قال الخبير النفطي د.طلال البذالي امس ان هناك أسبابا عديدة للارتفاعات غير المسبوقة التي شهدتها أسعار النفط العالمية أهمها الانخفاض المستمر في سعر صرف الدولار مقارنة بالعملات الأخرى وخصوصا اليورو، متوقعا أن تستمر في الارتفاع طالما استمر الدولار في الانخفاض.
وأضاف د.البذالي في حوار مع «كونا» ان سعر برميل النفط وصل مؤخرا الى 96 دولارا للبرميل أي ما يعادل ضعف ما كان عليه في بداية العام الحالي، لكن الدولار انخفض مقابل اليورو خلال نفس الفترة بمقدار 30% تقريبا.
وأكد أن هذا يعني أن جزءا كبيرا من هذه الزيادة الظاهرية في سعر النفط سيذهب لتعويض الانخفاض في سعر صرف الدولار لأن دول مجلس التعاون الخليجي تبيع نفطها في الأسواق العالمية بالدولار بينما تشتري غالبية السلع المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي باليورو.
وأضاف انه «لو ثبتنا سعر الدولار مقابل اليورو وأخذنا بداية عام 2007 كفترة أساس فلن تزيد الأسعار الحالية عن 68 أو 70 دولارا للبرميل بما يعني أن الفاقد يعادل ثلث السعر تقريبا».
وبين أن التناقضات الحاصلة في هذا الامر هي أن الولايات المتحدة تطالب الدول المنتجة للنفط بزيادة انتاجها لخفض سعر النفط في الوقت الذي تعمل فيه على خفض سعر الدولار من خلال تخفيض سعر الفائدة.
ودعا د.البذالي دول اوپيك الى التفكير في تبني سياسة بيع النفط باليورو، معتبرا انه يمثل الاختيار الصحيح والمفيد للدول المصدرة للنفط.
واستدرك قائلا انه من الناحية السياسية يبدو هذا صعبا نظرا للعلاقات الكبيرة التي تربط دول الخليج خاصة بالولايات المتحدة الاميركية، لكن الامر يحتاج الى مزيد من الدراسة والتأني حتى يتم اتخاذ القرار المناسب خصوصا ان الفكرة ليست سلبية بالمطلق ولكنها حديثة وتحتاج الى قدر اكبر من التفكير، لاسيما ان دول هذه المنظمة تسيطر على قرابة 80% من احتياطي نفط العالم والجميع يعلم أنها متضررة من هبوط الدولار.
وتوقع د.البذالي ان تتعدى الاسعار حاجز الـ100 دولار للبرميل قبل نهاية العام الحالي، مشيرا الى ان عام 2008 قد يشهد وصول السعر الى 120 دولارا للبرميل خصوصا في حال زيادة التوترات بين الولايات المتحدة وايران.
وقال د.البذالي ان سعر النفط ينقسم الى جزئين الاول نفسي والثاني فني حتى الآن فإن العوامل النفسية هي الاكثر تغلبا على العوامل الفنية التي تعتمد على العرض والطلب، مشيرا الى انه بافتراض استبعاد العوامل النفسية فإن السعر الحقيقي لبرميل النفط سيتراوح بين 65 و75 دولارا.
واكد ان هذه العوامل النفسية ناتجة عن عدة عومل اهمها المشاكل الجيوسياسية المتعلقة بالعنف في العراق والتوترات بين الولايات المتحدة وايران، اضافة الى الاضطرابات الامنية والاضرابات في كل من ڤنزويلا ونيجيريا والخوف من احتمال حدوث كوارث طبيعية في الشتاء.
واشار الى ان عزوف منظمة اوپيك عن زيادة الانتاج يشكل ايضا عامل ضغط على السوق يضاف الى العوامل النفسية السابقة ما يدفع المضاربين الى رفع الاسعار بشكل كبير.
وقال ان اوپيك تقف اليوم مكتوفة الايدي لا تستطيع عمل شيء لأنها تعلم أن هذه الارتفاعات هي نتاج عوامل نفسية وانها اذا زادت الانتاج بقدر اكبر مما يحتاجه السوق ثم زالت العوامل النفسية فسيحدث خلل في معادلة العرض والطلب قد يؤدي الى نزول الاسعار الى ما تحت 50 دولارا للبرميل.
واضاف ان الولايات المتحدة خاضت حربا ضارية ضد العراق من اجل زيادة انتاجه النفطي ولكن ما حدث هو العكس حيث انخفض الانتاج العراقي الى ادنى بكثير من مليوني برميل يوميا، بينما كانت التوقعات قبل الحرب تشير الى احتمال زيادته الى اكثر من خمسة ملايين برميل يوميا.
واوضح ان من العوامل ايضا التي ساهمت في زيادة قلق الاسواق العالمية هو التشكيك المعلن الذي بدأ في عام 2005 في احتياطيات دول الخليج من النفط، مشيرا الى «اننا لا نعرف حقيقة هذا التشكيك لكن نتيجته تمثلت في زيادة الضغوط النفسية على هذه السلعة المهمة لأن الكل كان يعتقد ان دول الخليج تمتلك احتياطات ضخمة من النفط».
واشار الى ان الكل كان يعلم ان السعودية ومعها الكويت والامارات هي سيدة الموقف وانها تستطيع تعويض أي انقطاع في الامدادات وضخ أي كميات في السوق خلال شهر واحد، لكن ما حدث في الفترة الاخيرة هو ان هذه الدول ومعها دول الخليج اصبحت تضخ بطاقتها القصوى والدليل على ذلك هو وجود خطط مستقبلية لديها لزيادة الانتاج.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )