منى الدغيمي
قال رئيس مؤسسة كامبريدج لبحوث الطاقة د.دانيال يرغين وهو احد الخبراء النفطيين العالميين ان بقاء سعر النفط عند حاجز الـ 110 دولارات للبرميل لا يشكل خطرا على مسيرة التعافي الاقتصادي العالمي على المدى الطويل.
واستعرض د.يرغين خلال محاضرة نظمها بنك الكويت الوطني أمس بعنوان (مستقبل الطاقة الجديدة) في مقر الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي واقع قطاع الطاقة على المستوى العالمي من خلال 4 محاور رئيسية، اولها العوامل الجيوسياسية التي تؤثر على القطاع والصناعة النفطية بشكل عام، ثانيا: العوامل المؤثرة في العرض والطلب وأثر ذلك على الناتج المحلي المستقبلي، ثالثا: الطاقة المتجددة والوقود الحيوي، ورابعا: التوقعات المستقبلية التي ستؤثر في القطاع.
العوامل الجيوسياسية
أوضح د.يرغين أن الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال الأسابيع الماضية يعود الى التطورات التي شهدتها مصر، وإلى المخاوف التي ظهرت من إمكانية تأثر إمدادات النفط عبر قناة السويس والتي يمر عبرها نحو 3 مليارات برميل سنويا، وهذا الواقع يعيد التأكيد على أهمية العوامل اللوجستية وأثرها في حركة أسعار النفط في الأسواق العالمية، مشيرا إلى ان قيمة قطاع الطاقة على المستوى العالمي تعادل نحو 6 تريليونات دولار.
ولفت إلى أن قطاع الطاقة يختلف في طبيعته وخصائصه عن القطاعات الأخرى سواء لجهة الاستثمارات الضخمة المطلوب ضخها فيه أو لجهة الوقت وطول المدة التي يتطلبها تطوير الصناعة النفطية وصناعة التكرير، قد تتخللها تأثيرات سياسية على المدى القصير.
وفي سياق حديثه عن العوامل الجيوسياسية تطرق إلى ان تصدير الغاز من أميركا إلى أوروبا ترك تداعيات مهمة على العوامل الجيوسياسية وأثر على روسيا لاسيما ان هذه الأخيرة كانت المزود الرئيسي للغاز الطبيعي إلى أوروبا.
العرض والطلب
وقال يرغين ان نظرية العرض والطلب تعتمد بشكل أساسي على التوقعات المرتبطة بنمو الناتج المحلي والعالمي على حد سواء، ولفت إلى ان التداعيات التي شهدتها الأسواق المالية العالمية خلال الأزمة المالية الأخيرة أرخت بظلالها على القطاع ما يعني ان هناك العديد من العوامل الرئيسية التي تؤثر فيه.
وأوضح ان نسب النمو التي تشهدها الأسواق الناشئة جعلت الطاقة العالمية تتوزع مناصفة بين الدول المتقدمة وتلك الناشئة، متوقعا ان تبلغ نسبة النمو نحو 25% على النفط وما نسبته نحو 35% على الطاقة خلال السنوات العشر القادمة، مشيرا إلى ان التطورات الاقتصادية في كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية تعكس هذا الارتفاع في الطلب على النفط، وقدم على ذلك مثلا بالقول ان الولايات المتحدة الأميركية كانت تضم في العام 2000 نحو 17 مليون سيارة مقابل 10 ملايين سيارة في الصين، أما اليوم فباتت نسب النمو نحو 10% في الصين.
تحديات الطاقة
ثم تطرق بعد ذلك إلى التحديات التي تواجه قطاع الطاقة وأهمها تحديات على مستوى ضخ الاستثمارات الضخمة في هذا القطاع في ظل تضاعف كلفة الإنتاج، في حين ان التحدي الثاني يكمن في نقل التكنولوجيا الحديثة في وقت باتت فيه هذه الأخيرة شديدة التعقيد، مشيرا إلى ان التحديث التكنولوجي دفع روسيا للتعاون مع كل من exxon mobil وbp للاستفادة من التقنيات المتطورة التي تستخدمها هذه الشركات والمساهمة في تطوير حقول إنتاج جديدة في منطقة البحر الأسود. أما حول العوامل المؤثرة في الأسعار فلفت إلى انه يمكن إيجازها في التأثير السياسي، الحاجة إلى رفع الطاقة الإنتاجية من الكهرباء، الحاجة إلى التطوير والتحديث، ارتفاع عدد السيارات، بالإضافة إلى العامل الأخير المتمثل في الوقود الحيوي.
الطاقة المتجددة
وعن واقع الوقود الحيوي لفت يرغين كونه جزء من التوجهات الدولية الحديثة في قطاع الطاقة كبديل عن مصادر الطاقة التقليدية خصوصا من النفط والغاز، إلى ان الوقود الحيوي بدأ يشهد تطورا لافتا منذ العام 2002 وشكل آنذاك ما نسبته نحو 2% من إجمالي قطاع الطاقة، متوقعا ان تصل نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في العام 2050 الى نحو 50% من الطاقة التي تحتاجها القارة الاوروبية، تتزامن مع سعي الشركات العالمية لتطوير منتجات تستفيد من هذه الطاقة المتجددة من بينها السيارات الكهربائية، في حين ان تنافسية الطاقة الشمسية تبقى مرهونة بالتطورات التقنية. واشار د.يرغين إلى انه رغم الآمال المعقودة على الوقود الحيوي كبديل عن مصادر الطاقة التقليدية، إلا ان التحدي الرئيسي أمام الطاقة المتجددة يبقى في ارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية لتشغيل هذه المنتجات، في الوقت الذي يقتصر فيه توليد الطاقة الكهربائية حاليا على الغاز كأفضل الخيارات المطروحة، وهو ما يقود إلى الاستنتاج بأن ارتفاع الطلب على السيارات الكهربائية يخفي خلفه ارتفاعا في الطلب على الكهرباء وتاليا على الغاز الطبيعي. واشار إلى أن الارتفاع في حدة المنافسة على الطاقة المتجددة بين الصين والولايات المتحدة من شأنه ان يحمل في طياته تحديات أخرى أمام هذه الصناعة.
التوقعات المستقبلية
وحول التوقعات المستقبلية قال يرغين ان مستقبل الطاقة مرتبط بصورة رئيسية بكيفية تفاعل الطاقة الحيوية والبديلة والمتجددة مع الطاقة الاحفورية إضافة الى تأثيرات الازمات المالية على الطاقة لاسيما اذا نشبت اي ازمة جديدة وتأثرت بها ايضا الدول الناشئة مطالبا مجموعة العشرين بالعمل المستمر والتنسيق الدائم في هذا الشأن.
دبدوب: وضع خطط طويلة المدى مرهون بالفهم الإستراتيجي للتوجهات العامة لصناعة الطاقة في العالم
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني إبراهيم دبدوب ان العوامل الجيوسياسية باتت من السمات العامة للاقتصاد العالمي، وبالتالي لم يقتصر أثرها على أسعار النفط، بل امتد ليؤثر على التخطيط الإستراتيجي والتطور والنمو على المدى الطويل.
وأضاف دبدوب ان مجتمع الأعمال وصانعي القرارات السياسية باتوا بحاجة لمعرفة الاتجاه العام لأسعار الطاقة والفهم الاستراتيجي للتوجهات العامة لصناعة الطاقة في العالم ليتسنى لهم وضع خطط طويلة المدى، مشيرا إلى أن العامل الأهم يبقى في السؤال: هل ستبقى الطاقة محرك النمو على مستوى المنطقة؟
وأوضح أن قطاع الطاقة بشكل عام لم يعد دوره مقتصرا على أنه مصدر لتحقيق العوائد وتعزيز الميزانيات فقط، بل انه بات يقود ويحرك خطط التنمية والإنفاق، إذ ان الانتعاش الاقتصادي وتوفير فرص العمل والوظائف بالإضافة إلى منح القطاع الخاص دورا أكبر يتوقف على التخطيط الحكومي الطويل الأمد والمرتبط بالنمو والتطور.
الزنكي: ارتفاع أسعار النفط ردة فعل لأحداث مصر
قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية فاروق الزنكي إن الأسعار الحالية للنفط تعتبر ردة فعل للأحداث السياسية الراهنة في مصر، معتبرا انه حدث مؤقت، سرعان ما تستقر الأوضاع وتعود الامور الى طبيعتها السابقة، ورأى انه من الافضل الا ترتفع اسعار النفط فوق مستوى 100 دولار.
وأضاف الزنكي في تصريح صحافي عقب محاضرة بنك الكويت الوطني مستقبل الطاقة الجديدة ان هناك ارتياحا على مستوى الاسعار الحالية، مشيرا الى الرغبة في ان تظل الاسعار الحالية وهي مستويات تناسب المستهلكين والمنتجين للنفط.