: ان الهدف بالنسبة للكويت حاليا تنشيط الاقتصاد وتنفيذ الخطة التنموية التي أقرتها الحكومة.
ورأى أن أسعار الفائدة في الكويت ستحافظ على النسبة ذاتها لفترة طويلة، مشيرا إلى أنه بالرغم من وجود سلة عملات إلا أن الدولار مازال يمثل جزءا كبيرا من سلة العملات الكويتية، وهذا سيكون له تأثير من منطلق تحركات أسعار الفوائد بأميركا والذي قد يؤثر في تحركات أسعار الفوائد بالكويت.
وتابع: «لا اعتقد أن أسعار الفوائد الرسمية في العالم سترتفع، مستبعدا ارتفاعها حتى في أواخر 2012».
الديون السيادية
وأكد أن هناك محاولات كبيرة من الدول الأوروبية لكبح أزمة الديون السيادية، مشيرا إلى انه كلما اشتدت الأزمة كانت هناك فرصة لألمانيا كي تستغل الظروف لمصلحتها لإيجاد العلاج اما إذا كانت هناك مشكلة ولم يكونوا بالصلابة لإيجاد حل لمشكلة اليورو وتفكيكه فستؤثر على أوروبا ودول أخرى.
وقال تتعرض بعض البنوك الأوروبية إلى هزات من منطلق انكشافاتها على الديون السيادية، لافتا إلى انه إذا تخلت الدول الأوروبية على ارتباطها باليورو قد يكون في مصلحة بعض الدول دون الأخرى لكن لا اعتقد أن تسعى أي دولة أوروبية مهما كانت مصلحتها الى ذلك.
وأفاد بأن جزءا كبيرا من المساعدات ستكون من طرف ألمانيا وهذا سيكون فرصة تاريخية لألمانيا لفرض سيطرتها وسلطتها على الدول الأوروبية.
وتابع: «ما لم تحققه عبر الحرب العالمية الأولى والثانية في محاولتها للسيطرة على العالم يمكن أن تحققه اليوم من خلال هذه الأزمة التي قدمت إليها على طبق من فضة. فالحكومة الألمانية عليها أن تحقق المعادلة الصعبة بين استغلال هذه الفرصة السانحة والضغط المحلي من الشعب الألماني.
وأوضح أن توحيد العملة الخليجية يعتبر أقل تعقيدا من العملة الأوروبية لتشابه الاقتصاديات الخليجية واعتمادها على سلعة واحدة وهذا ما يجعل فرص الاندماج أسهل إضافة إلى عوامل أخرى مساعدة لكن في المقابل الاقتصاديات والتركيبة الاجتماعية للدول الأوروبية غير متشابهة ومتجانسة حيث هناك فوارق شاسعة بين الدول من حيث القوة الاقتصادية (دول فقيرة جدا وأخرى غنية).
ودعا الدول الخليجية إلى الاستفادة من الدروس والعبر الكثيرة التي خلفتها الأزمة الأوروبية لاسيما منها ضرورة السعي إلى أن تكون السياسة النقدية والمالية موحدة. وقال: «خطأ أوروبا الفادح أنها أوجدت سياسة نقدية موحدة ولم تنجح في توحيد سياستها المالية».
واستعرض في مداخلته حول «توجهات الأسواق العالمية في عام2011» 7 محاور أساسية لاسيما منها أداء الأسواق في 2010 وأهم الدروس المستفادة منها وابرز الأحداث التي مرت بها أسواق العملة والديون السيادية وحرب العملات أخيرا وأوضح في المحور الأخير لمداخلته ابرز توجهات الأسواق العالمية في عام 2011، مشيرا إلى أن معدلات الادخار الشخصية ستبقى مرتفعة في عام 2011 وتوقع أنه لا يمكن حل الاختلالات العالمية على المدى القصير.
من جهة أخرى رأى أن إقرار خفض الضرائب في الولايات المتحدة واعتماد إجراءات تحفيز إضافية قد ساهم في الوصول إلى توقعات أفضل حول السوق الأميركي، مما يمثل بدوره عاملا إيجابيا لاحتمالات الانتعاش الشامل على مستوى العالم.
وقال ان هذا العام لن يشهد تحركات من قبل البنك المركزي الأوروبي تجاه أسعار الفائدة التي تحوم حول الـ 1%، لافتا إلى أن الجمود في السياسة النقدية قد يفسر بان منطقة اليورو مازالت تشهد ضغوط تضخم محدودة يصحبها نمو بوتيرة معتدلة على مستوى بعض دول المنطقة.
ورأى أن الأزمة الأوروبية الراهنة يتطلب علاجها تدخل الحكومات، مشيرا إلى انه مع عدم سرعة التحرك سيظل لدى البنك المركزي الأوروبي شعور بضرورة التدخل وسيكون التحدي القادم للبنك العمل على تشكيل منطقة اليورو لتكون كيانا ماليا واقتصاديا أكثر تماسكا.