فواز كرامي
يعزو العديد من المحللين الارتفاع الكبير في اسعار الذهب الى هجوم المحافظ الدولية على الذهب وشرائه، ولكن السؤال البديهي هو: ما سبب هجوم هذه المحافظ على شراء الذهب؟
اجتهد العديد من المحللين العالميين في طلي توقعات الذهب بألوان براقة تخطف الابصار، اذ ذهبت التحليلات الى استشراف سعرية للذهب تتجاوز مستوى 525 دولارا للاونصة قبل نهاية العام بل حتى 550 دولارا للاونصة في المدى الطويل.
وذلك في ظل تزايد المخاوف حيال التضخم وافق الاقتصاد الاميركي والقلاقل الجيوسياسية، كما ان الارقام التي سجلت الاسبوع المنصرم كانت لافتة حيث ارتفعت اسعار الذهب لتحقق رقما قياسيا لم تحققه منذ 28 عاما في التجارة الاوروبية يوم الخميس الماضي في حين هبط الدولار امام العملات الاوروبية لاقل مستوياته وارتفع سعر برميل النفط الخام ما اظهر القلق في ارهاصات التضخم.
في حين ارتفعت اسعار النفط الخام بشكل حاد في الولايات المتحدة الاميركية بسبب تناقص المخزون الاميركي وبسبب الخطر الذي يشكله موسم الاعاصير ويعتبر الذهب الضمانة والحصانة الوحيدة من هذا التضخم.
وبهذا الخصوص يقول مدير مبيعات المعادن في درزنير كلينورت ديڤيد هولمز «السيناريو شرس جدا فهناك عمليات تأمين على الثروة من خــلال شراء الذهـب والتي تجعل اختزان الذهب امرا منطقيا».
تنتاب الشكوك اداء الاقتصاد الاميركي وبالتالي الدولار رغم قرارات الاحتياطي الفيدرالي الاخيرة، فيقول هولمز «ان ازمة الائتمان العالمية التي ولدتها ازمة قطاع الرهن العقاري الاميركية جعلت المستثمر يبحث عن سلامة امواله وثروته ولهذا السبب نجد الطلب العالي على شراء الذهب» وبنفس الصدد يقول مدير الابحاث فيبنك كاليون الاستثماري مايكل وايدمر «ان الفائدة التي اقتطعها الاحتياطي الفيدرالي جلبت العديد من الشارين الجدد للذهب حيث توقعوا ضعف الدولار».
ويضيف وايدمر «المستثمرون يتوجهون الى الذهب اليوم بينما يواصل الدولار هبوطه» موضحا «ان هذه الهجمة على الشراء للذهب قد تحمل سعر الذهب للوصول الى 800 دولار دون محطات توقف حيث ان اساسيات الاقتصاد وتقنياته تدعم وجهة النظر هذه».
أما رئيس الاستراتيجيات في فوركس كابيتال كاثي لين فأعطى نظرة عالمية لموضوع الذهب والاقتصاد الأميركي، موضحا «ان السبب وراء ارتفاع النفط والذهب هو الدولار الضعيف الذي لا يستطيع مقاومة التضخم وبما ان النفط يسعر بالدولار فدول منظمة «أوپيك» لها مصلحة في استمرار غلاء النفط ولذلك فإن اسواق الذهب تقول لنا الآن ان خطوات الاحتياطي الفيدرالي لا تتمتع بمصداقية كافية عند المستثمر وهذه الخطوات تعتبر غير كافية».
ويشير المحللون الى ان المضاربين على هبوط السعر يحاولون دفع السوق نحو التراجع، لكن السوق الآخذة في الصعود تمكنت من الحفاظ على قوة اندفاعها الى أعلى.
جدير بالذكر ان القفزات التي سجلتها اسعار الذهب خلال الأشهر الأخيرة حفزت ظهور تحليلات تتحدث عن فض علاقة الارتباط بين الذهب والدولار، حيث ذكر العديد من المحللين ان الفرصة مواتية لفك العلاقة التاريخية بين الدولار والذهب وقدموا دليلا على نجاعة فكرتهم بأن «اسعار الذهب تصعد في كل انحاء العالم، ولا ينحصر هذا الصعود على اسعار الذهب المقومة بالدولار، وانما يمتد الى اسعار الذهب المقومة بالعملات الرئيسية الاخرى، كاليورو والين والجنيه الاسترليني، وهو الامر الذي يطلق مرحلة جديدة لسوق الذهب، تتمثل أبرز معالمها في انفصال الذهب عن الدولار»، واعتبروا ان المرحلة الحالية التي تمر بها سوق الذهب العالمية مرحلة جديدة، تتميز عن المرحلة الأولى التي اتسمت بطغيان تأثير سعر الدولار على سعر الذهب، اذ ينخفض سعر الذهب مع ارتفاع سعر الدولار، والعكس صحيح.
واوضحوا انه في الوقت الذي سجلت فيه اسعار الذهب المقومة بالدولار ارتفاعات قياسية، في ظل سوق تتجه نحو الصعود، اتجهت اسعار الذهب المقومة باليورو والعملات الاخرى.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )