- احتكار «نفط الكويت» للحقول النفطية يعد أهم عقبة أمام عمل القطاع الخاص بالإضافة إلى أن كل شيء في الكويت «مسيس لدرجة كبيرة»
أحمد مغربي
قالت نائب رئيس مجلس إدارة شركة كويت إنرجي م.سارة أكبر ان القطاع النفطي محتكر بشكل كامل من قبل شركة نفط الكويت، حيث ان الشركة مخولة من جانب الحكومة لإدارة العملية النفطية في الكويت بالكامل، مضيفة أن هذا الاحتكار يعد أهم عقبة أمام عمل القطاع الخاص في الحقول النفطية بالإضافة إلى أن كل شيء في الكويت «مسيس لدرجة كبيرة»، مشيرة إلى أن المجال النفطي في الكويت يتسم بالاتساع لكن العمالة فيه قليلة جدا لا تتناسب مع حجمه.
حديث م.أكبر جاء على هامش حضورها في الصالون الإعلامي في ندوته التي أقيمت مساء اول من امس والتي تأتي تزامنا مع الاحتفال بالعيد الوطني وبمناسبة مرور عشرين عاما على تحرير الكويت ومرور 5 سنوات على تولي صاحب السمو الامير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، حيث تعتبر أكبر السيدة الوحيدة التي شاركت ضمن فريق كويتي لإخماد حرائق آبار النفط التي سببها الغزو العراقي للكويت عام 1991.
واستهلت م.سارة أكبر حديثها في الندوة باستعراضها لمسيرتها العلمية والعملية، مشيدة بأجواء الحب والمودة التي كانت تسود القطاع النفطي في ذلك الوقت، مؤكدة على أهمية العمل الميداني للمهندس من أجل اكتسابه للخبرات والمهارات الفنية اللازمة، وقالت م.أكبر ان أول عمل قامت به في شركة نفط الكويت كان في البحر، مشيرة إلى أنها كانت تجربة قيمة بالنسبة لها حيث قضت عشر سنوات تعمل في المجال الميداني النفطي حتى كانت لحظة «الغزو الصدامي».
وأكدت أنه وعلى الرغم من الغزو إلا أنها أصرت على الذهاب إلى الشركة رغم الغزو وانتشار القوات العراقية وحصارها للأحمدي بالتحديد، وأضافت أنها كانت حريصة على الذهاب من أجل الحفاظ على المعلومات الخاصة بالشركة وكذلك أفلام الخرائط الخاصة بالحقول والآبار، وقالت م.أكبر «كنت أتمنى أن أكون إحدى شهيدات الكويت».
عمليات التخريب
أما فيما بعد التحرير، فقالت م.أكبر «لم نستطع أن نشارك الكويتيين الفرحة والاحتفالات بالتحرير لأننا كنا في مهمة أخرى ثقيلة وهي الانشغال بإصلاح عمليات التخريب التي طالت الآبار أثناء الغزو والعمل على إطفاء الحرائق التي أصابت الحقول بالتوازي مع عملية إعادة الإنتاج لأن النفط هو عصب الحياة في الكويت فكانت مهمتنا جسيمة وكبيرة جدا».
واستطردت م.أكبر «وأثناء مروري في أحد الشوارع وجدت سيارة مقلوبة وشعرت بدفعة إلهية تدفعني تجاه هذه السيارة وعندما نظرت داخلها وجدت أربعة ملفات تحتوي على أوراق وخرائط، وعندما بدأت أتعرف وأقرأ هذه الأوراق اندهشت جدا لأنها كانت تحتوي على خطة تخريب الآبار النفطية في الكويت، فحمدت الله سبحانه على هذه المنحة التي ساعدتنا كثيرا على معرفة وتحديد أماكن الضرر وحصرها بسرعة كبرى».
وفي إجابتها على سؤال حول عدم السماح لها بالعمل في حقول النفط، قالت م.أكبر انها عندما تقدمت للعمل في العام 1981 لم تكن هناك نساء يعملن في الحقول ساعتها وكان التبرير لذلك هو «أنهم لم يكونوا يريدون تحمل المساءلة الاجتماعية حول عمل المرأة الكويتية في حقول النفط في ذلك الوقت» إلا أنها أكدت على أن فيصل الجاسم هو من سمح لها بالعمل الميداني وكان ذلك مشروطا ببدء العمل في الثامنة صباحا وحتى الرابعة عصرا فقط.
