رغم إجراءات التحفيز الكمية الأميركية تصاعدت المخاوف داخل دوائر صناعة القرار بالولايات المتحدة من التأثيرات السلبية المحتملة لازمات الديون والمصارف الأوروبية على الجهود الأميركية الرامية إلى الخروج من الركود الحالي وتحقيق معدلات نمو قوية عام 2011.
وأبدى مسؤولون ببنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي تخوفهم من المخاطر التي سيتكبدها الاقتصاد العالمي وخاصة الأميركي حال تراجع معدلات النمو الاقتصادي بدول منطقة اليورو ـ التي تبنت إجراءات تقشفية لمواجهة أزمة الديون السيادية ـ واستمرار التراجع في سوق العقارات بالولايات المتحدة رغم تسونامي الأموال الأميركية المتوقع بالسوق الدولية خلال الأشهر الأربعة القادمة.
وترى مؤسسات اقتصادية دولية ان أزمة الديون السيادية لم تعد قاصرة على الدول الصغيرة بمنطقة اليورو كاليونان وايرلندا بل باتت تهدد دولا كبرى مثل اسبانيا رغم إجراءات الانقاذ التي أقرتها المفوضية الأوروبية وسياسات التقشف الاقتصادي التي أثارت موجة من الاحتجاجات في عدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي. وفي محاولة للحد من تأثير الأزمات المالية الأوروبية حث صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة دول منطقة اليورو على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة احتمالات انتقال عدوى «أزمة الديون السيادية» الى الدول الأوروبية الكبرى من اجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
وفى السياق ذاته وافق بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي مؤخرا على تمديد الترتيبات المؤقتة لمقايضة العملات مع المصارف المركزية لكل من كندا وبريطانيا واليابان وسويسرا بالإضافة الى البنك المركزي الأوروبي حتى الاول من أغسطس القادم ـ بعد انتهاء فترة سريانها في الواحد والثلاثين من ديسمبر الماضي ـ لتخفيف حالة عدم الاستقرار المالي بالسوق الدولية واحتواء التداعيات الناجمة عن الازمات المالية بدول منطقة اليورو.
ومن جهة أخرى تجاهل بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي التحفظات الأوروبية والآسيوية بشأن خطته الرامية الى إغراق الاسواق الدولية بنحو 600 مليار دولار لدعم النمو الاقتصادي ومواجهة معدلات البطالة ـ التي ارتفعت الى 9.8% في نوفمبر الماضي ـ ومواجهة أزمة الرهن العقاري مما دفع العديد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين الى تبني إجراءات استباقية لمواجهة التداعيات السلبية الناجمة عن تسونامي الأموال الأميركية ومنع عملاتها المحلية من الارتفاع.
وفى المقابل حذرت مؤسسات اقتصادية أميركية وأوروبية واشنطن من احتمال ارتفاع معدلات التضخم من جراء خطة بنك الاحتياط الفيدرالي بشأن شراء سندات خزانة بنحو 600 مليار دولار في ضوء تدني معدلات الفائدة بالولايات المتحدة مشددة على ان تلك الخطة باتت تشكل مصدر تهديد لقيادة واشنطن للاقتصاد العالمي علاوة على أنها لن تفلح في دفع الصين الى زيادة سعر صرف اليوان. وأشارت الى ان التحركات الأميركية المنفردة لدعم نموها الاقتصادي عن طريق إضعاف الدولار بالسوق الدولية ينذر بحدوث ازمة مالية جديدة تعصف بالاستقرار المالي العالمي.
ومن جهة اخرى أوضحت مؤسسات اقتصادية دولية من بينها وكالة التصنيف الائتماني الدولية «موديز» ان السياسات التقشفية التي تتبناها دول منطقة اليورو غير كافية لاحتواء الأزمات الناجمة عن الديون السيادية رغم خطط الإنقاذ المالي التي تنفذ حاليا في اليونان وايرلندا.