منى الدغيمي
قال مسؤول الدائرة القانونية بمجموعة شركات كويتية وعضو المنظمة العربية للعلوم القانونية سعد الريس ان مشروع قانون المناقصات العامة الجديد الذي حمل رقم 154 لسنة 2010 لا يرقى إلى مصاف القوانين والتشريعات المثالية التي تضمن الشفافية التامة في إجراءات المناقصات وطرحها وترسيتها.
وأضاف في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان مشروع قانون المناقصات العامة الجديد يتضمن انحرافا تشريعيا وغير دستوري ويعتبر من القوانين الكارثية على الاقتصاد الوطني إذا ما أقر لكونه يخدم 90% من القطاع الخاص.
وحذر الريس السلطة التشريعية من إقرار مشروع قانون المناقصات الحكومي وأن عليها أن تستمع لوجه نظر القطاع الخاص والاستعانة بالطاقات الشبابية القانونية وأن تستمع لوجهة نظرها في مشروع القانون.
واستعرض الريس مجموعة من السلبيات التي تضمنها مشروع قانون المناقصات الجديد، مشيرا إلى أنه ينطوي على عدة ثغرات أو سلبيات تمثل منحنى خطيرا في تحقيق الشفافية والعدالة والتوازن المطلوب في هذا القطاع الحيوي مشيرا الى أن أهم السلبيات التي احتواها مشروع القانون كالتالي:
ـ تحويل كامل آليات وضوابط وشروط تسجيل وتأهيل وتصنيف الموردين والمقاولين إلى اللائحة التنفيذية دون تضمينها مشروع القانون.
ـ تحويل حق إلغاء ترسيه المناقصة من مجلس الوزراء إلى لجنة المناقصات.
ـ حق لجنة المناقصات في إلغاء المناقصة دون إبداء الأسباب.
ـ حق تحويل المناقصة إلى ممارسة دون ضوابط محددة قانونا.
ـ إلغاء عضوية ممثل الجهة الحكومية التي طرحت المناقصة لحسابها.
ـ حق لجنة المناقصات ترسية المناقصة على أفضل العروض وليس أقل الأسعار.
وأضاف الريس ان مشروع القانون الجديد احتوى على سلبيات كثيرة تحتاج إلى دراسة كبيرة ومتأنية، لافتا إلى أن لجنة المناقصات تملك صلاحيات أكبر وأوسع من مجلس الوزراء ومجلس الأمة والسلطة القضائية، متسائلا: كيف بنا أن نقبل بأن تكون للجنة المناقصات صلاحية إلغاء المناقصة أو ترسيتها دون إبداء أسباب؟
وتابع: انه ليس واضحا ان شركات القطاع الخاص المحلية والعالمية تقبل بمثل هذا التوجه في مشروع القانون الجديد وهي التي تكلفت مبالغ مالية للدخول في مثل هذه المناقصات من خلال التسعير ودراسة الجدوى والدراسات الفنية للمشاريع الحكومية وبالتالي يمكن للجنة المناقصات دون ضوابط محددة ومعلنة للجميع أن تقوم بجرة قلم بإلغاء المناقصة أو تحويلها إلى ممارسة أو ترسيتها أو عدم ترسيتها دون ذكر أسباب، فأين تكمن الشفافية في ذلك الإجراء وغيرها من الإجراءات التي حواها مشروع القانون الجديد؟
وقال: «هل ستقبل الشركات الوطنية والشركات العالمية أن تكون لجنة المناقصات هي الخصم والحكم وهي الآمر الناهي في الوقت نفسه؟ فإذا قبلت الكويت بمثل مشروع القانون هذا فبكل تأكيد أنه سيكون أرضية لتخلي الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب أصحاب الخبرات من العمل في الكويت خاصة أن هناك مناقصات بالمليارات تطرحها الجهات الحكومية ومن ثم يمكن لرئيس لجنة المناقصات إلغاؤها أو ترسيتها أو عدم ترسيتها دون ذكر أسباب، فهل يعقل أن نقبل تضمين القانون الجديد مثل هذه الصلاحيات الموسعة لرئيس لجنة المناقصات؟».
وشدد الريس على ضرورة أن يخدم أي تشريع جديد مرحلة التنمية المقبلة لا أن يعيدها إلى الوراء لأكثر من 50 عاما.
وأشار إلى أن إقرار مشروع قانون جديد للجنة المناقصات يعتبر نقلة نوعية هامة في تاريخ الاقتصاد الكويتي شريطة أن يولد قانون مثالي للمناقصات يوازي قوانين دول المنطقة، والذي يجب أن يهدف إلى إعادة هيكلة لجنة المناقصات العامة على أسس جديدة ومتطورة من شأنها تعزيز الثقة والجاذبية للقطاع بما يضمن توفير مزيد من الإفصاح والشفافية والحماية والعدالة في التعامل.
وأكد الريس أن إقرار قانون المناقصات خطوة مهمة واستراتيجية تخدم رغبة صاحب السمو الأمير في تحويل الكويت لمركز مالي وتجاري مهم في المنطقة مشددا على ضرورة دراسة المشروع الحكومي لقانون المناقصات، خاصة أنه لا يفي بالغرض والأهداف المرجوة منه، بل يكرس عدم الشفافية والمركزية التامة لدى رئيس لجنة المناقصات وهذا تجاوز كبير في فهم صياغة التشريعات القانونية التي يجب أن تكون الصلاحيات متوازنة بين أطراف العلاقة وألا تكون بيد شخص واحد يكون من خلالها هو الخصم والحكم وبالتالي تفقد تلك الهيئة أو اللجنة شفافيتها المطلوبة.
وطالب جميع المعنيين بدراسة أي خطوة نحو إقرار مشروع قانون ينظم المناقصات والمشاريع الحكومية وذلك لمقتضيات الدراسة والبحث وألا يأخذ منصب رئيس لجنة المناقصات أكبر من حجمه التشريعي المعهود.
وبين الريس أن أي مشروع قانون ينظم المناقصات لابد من تضمينه أسسا فنية وقانونية، منها وضع ضوابط وآليات دقيقة لطرح المناقصات وتأهيل الشركات وكذلك اختيار المكاتب الاستشارية ودور كل من لجنة المناقصات والجهات والوزارات والمؤسسات والهيئات العامة ذات العلاقة بالإضافة إلى ضرورة وجود توازن تشريعي بين السلطات والصلاحيات وألا تعلو جهة فوق الأخرى وأن توجد آلية واضحة للتظلمات والرد عليها لا تهميشها.
وأكد ضرورة أن يعي المشرع عند إقراره لمشروع قانون تنظيم المناقصات ضرورة أن يتضمن القانون الجديد مادة صريحة وواضحة حول كشف الذمة المالية لأعضاء لجنة المناقصات وأبنائهم وزوجاتهم على غرار قانون هيئة سوق المال الكويتي الجديد.
مقترحات لتعديل مشروع القانون
عدد الريس جملة من المقترحات لتعديل مشروع القانون الجديد للمناقصات وهي كالتالي:
1 - يمتنع على أي عضو في لجنة المناقصات أن تكون له مصلحه مباشرة أو غير مباشرة في المناقصات التي تطرح، وألا يمتلك أي نسبة في ملكية الشركات التي تشارك في العطاءات المختلفة.
2 - ضرورة وجود لجنة محايدة تتبع مجلس الوزراء لا لجنة المناقصات المركزية للفصل في المخالفات والتظلمات تتكون من لجنة تحقيق ولجنة استئناف تتكون من مستشارين قانونيين وعضوية ديوان المحاسبة وغيرهم من الخبرات الفنية المطلوبة ويتمتعون بالخبرة ويكون لها أن تستعين بجهات حكومية أخرى لتسهيل مهمة الفصل.
3 - ضــرورة أن تتمتــــع اللجنــــة باختصـــــاص النظر والفصل في جميع المخالفات التي ترتكبهــــا لجنة المناقصات المركزية والتظلمات المختلفة والتي تقع ضمن أحكام النظام واللوائح والقواعــــد والتعليمـــات الخاصة بقانون لجنة المناقصات المركزيــــة.
وشدد على ضرورة أن يراعي مشروع القانون الجديد فكرة السوق الخليجية المشتركة التي يهدف إليها العديد من المختصين وذلك حتى لا تكون الكويت خارج إطار هذا الهدف الذي يعد استراتيجية مهمة في التكامل الخليجي.
ولفت إلى أن أخطر مهمة تقوم بها السلطة التشريعية هي صياغة ومراجعة وإعداد التشريعات وعليها أن تعمل بجد وحرص كبيرين في أن تخرج بقوانين تتمتع بالحيادية والنظامية التامة.