- طالب علي: مشاكل اليورو يمكن ان تتعرض لها العملة الخليجية في حال لم ننتبه للأخطاء التي وقعت فيها الدول الأوروبية
- حجاج بوخضـور: العملة الموحدة لو كانت موجودة حالياً وتتداول ما تأثرت مثل تأثر اليورو بالمتغيرات العالميـة
شريف حمدي
كلما لاحت في الأفق بوادر انفراجه لتحقيق حلم العملة الخليجية الموحدة تأتي الرياح بما لا تشتهي دول الخليج في هذا الشأن، فيظهر ما يزيد من صعوبة تحقيق هذا الحلم ويجعله بعيد المنال.
فما تشهده منطقة اليورو من عثرات في الوقت الراهن أدى الى انخفاضات حادة في قيمة العملة الأوروبية الموحدة أمام عدد من العملات وفي مقدمتها الدولار، وفي ظل السقوط المتتابع والمتوقع لاقتصادات بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بما يؤكد ان العملة الموحدة في القارة العجوز تواجه تحديات كبيرة لا يعلم أحد بمدى تداعياتها السلبية، يطل هنا في منطقة الخليج برأسه سؤالا مهما وهو هل ما يحدث لليورو يمكن إضافته لقائمة العراقيل التي تحول دون انجاز العملة الخليجية الموحدة في المنظور القريب على أقل تقدير؟
«الأنباء» استطلعت آراء فعاليات اقتصادية في هذا الأمر للتعرف منهم على أي مدى انعكاس أزمة منطقة اليورو في خروج العملة الخليجية الى النور، وهل يمكن إلغاء الفكرة برمتها وتصبح في طي النسيان؟ ام دراسة أخطاء منطقة اليورو لتلافيها؟ وكيف نتجنب السقوط في براثن أزمة مشابهة لدول الاتحاد الأوروبي؟
اختلافات جوهرية
في هذا السياق، قال رئيس مجلس إدارة شركة «الدولية للإجارة» حجاج بوخضور ان هناك ثمة اختلافات جوهرية بين اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي أبرزها ان اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي هو اقتصاد إنتاجي فيما يعتبر اقتصاد دول الخليج استهلاكيا بالدرجة الأولى، وبالتالي فإن اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي يتأثر بالأحداث الاقتصادية السلبية والأزمات المالية من خلال تراجع حجم الصادرات، في حين ان اقتصاد دول الخليج يعتمد على النفط كمصدر أحادي للدخل وهي سلعة تسوق نفسها بنفسها، ومن هنا يكون تأثير التقلبات الاقتصادية على العملة الأوروبية أكثر من العملة الخليجية.
وأضاف بوخضور ان اقتصاد الاتحاد الأوروبي يعاني من تباين هياكله وعناصره، فيما يعاني اقتصاد دول الخليج من خلل تنظيمي وليس في مكوناته، وبالتالي فإن عملة الاتحاد الأوروبي تتأثر سلبا أكثر من الاقتصاد الخليجي في وقت الأزمات وهو ما يحدث الآن لليورو، مشيرا في هذا الصدد الى ان العملة الخليجية الموحدة لو كانت موجودة حاليا وتتداول ما تأثرت مثل تأثر اليورو بالمتغيرات العالمية.
وأشار الى ان تشابه اقتصادات دول الخليج واعتمادها على مصدر واحد تقريبا وهو النفط بنسب متفاوتة يؤدي الى تماسك عملتها في مواجهة الأزمات، فيما تختلف مكونات اقتصادات الدول الأوروبية الى حد كبير وهو ما أدى الى تماسك اقتصادات بعض هذه الدول خاصة الصناعية الكبرى في حين تعرضت اقتصادات اخرى في منطقة اليورو الى مشاكل متفاوتة وهو ما ظهر بجلاء في اليونان وايرلندا وهو على عكس إسبانيا والبرتغال التي تواجه مشاكل أيضا ولكن بصورة أقل.
ولفت بوخضور الى ان عدد دول الخليج 6 دول فقط في حين يبلغ عدد دول منطقة اليورو 17 دولة بعد انضمام استونيا مؤخرا، وبالتالي فإن إمكانية دعم العملة الخليجية يكون أسهل وقت الأزمات وهو على عكس ما يحدث بالنسبة لليورو الآن وان كانت دول مثل ألمانيا وفرنسا تحاول بشتى الطرق دعم الدول التي تعاني من مشاكل مالية للحد من التداعيات السلبية التي قد تؤدي الى تفاقم الوضع بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة. وأكد ان ما يحدث لليورو من عثرات لن يؤثر أو يتسبب في تأجيل حلم العملة الخليجية الموحدة، لافتا الى ان المطلوب من دول مجلس التعاون حل المشاكل العالقة والتي تحول دون تحقيق الحلم والتي تتمثل في الفشل في تسريع وتيرة العمل بالاتحاد الجمركي الموحد وإيجاد آلية لتقسيم رسوم وإيرادات الجمارك على دول المجلس، فضلا عن عدم الاتفاق على مقر البنك المركزي الخليجي وإقناع الامارات بضرورة العودة الى المشروع كونها ثاني اكبر اقتصاد في منطقة الخليج. واوضح انه يمكن الاستفادة مما يحدث في منطقة اليورو واستخلاص الدروس والعبر لتلافيها، مشيرا الى انه يمكن العمل على تنظيم السياسة النقدية والمالية لدول الخليج من خلال إشهار بنك خليجي مركزي تسند اليه هذه المهمة. واعرب عن أمله في أن تسرع دول مجلس التعاون الخليجي في معالجة أوجه الخلل في هياكلها الاقتصادية، والعمل على إيجاد آلية لخفض الهالك الناتج عن فروقات الصرف بين العملات الخليجية وتوحيد ربط العملات بأوزان متفق عليها.
جرس إنذار
من جانبه أكد رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب لشركة الاستثمارات الصناعية د.طالب علي ان ما يحدث في منطقة اليورو في الوقت الراهن يعتبر جرس إنذار لكل العاملين على ملف انجاز العملة الخليجية الموحدة في دول مجلس التعاون، مشيرا الى ان المشاكل التي ظهرت للعملة الأوروبية يمكن ان تتعرض لها العملة الخليجية في حال لم تنتبه للأخطاء التي وقعت فيها الدول الأوروبية المنضمة لليورو. وشدد على ضرورة ان تكون هناك حلول مسبقة لكل المشاكل المتوقع حدوثها نتيجة التفاوت في قوة اقتصادات دول المجلس، مشيرا الى امكانية حدوث ذلك نظرا لتشابه دول المجلس في الاعتماد على النفط كسلعة رئيسية تقوم عليها اقتصادات هذه الدول. ولفت الى ان العزوف عن اقرار العملة الخليجية من قبل بعض الدول قد يكون وراءه أسباب غير معلنة منها على سبيل المثال مخاوف من تراجع سيادة الدول في اتخاذ قراراتها خاصة فيما يتعلق بالسياسات النقدية أو تحمل أعباء قد تنتج عن اقتصادات الدول الأقل منها في المستوى. وذكر علي ان هناك الكثير من الدروس المستفادة من أزمة منطقة اليورو أبرزها ان التوسع في عدد الدول يجب ان يكون بحساب وبشروط أو معايير تضمن حصر المشاكل في أضيق نطاق ممكن، كما يجب الانتهاء من السوق الخليجية المشتركة وتفعيل الاتحاد الجمركي الموحد.
وأشار الى انه من الصعب التكهن بالاستمرار في تنفيذ الخطوات الرامية الى اقرار العملة الخليجية الموحدة وتحقيق هذا الحلم من عدمه أو تأجيله الى أجل غير مسمى، مؤكدا فقط على ان العراقيل زادت وهو أمر غير ايجابي، داعيا في الوقت نفسه الى ضرورة الإسراع في تحقيق هذا الحلم نظرا للإيجابيات العديدة التي ستتمخض عنه والتي تتمثل في تقارب اقتصادات دول الخليج وزيادة حجم التبادل التجاري ووجود سياسة نقدية موحدة يجعلها أكثر قدرة على امتصاص تقلبات الأسواق العالمية، فضلا عن تشكيل كتلة اقتصادية مؤثرة في المنطقة.