وحول ما قاله رئيس الفريق الأميركي لإطفاء حرائق الآبار من أن معالجة هذه الآبار ستستغرق خمس سنوات، فقد عللت م.أكبر ذلك بأنه كانت هناك بعض المعوقات في ذلك الوقت وأهمها الدعم اللوجيستي لعملية الإطفاء خصوصا المعدات، وكذلك تفرق أماكن الآبار التي كان يجب التعامل معها وكثرتها. وقدرت م.أكبر حجم الخسائر التي سببتها تلك العملية التخريبية بنحو 28 مليار دولار جراء إهدار 6 مليارات برميل.
أفراح التحرير
من جانبه، تحدث الأمين العام لهيئة الملتقى الإعلامي العربي ماضي الخميس الندوة بحديثه عن أيام الغزو وأجواء وأفراح التحرير مستذكرا العديد من الذكريات التي ارتبطت بهذه الفترة من عمر الكويت، وصرح الخميس بأنه تزامنا مع احتفالات الكويت بالأعياد الوطنية سيعمل الصالون على استضافة العديد من الشخصيات التي كان لها دور أثناء هذه الفترة بشكل أو بآخر.
وقد شهدت الندوة عددا من المداخلات التي حاولت أن تتعمق أكثر في تجربة م.سارة أكبر وفي خيارات وواقع المجال النفطي في الكويت والذي يمثل الثروة الأهم بالنسبة لها، حيث كانت المداخلة الأولى حول الاتصال مع القيادة الكويتية أثناء التعامل مع الحرائق التي شهدتها آبار النفط وأثناء الغزو، حيث أكدت م.أكبر على أنه بالفعل كانت هناك اتصالات بين مجموعة من الشباب العاملين في الحقل النفطي آنذاك وبين القيادة الكويتية في الخارج والتي كانت حريصة على المتابعة اليومية لما يحدث على الأرض من أحداث ومستجدات.
تقدير الدولة
أما الكاتبة الصحافية دينا الطراح، فقد أبدت استغرابها من عدم حصول م.سارة أكبر على التقدير اللازم من قبل الدولة على ما قامت به من مجهودات أثناء الغزو وبعده ـ على حد قولها ـ مضيفة أن م.أكبر لها تاريخ وطني مشهود وانجازات مهمة ولم تحصل على التقدير الذي يجب أن تحصل عليه.
من جانبها، تساءلت الإعلامية نجيبة العوضي عن رغبة المهندسات الكويتيات في العمل في القطاع النفطي ما بين العمل الميداني والإداري، حيث أشارت م.أكبر الى أن عملية بناء مهندس متخصص عملية ليست سهلة وتتطلب العمل الميداني بشكل مباشر، وأضافت بأن هناك من المهندسات الكويتيات ممن يعملن في القطاع النفطي الميداني وهناك من يعملن أيضا في القطاع الإداري وكلهن متفوقات ويمتلكن من المهارة الفنية الشيء الكثير.
وفي مداخلة أخرى حول الحقول البحرية واستثمارات الشركة في مصر أكدت أكبر على أن الحقول البحرية كلها مستعملة وتنتج كذلك حسب الاتفاقيات بين الكويت والدول الأخرى المشاركة في هذه الحقول وهناك عملية تطوير تجري لحقل «الدرة» البحري من أجل تجهيزه للعمل والإنتاج.
لم يتوقف العمل في مصر
أما بالنسبة لاستثمارات «كويت انرجي» في مصر، فأكدت م.أكبر على أن الشركة تملك عمليات كبرى في مصر ومشاريع متعددة وأن هذه المشاريع لم تتأثر مطلقا بأحداث الثورة المصرية التي أثنت عليها كثيرا، وقالت «كنا نتابع الأحداث لحظة بلحظة وان ما حدث في مصر هو فاتحة الخير التي سوف تفتح الأبواب أمام مستقبل مشرق في جميع قطاعات المجتمع». وأضافت أنه خلال فترة الثورة لم يتوقف العمل لحظة واحدة باستثناء عمليات الحفر في بئر «أبو سنان» في الصحراء الغربية ولمدة أسبوع فقط بسبب العمليات اللوجيستية.
وحول صفقة الداو وخصخصة القطاع النفطي أكدت م.أكبر على أن الخصخصة هي اتجاه صحيح، لكن عندما تدخل السياسة في عمل القطاع النفطي لا تسير الأمور على ما يرام، مشيرة إلى أن صفقة الداو كانت ستضيف إلى القطاع النفطي الكويتي الشيء الكثير. كما أشارت إلى مسألة الاحتكار التي تمارسها شركة نفط الكويت وتأثير ذلك بالسلب على القدرة الإنتاجية لقطاع النفط وكذلك عدم فتح الباب أمام الشركات الخاصة من أجل إحداث نوع من أنواع المنافسة تكون فيه الكويت هي المستفيد الأكبر وينعكس على جودة المنتج بالإيجاب.
