أعد المركز المالي الكويتي «المركز» اخيرا دراسة توقع فيها نمو حجم الأصول المدارة من قبل سوق الاستثمار في الكويت إلى 140 مليار دولار من حجمها البالغ حاليا 75 مليار دولار.
وتدين صناعة الاستثمار المحلية في الكويت بالكثير من الفضل إلى الهيئة العامة للاستثمار نظرا للدور الريادي الذي لعبته هذه الهيئة في دعم وتعزيز نمو وتطور هذه الصناعة.
ولقد بدأت عملية الدعم هذه برمتها في عام 1995 حين قررت الهيئة العامة للاستثمار دمج الشركة الكويتية للاستثمار مع الشركة الكويتية للتجارة والمقاولات والاستثمارات الخارجية لتكوين شركة استثمار أكثر قوة في القاعدة الرأسمالية.
وفي أعقاب هذه الخطوة، بادرت الهيئة العامة للاستثمار إلى إنشاء أول صندوق استثمار محلي وفوضت الشركة الكويتية للاستثمار بإدارة هذا الصندوق، كما زودت الصندوق بسلة جيدة من الأسهم المحلية. وفي مبادرة لاحقة، قامت الهيئة بتخصيص شركة بيت الأوراق المالية وشركة مجموعة الأوراق المالية في عام 1996.
وبفضل هذه الجهود، ارتفع عدد صناديق الاستثمار إلى 20 صندوقا بحلول عام 2000 مقابل 8 صناديق في عام 1990. وبلغت حصة الهيئة من هذه الصناديق 224 مليون دينار أو 38.25%، مستندة في ذلك إلى رأسمالها الإجمالي الضخم البالغ 664 مليون دينار. وجاء هذا الدعم المؤسسي من جانب الهيئة في أنسب الأوقات، حيث تميز سوق الكويت في أعقاب ذلك بأداء باهر وسيولة قوية، كما استفاد السوق من ارتفاع أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة.
وقد بلغت الأصول الاستثمارية المدارة (بصفة أمانة) من قبل نحو 75 شركة استثمار في الكويت ما مجموعه 21.3 مليار دينار (75 مليار دولار) خلال شهر مايو 2007، وهذا ما يمثل نحو 73% من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد.
وتتوقع دراسة المركز لهذا الرقم ان يبلغ 40 مليار دينار بحلول عام 2010 استنادا إلى توقعاتنا. ومن اللافت ان جزءا كبيرا من هذا المبلغ يتركز في المحافظ الاستثمارية للعملاء 53%، في حين ان نسبة 8% منه فقط مستثمرة في صناديق الاستثمار (الصناديق المشتركة).
ومن الناحية الفنية، وسعت شركات الاستثمار مجالات أنشطتها إلى مجموعة متنوعة من الأنشطة الأخرى مثل إقراض الأموال للعملاء، وإدارة صناديق الأسهم الأجنبية، وإدارة السندات/الصكوك، وإدارة الأصول المحفوظة كأمانات... إلخ ولكن كما تعكس الأرقام بوضوح، ينصب معظم التركيز على سوق الأسهم المحلي في الكويت، ويظل الشكل الغالب لإدارة الأصول متمثلا في الحسابات المدارة (بإدارة الشركة، بإدارة العميل، وحسابات الأمانة).
وكشف تحليل المركز عن النمو الهائل لشركات الاستثمار الإسلامية (التي تعمل وفق أحكام الشريعة) ومنتجاتها، فمن حصتها المتواضعة البالغة 19% في عام 2001، أصبح إجمالي أصول شركات الاستثمار الإسلامية يشكل الآن 58% من مجموع أصول شركات الاستثمار التقليدية.
ورغم ان صناديق الاستثمار (الصناديق المشتركة) تمثل شريحة صغيرة من إجمالي حجم الأموال المدارة، فإنها تشكل عملية وآلية نشاط إدارة محافظ العملاء، وبالتالي فإن بإمكاننا الاستنتاج جازمين ان أداء ومنظور صناديق الاستثمار ينعكس على النطاق الأوسع لإدارة المحافظ أيضا.
ويكشف تحليل المركز لصناديق الأسهم التقليدية والإسلامية المحلية ان القليل من هذه الصناديق فقط قد حقق بانتظام قيمة مضافة تتجاوز العوائد المعيارية المستهدفة.
وبالنظر إلى حجم هذه الصناعة، تتوصل دراسة المركز إلى نتيجة مفادها ان أداء شركات الاستثمار لم يكن جيدا للغاية قياسا بمعايير مثل الإفصاح عن المعلومات، وتنوع الأداء المستهدف، وعدم تنوع المنتجات، وتبعثر الصناعة، وتركز المحافظ، وغياب السمة المؤسسية للسوق، والهياكل الرقابية المتطورة.
ولقد سجلت صناعة الاستثمار الكويتية نموا مهما في الماضي، ومن المتوقع لهذا النمو ان يدوم ويتحسن. وقد صاحب هذا النمو أيضا أداء قوي مع تحقيق مدراء الأموال لأداء فاق بدرجة هامة الأداء المستهدف، مما وفر قيمة مضافة لأصول العملاء.
ومن المؤكد ان الأداء القوي المعدل بأوزان المخاطر لسوق الكويت سيجتذب اهتماما استثماريا داخليا وخارجيا، وخاصة من جانب المستثمرين الخليجيين.
غير ان تمثيل هذه الصناعة لقطاعات الاقتصاد الكويتي مازال محدودا مقارنة ببعض الدول المتطورة أو حتى الدول الخليجية. فالتمثيل المؤسسي للسوق ضعيف، وهذا قد يفسر تنوع مستوى الأداء المستهدف، ومحدودية تنوع المنتجات، وعدم كفاية الإفصاح عن المعلومات.
وتمثل الكويت السوق الخليجي الأقل قيودا على الملكية الأجنبية، ومع النمو المتوقع للاقتصاد الكويتي والسيولة في السوق والفرص المتوافرة فيه، لابد لهذه العوامل المواتية من ان تستقطب اهتماما من جانب المستثمرين الأجانب، وخاصة المؤسسات المستثمرة، غير ان هؤلاء المستثمرين يتصفون بدرجة عالية من التطور بطبيعتهم ويتطلبون معايير عالية من الإفصاح عن المعلومات والشفافية.
وبهدف الحفاظ على هذه الصناعة التي تنطوي على إمكانية النمو إلى ما قيمته 140 مليار دولار، فإن الوقت قد حان للبدء بمعالجة موضوعية وبناءة للمسائل والمشاكل الأساسية التي تواجهها. ومن المبادرات الرئيسية الممكنة في هذا المجال إعادة تفعيل جهود الحكومة على صعيد الخصخصة بهدف توفير الفرص لتدفق مزيد من الأصول الاستثمارية إلى السوق.
وبفضل ما تلقاه من دعم يتمثل في تحرير الاستثمار من القيود وتزايد الاتجاه نحو تطبيق أفضل الممارسات المهنية الدولية، فإن بإمكان صناعة إدارة الاستثمار في الكويت وبسهولة ان تضع المعايير للمنطقة وان تطمح إلى جذب قدر كبير من الاستثمار الأجنبي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )