أحمد يوسف
دفعت المصارف المركزية على جانبي الأطلسي مليارات الدولارات الى الأسواق المالية في محاولة لتبريد الأجواء الساخنة فيها، إلا أن ردة الفعل جاءت عكسية إذ استمر تدهور أسعار الأسهم. فالمصرف المركزي الأوروبي أنزل 95 مليار يورو، وذلك في أول تدخل له في السوق منذ اعتداءات 11سبتمبر 2001.
وأضاف الاحتياط الفيدرالي الأميركي 24 مليار دولار الى النظام المصرفي الأميركي كاحتياط موقت لتأمين السيولة وتخفيض الفائدة على الآجال القصيرة. كما اتخذ مصرف كندا إجراء مماثلا. لكن هذه التدابير أدت فضلا عن ذلك الى تأزيم الوضع الناتج عن إخفاق قطاع الإقراض العقاري ما حمله على عرض ديونه السيئة للبيع. ففي (وول ستريت) شهدت الأسهم الممتازة (الرقائق الزرق) أسوأ يوم لها منذ أربعة اشهر.
وجاء اعلان بنك بي ان بي باريبا بأنه قد جمد السحوبات من ثلاثة صناديق استثمارية تبلغ قيمتها ملياري دولار من جراء (تبخر السيولة) ليصب الزيت على النار المشتعلة، مع ان الناطق باسم البنك صرح بأنها قضية تقنية، وأعرب عن أمله أن يكون الوضع مؤقتا.
كما ذكرت تقارير أن بنك غولدمان ساكس الأميركي قد تعرض للخسائر في صندوقي تحوط، وقد باع مواقع له فيهما، وهما صندوقان يتعلقان بالكمبيوتر.
فقدان البوصلة
وقد بدت الأسواق كأنها فقدت البوصلة، ولم تعد تعرف في اي اتجاه تسير، كما بدت أشبه بأعمى يسير وسط حقل من الألغام، ولم يكن أحد يعرف من يملك ماذا.
ما كان واضحا فقط أن المشكلة ليست أميركية، وان الديون عائدة لمؤسسات متنوعة، البعض منها معروف جيدا، والبعض كان يسمع به للمرة الأولى، والبعض الآخر سيسمـــع بــه فــي المستقبـل.
وكان تدخل البنك المركزي الأوروبي الأكبر من نوعه الذي يحصل في يوم واحد، وقد أعار المال الى المصارف بنسبة متدنية بلغت 4%، والمعروف أن المرة الأخيرة التي اتخذ فيها تدبيرا مباشرا كانت لدى انزاله الى الأسواق 100 مليار يورو لمدة يومين في أعقاب هجمات 11/9، وقد اعتبر تدخله بمنزلة عملية تصويب لضمان أوضاع أفضل في اسواق اليورو.
وقد حاول الرئيس الأميركي بوش تهدئة الوضع بإبلاغه الصحافيين بأنه من المستبعد أن تمتد مشكلة الرهونات العقارية الى قطاعات ديون أخرى، مؤكدا أن أساسيات الاقتصاد قوية. الا أنه أقر بضرورة حصول المستدينين الذين فشلوا في تسديد المستحقات عليهم، على ثقافة مالية أفضل، قائلا: (إننا نتعاطف مع الذين فقدوا منازلهم، لكن العديد منهم قد وقعوا على عقود دون أن يكونوا ملمين إلماما كافيا بها).
وكانت (أميركان هوم مورتاج) التي تعتبر أكبر مؤسسة إقراض عقارية، قد طلبت اعلان إفلاسها، فيما قدم أحد رئيسي بير ستيمز استقالته من منصبه بسبب (ذوبان) صندوقي تحوط يشرف عليهما، واضطرت (اي آي جي) التي تعتبر أكبر شركة تأمين في العالم الى بعث رسالة تطمين الى المستثمرين بإبلاغهم أنها تملك موجودات نقدية ضخمة، وليست مضطرة الى بيع أي من سنداتها للحصول على النقد من السوق التي تعمها الفوضى، وقد فقد سهم (كونتري وايدش، وهي أكبر شركة إقراض أميركية 17% من قيمته، كما انخفض سعر (واشنطن ليوتشويل) وهي أكبر مؤسسة ادخار واقراض 7%.
وقد بدا حاكم مصرف انجلترا المركزي مرفين كينغ، يسبح عكس التيار وهو ينفي وجود أزمة مالية، فقد عقد البندستاغ اجتماعا مع المصارف المعنية لترتيب كفالة بقيمة 3.5 مليارات يورو، للضحية الرئيسية (اي كي بي)، فيما انتشرت شائعات قوية في السوق المالية الألمانية عن مشكلات تعاني منها مصارف محددة، مما حمل (وست إل بي) الى نفي تعرضه لأي مشكلات.
كما قرر مصرف (ان اي بي سي) الغاء طرح عام مبدئي بسبب الاوضاع في السوق الاميركية، كما ان مجموعة مان البريطانية لادارة الصناديق قد أجلت تعويم أحد صناديقها لتدهور الأوضاع فـي السـوق.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )