عمر محمد
تعد عمليات البيع بالتجزئة المصرفية في القطاع المصرفي الخليجي احدى الوسائل المهمة التي تتبعها السياسات البنكية الخليجية من اجل تحقيق ايرادات كبيرة من شأنها العمل على انعاش السوق المصرفي الخليجي خلال السنوات المقبلة.
ويأتي احياء عمليات البيع بالتجزئة في القطاع البنكي بسبب القيود المصرفية على القروض الاستهلاكية التي وضعتها السلطات النقدية، ومن ثم فإن تنوع المنتجات المصرفية كان ضرورة من أجل احياء النشاط المصرفي لبعض البنوك وزيادتها بالنسبة لبنوك أخرى والتقرير التالي يحاول رصد الظاهرة مبينا أهميتها والأسباب المؤدية إليها.
ويمتلك البنك الوطني السعودي سببا وجيها ليكون راضيا عن أسلوبه المحافظ المعهود في مباشرة أعماله خلال عام 2006، فما قد يكون بدا حذرا غير مبرر لمنافسيه ساعده على ان يصبح البنك السعودي الوحيد الذي حقق نموا في الأرباح خلال الربع الأول من عام 2007.
لقد ساعد تقويم البنك الثابت للتداول على تقليل انجذابه للدخل الناجم عن سوق الأسهم خلال فورة ازدهارها في 2005 حتى أوائل 2006، كما انه سيساعده في المراحل الأقل ربحا في 2007.
ويولد البنك أكثر من نصف دخله من قطاع التجزئة، وفي هذا الصدد يقول المدير الاداري للبنك روبرت عيد: ان أكثر من 50% من أرباحنا يأتي من عمليات التجزئة.
ومع اننا نتوقع ان يبقى هذا الرقم أعلى من 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، الا انه سيكون سوقا واعدة.
وقد ساهم ذلك ايضا في تسجيل الوطني السعودي لواحد من أدنى معدلات القروض غير النشطة في البلاد، حيث بلغت النسبة 0.7% فقط من القروض.البنك العربي السعودي البريطاني فقط لديه نسبة أقل (0.4%) ويقول مسؤول في هذا البنك انهم يستخدمون اسلوبا متطورا في التقدير الائتماني اضافة الى الاستعانة بمكتب الائتمان السعودي لضمان الأهلية الائتمانية للمقترضين.
ومن أصل البنوك الـ 10 الرئيسية في السعودية أعلنت 6 منها عن زيادة في الديون المتعثرة والمرتبطة بشكل رئيسي بقروض استهلاكية استخدمت في الاستثمار في سوق الأسهم.
ويقول عيد ان القروض الاستهلاكية لا تسجل نموا بسبب الأنظمة التي فرضت لمنع ارتفاع حرارة السوق، ولأن العملاء لم يعودوا مهتمين بالاقتراض لشراء الأسهم.
من المؤكد ان البنوك تحتاج الى ان تركز اهتمامها أكثر على تطوير أعمال التجزئة، الا ان هذه ليست مهمة سهلة.
فمع القيود الصارمة على القروض الاستهلاكية يتعين ان يأتي معظم النمو من اجتذاب عملاء جدد، ولكن القطاع المصرفي السعودي يواجه نقصا في المهارات يحد من امكانات افتتاح فروع جديدة.
ويمتلك بنك الراجحي حاليا أكبر شبكة من الفروع تزيد على 400 فرع، بينما يمتلك البنك التجاري الوطني 256 فرعا وبنك الرياض 195، فلا عجب ان يكون الراجحي والتجاري الوطني من أكثر البنوك دخلا. ولكن التغلب على النقص في المهارات ممكن، فالشراكة بين البنك العربي الوطني وبنك ايتش اس بي سي الذي يمتلك 40% من أسهمه لها ميزاتها التي تساعده في محاولة زيادة عدد فروعه الـ 73.
ويقول المدير الاداري للبنك العربي الوطني انهم يوفرون قدرا كبيرا من التدريب ويستخدمون الكثير من الموارد التي صممها ايتش اس بي سي، كما انه بنك يتصف بالمركزية الأمر الذي يقلل من الحاجة الى اعداد كبيرة من الموظفين.
ولكن هذه القيود المفروضة على افتتاح الفروع قد تكون مفيدة، فالبنوك الأجنبية المنافسة التي تدخل السوق ستجد صعوبة في تطوير وجودها في المملكة. وكما يقول خبير محلي فإنه سيكون من الصعب على أي داخل اجنبي للسوق ان ينافس في مجال اعمال التجزئة لأنه سيكون لديه فرع واحد أو فرعان فقط، لذلك فمن المرجح انه سيركز على عمليات الجملة المصرفية وعلى العملاء من الشركات.
ومن المرجح ان تكون المنتجات الاسلامية عاملا رئيسيا في النمو في قطاع التجزئة، وسط نمو عالمي للأعمال المصرفية الاسلامية بنحو 15%.
ويقول المسؤول في البنك العربي السعودي ان فلسفة البنك هي الابقاء على بساطة تشكيلته من المنتجات مع بدائل اسلامية لكل المنتجات الرئيسية.
وهناك نمو أيضا في البطاقات الائتمانية مع حرص البنوك على استغلال هذه الامكانية. ولكن المنافسة ليست بضراوة المنافسة في أسواق بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى. ففي الامارات تحرص البنوك على تسليم البطاقات الائتمانية لطالبيها في اليوم ذاته، والا فانهم سيطلبونها من بنك آخر. ولكن العملاء السعوديين هم أقل استعجالا ولايزال بالامكان ارسال البطاقات اليهم بالبريد.
ان انشاء مكتب للائتمان وأنظمة الاقراض الصارمة أمور تنبئ بالخير لتطوير أعمال التجزئة المصرفية حتى ان كانت هذه الاجراءات ستحد مؤقتا من دخل البنك.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )