- النمو في أرباح البنوك ناتج عن انخفاض قيمة المخصصات.. وبعض المصارف لاتزال متأثرة بتعثر بعض الشركات الاستثمارية وبعض القطاعات العقارية
- أرباح المصارف التقليدية بلغت 419.1 مليون دينار والإسلامية 156.2 مليون دينار في 2010
- المنافسة بين البنوك ستحتدم في الفترة المقبلة على استقطاب عملاء.. والمتواجدة إقليمياً ستكون أقل عرضة لضغوط هذه المنافسة
هشام أبوشادي
أظهرت نتائج البنوك الكويتية عن العام 2010 عودة مختلف وحدات القطاع إلى الربحية. وإذا كانت مثل هذه النتائج تكتسب أهمية كبيرة على طريق التأكيد على ان المصارف المحلية دخلت بالفعل مرحلة التعافي، إلا ان القراءة المتأنية في نتائج بعض الوحدات يعكس تفاوتا بين مصرف وآخر. وفي خضم هذه القراءة، تعيد النتائج التأكيد على ظاهرة تفوق بنك الكويت الوطني في السوق المحلية واستمراره في اتباع نموذج متحفظ في أعماله مكنه خلال العامين الماضيين من تحقيق أرباح فاقت ما يزيد على ضعف تلك المسجلة لدى أقرب منافسيه، مع الإشارة إلى ان أرباحه بلغت ما نسبته نحو 53% من إجمالي أرباح القطاع.
ويقود التحليل حول استشراف التوقعات المستقبلية المحيطة بالقطاع إلى التأكيد على وجود عدة تحديات ناتجة عن استمرار أزمة بعض شركات الاستثمار وبعض أفرع القطاع العقاري، علما ان هذه المعطيات تطغى عليها توقعات إيجابية مع زيادة الإنفاق الحكومي وتوقع طرح المزيد من المشاريع بموجب خطة التنمية. فما هي أبرز ملامح القطاع المصرفي في ضوء نتائج العام 2010؟
بلغ إجمالي أرباح المصارف الـ 9 العاملة في البلاد ما قيمته 575.3 مليون دينار مقسمة بين 419.1 مليون دينار للبنوك التقليدية و156.2 مليون للاسلامية في 2010 مقارنة بما قيمته نحو 355.7 مليون دينار كما في نهاية العام 2009، اي بزيادة نسبتها نحو 61.7%، وتكمن أهمية هذا النمو في انه يعكس عدة مؤشرات إيجابية كما انه يؤسس لقاعدة متينة لاستعادة الاقتصاد الكلي لتعافيه، مع التوقف عند النقاط التالية:
1 ـ سجل بنك الكويت الوطني الربحية الأعلى على مستوى القطاع، وبلغت أرباحه 301.7 مليون دينار اي نحو 1075 مليون دولار متخطية بذلك عتبة المليار دولار، تلاه بيت التمويل الكويتي بأرباح 105.9 ملايين دينار، ومن ثم البنك الأهلي بما قيمته 53.1 مليون دينار.
2 ـ تظهر النتائج ان أرباح كل من بنك الكويت الوطني وبيت التمويل الكويتي شكلت ما نسبته نحو 70.8% من إجمالي أرباح القطاع.
3 ـ أكد «الوطني» مجددا صدارته في السوق المحلية مع الإشارة إلى ان البنك حافظ مع نهاية هذا العام على سمة جديدة في القطاع كرسها في مرحلة ما بعد الأزمة وتتمثل في توسيعه الفارق في قيمة الأرباح مع أقرب منافسيه إلى ما يزيد على الضعف.
4 ـ باستثناء التراجع المسجل لدى كل من بيت التمويل الكويتي وبنك برقان بنسب 10.8% و25%، فإن جميع الوحدات المصرفية سجلت نموا في أرباحها مع نهاية العام الماضي.
5 ـ تحولت مختلف المصارف إلى الربحية، بعد ان كان كل من بنك الخليج، بنك بوبيان، وبنك الكويت الدولي قد سجلت خسائر بقيمة 28.07 مليون دينار، و51.7 مليون دينار و8.2 ملايين دينار على التوالي خلال العام 2009.
6 ـ على الرغم من الحديث عن الطلب المرتفع والمتواصل على الخدمات المصرفية الإسلامية في الكويت والمنطقة في مرحلة ما قبل الأزمة، وارتفاع عدد المصارف الإسلامية في السوق المحلية إلى 4، إلا ان الهوة بين المصارف التقليدية والإسلامية مازالت قائمة، حيث بلغ إجمالي أرباح 5 مصارف تقليدية نحو 419.1 مليون دينار مقارنة بأرباح قيمتها نحو 156.2 مليون دينار سجلتها 4 مصارف إسلامية عاملة في البلاد.
الربع الرابع وبعض المفارقات
وإذا كانت مقاربة نتائج الربع الرابع لا تتسم بالموضوعية المطلقة على اعتبار انها لا تقود إلى استنتاجات واقعية بالمطلق، لاسيما ان معظم المصارف تعمد إلى تحميل هذا الربع معظم التزاماتها كالمخصصات وغيرها، فان النتائج المجمعة لهذا الربع تثير المفارقات التالية:
1 ـ شهد إجمالي أرباح المصارف خلال هذا الربع قفزة نوعية فارتفعت من ما قيمته 21.44 مليون دينار إلى نحو 146.86 مليون دينار اي بزيادة نسبتها 584.9%، ما يعني ان الأرباح خلال هذا الربع شهدت قفزة نوعية بقيمة 125.42مليون دينار.
2 ـ وكما بالنسبة لأرباح كامل العام، فانه كان من اللافت ان أرباح بنك الكويت الوطني التي تعد الأعلى خلال هذا الربع، حيث فاقت الأرباح المجمعة للمصارف الثمانية المتبقية ضمن القطاع، إذ إن إجمالي أرباح هذه الأخيرة بلغت ما قيمته 69.7 مليون دينار، مقارنة بنحو 77.16 مليون دينار سجلها بنك الكويت الوطني وحده.
3 ـ على الرغم من النمو الكبير المحقق في هذه النتائج فإن نتائج المصارف بشكل عام خلال هذا الربع جاءت ضعيفة نسبيا ومرد هذا الواقع إلى تحميل مختلف المصارف التزاماتها لهذا الربع.
4 ـ بالمقابل خرج بنك برقان من قائمة المصارف التي تراجعت أرباحها خلال هذا الربع، عكس ما هو الحال كما كانت عليه على أساس النتائج الكلية، حيث حقق البنك نموا بنسبة 196.12%.
5 ـ تراجعت أرباح بنكين خلال الربع الرابع من 2010 هما بيت التمويل الكويتي (29.7%) والبنك الأهلي الكويتي (21.99%). فيما تحولت 5 مصارف خلال هذا الربع إلى الربحية بعد ان سجلت خسائر خلال الربع الرابع من العام 209، وهذه المصارف هي الخليج، الأهلي المتحد، برقان، بوبيان والكويت الدولي.
ملامح عامة
على الرغم من نسب النمو الإيجابية المسجلة إلا ان التعمق في قراءة هذه النتائج يعكس تفاوتا كبيرا في التعافي بين مصرف وآخر، هذا الواقع يتأكد مع مقارنة النتائج المسجلة إلى حجم البنك نفسه أو عند مقارنتها مع النتائج التي كانت تسجل قبل الأزمة وقبل مرحلة الفورة وهي في أعلى مستوياتها، وعلى هذا الأساس يسجل تعافيا ملحوظا لدى البنك الأهلي الكويتي، والبنك التجاري الكويتي، فيما كانت نتائج بنك الكويت الدولي لافتة، بالمقابل أظهر البنك الأهلي المتحد وبنك بوبيان تعافيا بنسب أقل، أما بنك الخليج فينتظرهما طريق طويل قبل العودة إلى مستويات الربحية المحققة قبيل مرحلة الأزمة، في حين يبدو بيت التمويل الكويتي في مرحلة التعافي الأولي.
كما ان التدقيق في هذه النتائج يقود إلى استنتاج ان النمو في صافي أرباح القطاع يعود في حقيقة الأمر إلى إنجاز العديد من البنوك تكوين المخصصات مقابل القروض الضخمة غير المنتظمة، ما يعني أنها لم تكن ناتجة عن أداء تشغيلي.
