بقلم: فادي مجدلاني وأليساندرو بورغونيا «بوز أند كومباني»
يبدو الوقت الراهن مثاليا لتعزيز دمج العمليات الدولية وتوحيدها بهدف زيادة الموارد والثروات حول العالم.
ويمكن لهذه الاندماجات والشراكات أن تساعد الشركات العالمية الكبرى في مجال الطيران، على أن تقطع شوطا طويلا نحو خفض التكاليف خفضا كبيرا عن طريق الحد من المنافسة، واستخدام القوى العاملة والطائرات بكفاءة أكبر، وإعادة تحديد شبكات الخطوط والرحلات للتخلص من التكرار والازدواجية.
لكن هذه العمليات والصفقات العالمية ليست في المتناول بعد، ذلك أن تحقيق الشركات الكبرى للعولمة دونه تحديات وعقبات كثيرة، من بينها القيود التنظيمية، ولكن إذا كان لهذه الشركات أن تبقى وتنمو فإن عليها التصدي لهذه المشاكل والتغلب عليها.
تفرض غالبية البلدان قيودا صارمة على الملكية الأجنبية لشركات الطيران، ففي الولايات المتحدة لا يمكن لغير الأميركيين أن يمتلكوا أكثر من 25% من الأسهم التي تسمح لأصحابها بالتصويت، وبسبب هذه القيود تبتعد معظم شركات الطيران الكبيرة عن عمليات الدمج الدولية، وتضطر للاكتفاء بالاندماجات المحلية، والواقع أن العمليات الأخيرة تساعد غالبا في خفض الأسعار في الأسواق المشبعة، لكنها لا تحقق شيئا يذكر لجعل شركات الطيران تستفيد من إمكانات النمو في الأسواق الصاعدة مثل الهند والصين، وفي هذا السياق، يقول الشريك في بوز أند كومباني فادي مجدلاني: «قيود الملكية ليست سوى مجموعة من الأنظمة القومية المتبقية التي تضطر شركات الطيران التقليدية للتعامل معها، وما يثير الإحباط ويصعب التعامل معه تلك السياسات المتضاربة ـ وأحيانا غير المنطقية ـ التي تفرضها الحكومات في كثير من البلدان».
وتسعى هذه الشركات الأخيرة حاليا بقوة إلى الظفر بركاب الدرجة السياحية فيما تستفيد بالفعل من مكاسب درجة الأعمال، علما أن رساميلها تأتي من الأموال الحكومية، وتعمل تقريبا معفاة من الضرائب، وهي مجهزة بأساطيل من الطائرات الحديثة ذات المعايير الموحدة، وتعمل انطلاقا من مطارات جديدة براقة، ويعمل فيها عمال غير منتمين إلى نقابات، وتقدم خدمة راقية.
وفي هذا الصدد، يقول المدير في بوز أند كومباني، أليساندرو بورغونيا: «شهد قطاع الطيران على المستوى العالمي في العقد الأخير ارتفاعا مستمرا في عدد الركاب والعائدات، كما ان الأسواق الناشئة حققت معدلات نموا أكبر من سواها في هذا المجال، وإذا أخذنا الشرق الأوسط مثالا، فإن العالم شهد من 2005 الى 2009 ارتفاعا للعائدات قياسا بعدد الركاب ـ كيلومتر (rpk) بمعدل سنوي مركب مقداره 4%، فيما بلغ نمو القطاع في الشرق الأوسط معدل 13%».
سبل المواجهة
وفي مواجهة هذه التحديات العالمية الجديدة، ومع تسبب شركات الطيران التي تقدم خصومات ضخمة بتراجع للإيرادات في أسواقها، كيف يمكن لشركات الطيران التقليدية المخضرمة أن تواجه في السنوات المقبلة الوضع في صناعة تعتبرها في جزء منها حمائية وفي جزء آخر معولمة؟
وبالنسبة إلى بعض شركات الطيران وعندما تكون ظروف العمل صعبة بالفعل، يمكن للتدفق النقدي الثابت وخفض النفقات العامة عبر الإدارة الداخلية ـ في شكل خدمات مشتركة ـ للنشاطات الإضافية مثل تكنولوجيا المعلومات، وتوزيع الأغذية، وعمليات الصيانة والإصلاح والترميم، أن تكون استراتيجية ذكية، وغالبا ما لا تحقق اتفاقات الاستعانة بمصادر خارجية النتائج المرجوة، وذلك لأن هذه الاتفاقات قد لا تكون مدروسة بشكل كاف، وتفتقر على سبيل المثال إلى حوافز قوية لتحسين التكلفة.
وإلى أن تثمر هذه التحالفات بشكل روتيني عائدات أعلى وكفاءة أكبر، على شركات الطيران أن تفكر في عقد مزيد من الاتفاقات الثنائية والمتعددة الأطراف التي لا تنطوي على عدد كبير من شركات الطيران لكن تحقق التآزر والتفاعل على نطاق أصغر ولكن فعال.
ويخلص الكاتبان للقول بأنه على الرغم من أن السياسات الوطنية لطالما وقفت ضد عمليات التوحيد الجدية العابرة للحدود في صناعة الطيران، يرجح ألا تسمح القوى الاقتصادية للعولمة بالحفاظ على الوضع القائم إلى ما لا نهاية.
فعلى مدى العقد المقبل، ستكون احتمالات حدوث تغيرات كبيرة في المواقف السياسية تجاه عمليات اندماج شركات الطيران الدولية مرتفعة بما فيه الكفاية بحيث يجب على كل لاعب رئيسي في هذه الصناعة الاستعداد لها، وستصبح المهارة في دمج الثقافات المتنوعة تحديا تنافسيا حاسما.