صرح الشريك في بيكر تلي والأستاذ المساعد في المحاسبة في الكويت وعضو مجلس إدارة هيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي د.سعود الحميدي بأن خطة التنمية في الكويت هي خطة طموحة تهدف إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي جاذب للاستثمار، يقوم فيه القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي، وتذكو فيه روح المنافسة وترفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم، وتحقق التنمية البشرية والتنمية المتوازنة وتوفر بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة عمل مشجعة، بهدف نقل الكويت نقلة نوعية في البنية التحتية والخدمات بما يؤهلها لأن تصبح مركزا ماليا وتجاريا إقليميا قادرا على المنافسة العالمية.
وشدد الحميدي على الدور الكبير الذي تلعبه مشاريع خطة التنمية في تحريك العجلة الاقتصادية في الكويت على المستوى الحكومي أو مستوى القطاع الخاص، موضحا أن المشاريع الضخمة المطروحة ضمن برنامج خطة التنمية الجديد كفيلة بدعم الاقتصاد الكويتي وتفعيل دور القطاع الخاص في مشاريع التنمية.
وأكد الحميدي أن خطة الدولة لتنفيذ خطة التنمية الجديدة للسنوات الأربع 2010-2014، ستمثل علامة فارقة في مستقبل الاقتصاد الوطني لاسيما أنها تتضمن إنفاقا استثماريا تصل قيمته إلى 37 مليار دينار وهو ما فتح الباب أمام القطاع الخاص للقيام بدور حيوي ومؤثر في تلك الخطة، كما أنها تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد من جديد بعد تأثير الأزمة المالية العالمية الأخيرة، وهو الأمر الذي أصاب شركات القطاع الخاص بالشلل التام خلال تلك الفترة، وأشار الحميدي إلى أنه لضمان تنفيذ خطة التنمية فإنه يجب العمل على إزالة معوقاتها ومن بين تلك المعوقات: التنمية البشرية، التمويل، توفير بيئة استثمارية جاذبة، وتسويق المشاريع التنموية للمستثمر الأجنبي.
التنمية البشرية
وأشار الحميدي إلى أن العمل البشري الوطني هو أحد المحركات الأساسية لنجاح تنفيذ وتطبيق الخطة بما يتناسب مع أهدافها، لذا يجب تطوير وتأهيل وتدريب كوادر شبابية وطنية حديثة التخرج لتوفير الصف الثاني من القيادات المستقبلية.
ولعل «مبادرة ذخر لتطوير قيادات التنمية» التي أطلقها الشيخ أحمد الفهد تمثل إحدى المبادرات التي تصب في مصلحة تحقيق خطة التنمية من خلال دعم الكوادر الكويتية، وتتبنى دعم القيادات والكوادر الشبابية الوطنية من خلال تدريب وتأهيل 100 متدرب من الشباب الكويتي ضمن برنامج متخصص بالتعاون مع جامعة كورنيل الأميركية التي تعمل مستشارا للمبادرة.
وأكد الحميدي أن مبادرة ذخر قد لا يمكنها توفير العدد الكافي من الكوادر الوطنية القادرة والمؤهلة لإدارة الحجم الهائل لمشاريع خطة التنمية التي تصل قيمتها إلى 37 مليار دينار خلال السنوات الأربع المقبلة، بالإضافة إلى أنها تركز في هذه المرحلة على تدريب وتطوير مهارات المشاركين في إدارة المشاريع فقط، معربا عن أمله في إطلاق مبادرات أخرى موازية لاسيما في مجالات أخرى غير إدارة المشاريع مثل المجالات الهندسية وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من المجالات المهمة التي تعد روافدا أسياسية لتنفيذ مشاريع خطة التنمية.