وعلى الرغم من انخفاض نسب المخصصات، إلا أنه يلاحظ استمرار اعتماد هذه السياسة وان بوتيرة متفاوتة بين مصرف وآخر، وهذا الواقع مرده استمرار تأثر المصارف بملف تعثر بعض شركات الاستثمار بدرجة كبيرة.
واستنادا إلى ذلك يمكن القول ان النمو الذي حققه القطاع المصرفي نتج في حقيقة الأمر عن انخفاض قيمة المخصصات، وليس عن ارتفاع الإيرادات التشغيلية، ما يعني ان ظاهرة انخفاض المخصصات تخفي بين طياتها انخفاضا في الإيرادات التشغيلية لمعظم المصارف.
كما يمكن القول ان القراءة المعمقة لهذه النتائج تعكس كيفية تعاطي المصارف خلال العامين الماضيين مع سياسة تجنيب المخصصات، فقد فضلت اعتماد تجنيب نسبة كبيرة من الأرباح المحققة كمخصصات كما هو الحال مع البنك التجاري الكويتي الذي ارتفعت أرباحه من 0.15 مليون دينار إلى 40.5 مليون دينار، في حين ان مصارف أخرى مازالت تعتمد التدرج في تجنيب المخصصات كما هو الحال مع بنك الخليج.
وتـــــؤكد الــــتوجهات الاستراتيجية لمختلف المصارف في مرحلة ما بعد الأزمة، ان المنافسة ستكون محتدمة خلال المرحلة المقبلة على استقطاب العملاء، وإذا كان مثل هذا الواقع سيدفع إلى تطوير الخدمات المصرفية الخاصة بالأفراد، إلا ان المصارف التي تتواجد في الأسواق الإقليمية ستكون أقل عرضة لضغوط هذه المنافسة من غيرها، ويأتي في مقدمتها بنك الكويت الوطني، وبيت التمويل الكويتي وبنك برقان.
«الوطني» يواصل أداءه المتميز في المقدمة
إن المقاربة الموضوعية لنتائج القطاع، تستدعي التوقف عند الواقع المالي لبنك الكويت الوطني بعيدا عن أي بهرجة إعلامية. إذ القراءة المعمقة لنتائج البنك على مدى السنوات الماضية بالإضافة إلى المتغيرات التي طالت القطاع بين فترة مالية وأخرى، تؤكد ان المتانة المالية لبنك الكويت الوطني كانت القاسم المشترك والثابت الوحيد في ظل التحولات الكبرى التي يعيشها القطاع، وعلى هذا الأساس لابد من التوقف عند النقاط التالية:
1 ـ كرس بنك الكويت الوطني نفسه المصرف القيادي في السوق المحلي، إذ إن أرباحه مع نهاية العام الماضي شكلت ما نسبته نحو 52.43% من إجمالي أرباح القطاع.
2 ـ أما خلال الربع الرابع فاستطاع البنك ان يرفع نسبة أرباحه إلى نحو 52.53% من أرباح القطاع، وإذا كان السبب المنطقي وراء هذا الواقع يعود إلى ان معظم هذه المصارف ترحل التزاماتها وتحملها للربع الرابع من العام، فإن المقلب الآخر من هذه الصورة يؤكد على ان ميزانية «الوطني» تعد أنظف من سواها.
3 ـ استشراف أهمية نتائج البنك، تقتضي العودة إلى السنوات المالية السابقة بدءا من العام 2006 على الأقل، والتي تعكس قاسما مشتركا يتمثل في تحقيق نمو ضمن النسب الطبيعية قرب 10%، هذا الواقع يعيد التأكيد على ان البنك يعتمد نموذجا متحفظا في توجهاته الإستراتيجية دون السعي إلى تحقيق أرباح سريعة.
4 ـ في خطوة تعيد التأكيد على اعتبار الفكر الإستراتيجي يعد من أبرز معالم التوجهات العامة للبنك، تستعد مختلف قيادات البنك إلى عقد اجتماع مع المجلس الاستشاري الدولي في تركيا خلال المرحلة القادمة، في خطوة تهدف للتأكيد على الخيارات المستقبلية في ظل المتغيرات.