بينما كانت مداخلة عبدالله الهاجري حول الادعاءات العراقية حول حقول الشمال واستيضاح هذه المسألة، ومن جانبها أكدت م.أكبر على أن تلك الادعاءات كانت تتعلق بحقل الرميلة وهي في الأساس ادعاءات باطلة ولا أساس لها من الصحة، لأن أي حقل واقع بين دولتين لابد وأن يخضع إلى اتفاقية تحكم وتنظم عملية الإنتاج بين الدوليتين كما هو حاصل بين الكويت والسعودية مثلا، وأكدت كذلك على أنه هناك عدة مشاورات ومباحثات بين وزارتي النفط في الكويت والعراق حول تلك المسألة لأن هناك ثلاثة حقول مشتركة بين البلدين.
فريق كويتي
وأضافت م.أكبر أن هناك فريقا كويتيا من فرق التعامل مع حرائق آبار النفط قد شارك في عمليات إطفاء للآبار العراقية بعد ما يعرف بعملية تحرير العراق في 2003، وقد تم قبول هذه المهمة عندما عرضت على الشيخ أحمد الفهد من قبل الجيش الأميركي، ورأت م.أكبر في ذلك خطوة مهمة جدا في إطار تحسين العلاقات بين الشعبين الكويتي والعراقي لأن العراق في الأخير هي جارة دائمة للكويت وأن ما جرى في عام 1991 كان من صنع النظام الصدامي وليس من صنع الشعب العراقي، على حد قولها.
وحول تحويل الكويت لمركز نفطي، أشارت م.أكبر إلى صعوبة ذلك لعدة أسباب منها مساحة الكويت كدولة ومنها أيضا نسبة التلوث التي تخلفه هذه الأعمال ارتباطا بمساحة الكويت المحدودة. من ناحية أخرى أكدت على أن مستقبل النفط في الكويت أو في أي مكان آخر عادة ما يرتبط بأمور اقتصادية وفنية وسياسية وليس كما هو متخيل أنه مرتبط بحجم الاحتياطي فقط.
خسائر الاحتلال بالأرقام
تم حرق ما يقرب من 6 مليارات برميل من النفط الخام في أكثر من 600 بئر تم حرقها، وبلغ حجم التعويضات المقررة من قبل الأمم المتحدة جراء الاحتلال العراقي 28 مليار دولار، وتم إطفاء نحو 42 بئرا بسواعد وخبرات كويتية من أصل 600 بئر جرى إطفاؤها بعد التحرير.
100 مليار برميل الاحتياطات النفطية للكويت
قالت م.اكبر ان شركة نفط الكويت تحتكر كل الأنشطة في القطاع النفطي بداية من الاستكشاف حتى التصدير، ورغم ذلك لم تتمكن من تطوير سوى 25 حقلا من أصل 99 حقلا منتجا في الكويت، ما يعني الحاجة الشديدة إلى إدخال شركات خاصة في الاستثمار في القطاع النفطي وخلق المزيد من فرص العمل مستقبلا.
ونادت م.أكبر بضرورة إحياء فكرة مشروع الكويت وتطوير حقول الشمال على وجه السرعة، لاسيما ان الحقول النفطية بالكويت تعتبر من أفضل الحقول على مستوى العالم لسهولة الاستخراج منها وقلة تكلفة البرميل الذي لا تتعدى تكلفة استخراجه عن 2 – 3 دولارات بينما تصل الى 50 سنتا في بعض الحقول مثل الوفرة.
وأكدت م.اكبر ان الاحتياطات النفطية للكويت تقدر بنحو 100 مليار برميل وفقا للمسوحات الحالية، حيث يمكن ان يكتشف العلم الحديث في سنوات مقبلة المزيد من الاحتياطات بخلاف الأرقام الحالية، فالأمر يتوقف على طبيعة التكنولوجيا المستخدمة في الاستكشاف.
وحول تباطؤ مؤسسة البترول في استخراج المزيد من الغاز اللازم لمواكبة التطورات الحالية في حركة العمران واحتياجات محطات الوقود، قالت م.اكبر ان هناك تأخرا في إنتاج الغاز بالكويت نظرا لصعوبة التعامل مع حقول الغاز، خاصة إذا كان المكمن عميقا جدا، وتوقعت اكبر الوصول الى معدل انتاج نصف مليون قدم مكعبة من الغاز يوميا في غضون 5 سنوات مقبلة ومن خلال الاستعانة بالخبرات العالمية مثل شركة شل يمكن تعظيم إنتاج الكويت من الغاز.