- بورصة الكويت تخسر 10.5% من قيمتها السوقية بما يعادل 13.9 مليار دولار
قال تقرير لشركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) حول أداء الأسواق المالية العربية في ظل تطور الأزمات التي تمر بها المنطقة، انه على الرغم من النتائج المالية الجيدة التي أعلنت عنها معظم الشركات المدرجة في الأسواق المالية العربية والتحسن الملحوظ في العودة إلى الربحية وتقليص الخسائر، لاتزال المؤشرات المالية لمعظم أسواق الأسهم العربية تعاني من عدم استقرار وتراجع في الأداء نتيجة آثار والتطورات السياسية التي تمر بها بعض دول المنطقة منذ منتصف يناير العام الحالي.
وأشار التقرير الى انه مع بداية الأزمة السياسية في مصر، شهدت معظم الأسواق المالية في دول الخليج وشمال أفريقيا انخفاضا حادا حيث خسرت القيمة السوقية الإجمالية للأسواق المالية العربية حوالي 61.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها وبنسبة انخفاض بلغت 6.2% لتصل إلى 929 مليار دولار في 22 الجاري مقارنة مع القيمة السوقية في تاريخ 25 يناير الماضي.
وتعتبر هذه الأزمة غير مسبوقة في عمقها وتأثيرها الحاد على الاقتصاد في الدول التي تشهد تلك الأزمات بشكل مباشر وعلى أسواق المال في دول الخليج والمنطقة العربية حيث تأثرت حركة الاستثمارات الأجنبية والعربية في بعض الدول العربية بشكل كبير بسبب تلك الأحداث.
كما شهدت الفترة نفسها تخفيض وكالات التصنيف العالمية للتصنيف السيادي الائتماني لبعض الدول العربية نتيجة الأحداث التي تمر بها، مما يؤثر على كلفة الديون السيادية وقدرة تلك الدول على الاقتراض من الأسواق الخارجية وبالتالي التأثير السلبي على تصنيفات البنوك والشركات التي تتركز استثماراتها في الدول التي تشهد تلك الأزمات، كما أعلنت وكالات التصنيف العالمية عن إمكانية تخفيضها أكثر نظرا لتفاقم الأوضاع وتسارع الأحداث السلبية وانعدام الحلول.
ومن أبرز التصنيفات التي قامت بإعلانها منذ بداية العام الحالي كان تخفيض التصنيف السيادي الائتماني لجمهورية مصر من مستقر (ba1) إلى سلبي (ba3)، وتخفيض التصنيف السيادي الائتماني لجمهورية تونس من (bbb) إلى (bbb-)، وتخفيض التصنيف السيادي الائتماني لمملكة البحرين من (a-) إلى (bbb) وقال التقرير ان أداء أسواق الأسهم الخليجية ارتبط تاريخيا بدرجة عالية بالتطورات التي شهدتها أسواق النفط وأسعارها حيث ان أداء اقتصاد منطقة الخليج وإيراداتها المالية يعتمد بالدرجة الاولى على الإيرادات النفطية، لكن تلك الصورة انقلبت كليا منذ بداية العام الحالي حيث كان للتطورات السياسية تأثير سلبي على أداء البورصات الخليجية بالرغم من ارتفاع اسعار النفط فوق مستوى الـ 110 دولارات للبرميل وما سينتج عنه من فوائض مالية وفيرة، ومن ثم جاءت أهمية الاستقرار السياسي والأمني بالتزامن مع اتباع سياسات اقتصادية تنموية ومستدامة تنعكس إيجابا على أداء أسواق المال وتساعد في جذب رؤوس أموال أجنبية تساهم في تنمية الاقتصاد وتطوير الاسواق المالية وفاعليتها وتضعها في خدمة الاقتصاد الحقيقي.
وعلى الرغم من الاعتماد الكبير لدول الخليج في اقتصاداتها على الإيرادات النفطية التي تعتبر العصب الأساسي لسياساتها المالية والاقتصادية، إلا أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط نتيجة المخاوف من عمق الأزمة السياسية في المنطقة لم ينعكس إيجابا على المناخ الاستثماري وأسواق الأسهم حيث كان للتوتر الحاصل في المنطقة وتسارع الأحداث السياسية الأثر السلبي على البورصات الخليجية حيث منيت بخسائر كبيرة قاربت في حجمها الخسائر التي نتجت عن الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 وذلك نتيجة هلع المستثمرين وعدم وضوح الرؤية لتدفق رؤوس الأموال.
وبعد الأرباح الجيدة التي حققتها معظم أسواق الأسهم الخليجية منذ بداية العام الحالي وحتى 25 يناير الماضي، حيث بلغت 9 مليارات دولار مدفوعة بالنتائج المالية الجيدة عن عام 2010 وتحسن مؤشرات التقييم للأسهم الرائدة في تلك الأسواق، خسرت الأسواق الخليجية منذ ذلك التاريخ حوالي 47 مليار دولار (6% من قيمتها السوقية)، حيث جاءت معظم هذه الخسائر من السوق المالي السعودي وسوق الكويت للأوراق المالية وبورصة قطر بخسائر إجمالية بلغت 42.6 مليار دولار وبالتالي شكلت حوالي 91% من إجمالي الخسائر في القيمة السوقية لأسواق الأسهم الخليجية، بينما خسرت الأسواق العربية الأخرى حوالي 14.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها جاءت بمعظمها نتيجة خسائر البورصة المصرية والتي بلغت حوالي 13 مليار دولار.
ولم يستثن سوق الكويت للأوراق المالية من تبعات التطورات السياسية والاجواء الاستثمارية غير الواضحة حيث تأثر سلبا كباقي الأسواق الخليجية، إضافة الى ذلك كان لعدم إتمام صفقة «زين ـ اتصالات» بنجاح الأثر السلبي في تزايد خسائر البورصة وتعميم الاجواء السلبية على المستثمرين الذين كانوا يأملون خيرا من النتائج الايجابية لإتمام تلك الصفقة الكبيرة، ونتيجة لهذه الأحداث خسر سوق الكويت للأوراق المالية 10.5% من قيمته السوقية أو ما يعادل 13.9 مليار دولار وذلك منذ بداية الأزمة السياسية في مصر لتصل القيمة السوقية إلى 118.5 مليار دولار كما في 22 الجاري.
كما طغت هذه النتائج السلبية بشكل سلبي على التحسن الملحوظ في النتائج المالية للشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية حيث بلغت أرباح الشركات التي قامت بإعلان نتائجها المالية حتى تاريخ 22 الجاري والبالغ عددها 101 شركة من أصل 205 شركات مدرجة تنتهي سنتها المالية في ديسمبر 2010 حوالي 7.45 مليارات دولار خلال عام 2010 مقارنة مع 2.44 مليار دولار خلال عام 2009، وقد جاءت هذه النتائج الإيجابية مدعومة بالنتائج الجيدة لمعظم القطاعات وعلى وجه الخصوص قطاع البنوك، كما كان للأرباح التي حققتها شركة زين للاتصالات نتيجة بيع جزء من أصولها خلال الربع الأول من العام الحالي الأثر الإيجابي على ربحية السوق.
أما على صعيد الأسواق المالية الأكثر تراجعا في قيمتها السوقية منذ بداية هذه الأزمة، فقد كان سوق الأسهم السعودي وهو اكبر سوق مالي خليجي من حيث القيمة السوقية حيث خسر حوالي 20.3 مليار دولار ليصل الى 340.3 مليار دولار وبالتالي شكل حوالي 43% من إجمالي الخسارة في القيمة السوقية للأسهم الخليجية.
كما شهدت بورصة قطر تراجعا حادا في قيمتها السوقية بنسبة 6.8% أو ما يعادل 8.4 مليارات دولار منذ 25 يناير الماضي بالرغم من النتائج المالية الجيدة للشركات القطرية والنمو الاقتصادي المرتفع.
ولفت التقرير الى انه بالمقارنة بين العائد على مؤشرات الأسواق العربية والعالمية حتى 22 الجاري وذلك منذ أعلى نقطة وصلت إليها تلك المؤشرات خلال عام 2008، نجد أن معظم الأسواق المالية في الدول العربية لم تتمتع بالقدرة على تعويض الخسائر التي تكبدتها مؤشراتها منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2008 على الرغم من الدعم الحكومي ولو بنسب متفاوتة والبنوك المركزية عبر ضخ السيولة وزيادة الإنفاق الرأسمالي وذلك نتيجة الضرر الذي أصابها حاليا من الأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية والتي عكست الاتجاهات الإيجابية للأسواق العربية نحو هبوط حاد في مؤشراتها المالية.
أما بالنسبة للمؤشرات المالية العالمية والأجنبية الأخرى فقد تمكنت من تقليص معظم الخسائر على مدى العامين الماضيين، وذلك نتيجة تفاعل الحكومات والبنوك المركزية الأجنبية بشكل أكبر مع الأزمة المالية عبر تنشيط أسواق الائتمان وضخ السيولة الكافية لتفادي المزيد من الآثار السلبية التي قد تؤثر بشكل كبير على اقتصاداتها، بالإضافة إلى الانتعاش الذي شهده الاقتصاد العالمي والذي انعكس بشكل ايجابي على أداء الأسهم والشركات في الأسواق الأجنبية.