التمويل
وشدد الحميدي على ضرورة توفير سياسة تمويل واضحة للدولة لدعم المشاريع التنموية لأن المشاريع التنموية بطبيعتها تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، كما أكد على أن تمويل مشاريع التنمية لابد أن يتم من خلال القنوات الشرعية والمتمثلة في البنوك المحلية وتحت إشراف ورقابة البنك المركزي الكويتي، وشدد على ضرورة عدم المساس بالدور المنوط في البنوك في عملية تمويل كل الأنشطة الاقتصادية في البلاد ومن ضمنها مشروعات وشركات خطة التنمية من خلال العمل المصرفي الاعتيادي الذي يضمن عدم الإخلال بالسياسة الائتمانية المرسومة من بنك الكويت المركزي على مستوى البلاد وضبط المخاطر الائتمانية لتلك البنوك. وأضاف: يظل القطاع المصرفي المحلي هو الأقدر على توفير مصادر التمويل اللازمة لمشروعات خطة التنمية لما يتوافر لديه من قدرات فنية وتمويلية تتمثل في وجود كوادر مهنية مؤهلة وخبرات متراكمة مع توافر السيولة والموارد المالية وقواعد رأس المال القوية.
بيئة استثمارية جاذبة
وأكد الحميدي أن الاستثمار الأجنبي يلعب دورا مهما في عملية التنمية الاقتصادية بما يوفره من قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتشغيل للعمالة الوطنية في مختلف المجالات، فضلا عن جذب الاستثمارات الخارجية لتوظيفها في الداخل، وأضاف أن هناك عددا من الخطوات المحفزة التي قامت بها الحكومة من أجل جذب الاستثمار الأجنبي للكويت، ومن هذه الخطوات الإعفاء الضريبي للمستثمر الأجنبي وذلك وفقا لضوابط ومعايير منح المزايا لمشروعات الاستثمار المباشر التي أقرتها لجنة استثمار رأس المال الأجنبي، فضلا عن إتاحة فرص الاستحواذ على الشركات الكويتية بنسبة 100%، وهي كلها أمور تشجيعية للمستثمر، كما تم إنشاء مكتب الاستثمار الأجنبي بموجب القانون رقم (8) لسنة (2001) لتنفيذ سياسة الدولة وأهدافها في جذب المستثمر الأجنبي التي تتمثل في فتح باب التشغيل والتمويل لمشروعات التنمية للشركات المحلية والخليجية والعالمية للحصول على أعلى مردود إيجابي وأعلى جودة في إنجاز خطة التنمية.
وأضاف: لكن مشاريع خطة التنمية تحتاج إلى تشريعات جديدة تتسم بالوضوح والمرونة والثبات والتي من شأنها المحافظة على الأموال التي رصدتها الدولة لتنفيذ المشاريع والمقدرة بحوالي 37 مليار دينار. وشدد الحميدي على أهمية إعادة النظر في نصوص القانون رقم (8) لسنة 2001 لجعله أكثر تلبية للتغيرات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والعالمي خصوصا أن الأوضاع والمعطيات الاقتصادية العالمية التي كانت موجودة في نهاية القرن العشرين وبدايات القرن الحالي والتي على أساسها صدر القانون قد تبدلت بشكل يتطلب منا إعادة النظر في نصوص هذا القانون ما يجعله أكثر تلبية للتغيرات الاقتصادية على الصعيدين المحلي والعالمي. كما أن قانون تنظيم عمليات البناء والتشغيل والأنظمة المشابعة رقم 7 لسنة 2008 يحتاج إلى المزيد من التشريعات والقرارات المحفزة للاستثمار سواء المحلي أو الأجنب..
وأشار الحميدي إلى أن عزوف المستثمرين الوطنيين والأجانب عن السوق الكويتي يعود إلى أكثر من سبب يؤدي إلى عدم وجود بيئة مناسبة للاستثمار، ومن أبرز هذه الأسباب:
ـ أولا: التداخل والتشابك في القاعدة التشريعية التي تتعلق بالاستثمار الأجنبي مقارنة مع تشريعات الدول الأخرى ومنها الخليجية.
ـ ثانيا: التعقيدات الإجرائية التي تقف عائقا أمام معاملات المستثمرين للحصول على التراخيص اللازمة لممارسة نشاطاتهم واستقدام عمالتهم.
وهذا الواقع يتطلب جهودا متناسقة لتغييره، لتحقيق المصلحة العليا للبلاد وتجسيد الرغبة السامية لصاحب السمو الأمير في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي.
وأشار الحميدي إلى أن المستثمر المحلي والأجنبي والمشترك (المحلي بالتعاون مع الأجنبي) في الكويت يعانون منذ فترة طويلة من عقبات كثيرة نابعة من البيروقراطية وتعقيد الاجراءات المطلوبة لتنفيذ مشاريعهم.