- توقعات بارتفاع الطلب على النفط بمقدار 1.3 إلى 1.5 مليون برميل يومياً خلال 2011
قال بنك الكويت الوطني في تقرير عن أسواق النفط وتطورات الميزانية انه وبعد أن واصلت ارتفاعها في معظم شهر أبريل، تدهورت أسعار النفط «بلمح البصر» لوقت وجيز في أوائل شهر مايو، مبددة كل الارباح التي تم جنيها خلال الشهرين السابقين. فقد تدهور سعر النفط الخام الكويتي من مستوى الذروة البالغ 119 دولارا للبرميل الذي حققه في أواخر أبريل، ليصل الى 100 دولار للبرميل في السادس من مايو، بما في ذلك تراجع بواقع 12 دولارا للبرميل، أو 10%، في يوم السادس من مايو وحده.
وأوضح التقرير أن أسعار الخامات المرجعية الاخرى شهدت تدهورا مماثلا، اذ تراجع سعر خام برنت ـ وهو المزيج الاوروبي الرئيسي ـ وخام غرب تكساس المتوسط بواقع 16 الى 17 دولارا عن المستوى الاعلى الذي بلغاه في أواخر أبريل، لينخفض سعر برميل مزيج غرب تكساس الى ما دون 100 دولار ويبلغ 97 دولارا.
وجاء تراجع أسعار النفط في اطار عمليات بيع شاملة للسلع، اذ تدهور سعر الفضة، على سبيل المثال، بنسبة 26% في أسبوع واحد تقريبا. ويبدو أن هناك أكثر من سبب وراء هذا الانهيار، ويذكر المحللون عددا من العوامل التي ساهمت في حصوله، ومنها: تراجع في علاوة الخطر على السلع في ضوء الاوضاع الجيوسياسية الاكثر استقرارا في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وتحول مفاجئ في النظرة الى الدولار الاميركي والذي تطلب انخفاض الاسعار لاعادة الاستقرار الى الاسواق عند تقويمها بالعملات الاجنبية، والمحاذير من ارتفاع الاسعار بما يؤدي الى «انهيار الطلب» لاسيما بعدما أظهرت البيانات الاخيرة تراجعا في الطلب الاميركي على الفيول.
وذكر التقرير أن المحللين لا يرون نهاية للارتفاع الاخير في أسعار النفط، خصوصا مع بقاء النفط الليبي خارج الاسواق، ورفع أوپيك انتاجها بشكل حذر، واستمرار نمو طلب الاسواق الناشئة بقوة على النفط. وبالفعل، فان بعض المحللين الذين يراهنون على ارتفاع الاسعار قد رأوا التراجع الاخير ايجابيا، اذ رأوا فيه تصحيحا مؤقتا تحتاجه الاسواق للتخلص من المضاربات، وتسعر الاسواق الآجلة الآن برميل النفط بتراجع طفيف على المدى المتوسط، ولكنها لاتزال تعتقد أن الاسعار ستبقى أعلى بكثير من سعر 90 دولارا للبرميل على مدى السنوات القليلة المقبلة.
آفاق الطلب على النفط
وبين التقرير أن توقعات المحللين في الشهر الماضي لم تتغير بشأن نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام: ومازالت التوقعات تشير الى ارتفاع الطلب بمقدار 1.3 الى 1.5 مليون برميل يوميا، أو بنسبة 1.5% الى 1.7%، بعد ارتفاع حاد بلغ 3 ملايين برميل تقريبا في العام 2010، ويعزى التباطؤ في النمو المتوقع للطلب هذا العام الى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وغياب الدعم هذا العام الذي وفره بناء المخزونات في العام الماضي، وتراجع الطلب نتيجة ارتفاع الاسعار.
وتشير البيانات الاولية الى أن تأثير الزلزال الياباني والتسونامي الذي تبعه على الطلب على النفط جاء أقل مما كانت تخشاه الاسواق: اذ ان تأثير ضعف النشاط الاقتصادي على الطلب على النفط قد تم التعويض عنه جزئيا من خلال ارتفاع الطلب لاستبدال معامل توليد الطاقة النووية المفقودة، ومع ذلك، خفضت الولايات المتحدة بياناتها للطلب بعد مراجعتها في أوائل العام 2011 ما يشير الى أن أي نمو في طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية سيكون متواضعا جدا، وعلى العكس من ذلك، يتوقع أن يأتي نمو الطلب على النفط من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قويا، بنسبة تتراوح بين 3% و3.5%.
آفاق عرض النفط
وذكر التقرير أن إنتاج النفط الخام لدول أوپيك الإحدى عشرة (باستثناء العراق) تراجع بشكل هائل في شهر مارس، مع انكشاف التأثير الكامل للأحداث الدائرة في ليبيا. فقد انخفض الإنتاج الليبي بمقدار مليون برميل يوميا تقريبا، أي بنسبة 73%، ليصل إلى 366 ألف برميل يوميا.
وبخلاف التوقعات، لم ترفع الدول الأعضاء الأخرى في أوپيك إنتاجها بشكل كبير للتعويض عن هذا الانخفاض، وكان هناك رفع كبير للإنتاج في أنغولا والكويت والسعودية وفنزويلا، ولكن إجمالا، تراجع مع ذلك إنتاج دول أوپيك الإحدى عشرة بمقدار 690 ألف برميل يوميا، وبما بنسبته 3%، ليصل إلى 26.6 مليون برميل يوميا. وما لم يكن الأمر مجرد تأخير في الاستجابة، فليس من الواضح بعد سبب عدم تعويض دول أوپيك الكامل عن الإنتاج الليبي المفقود، أحد الأسباب المحتملة هو أن مزيج الخام الليبي الحلو الخفيف لا يمكن تعويضه بالكامل، ولذلك فإن الطلب على أنواع أخرى من النفط لم يرتفع بشكل مواز.
وقد تمت الإشارة أيضا إلى أن طول مسافات نقل النفط الذي سيعوض عن النفط الليبي يعني أن المزيد من الإنتاج سيكون خارج الاستخدام بسبب قضائه وقتا طويلا على خطوط النقل، وقد يكون ذلك قد قلص من مستويات الإنتاج المسجلة، إذ يتم تسجيلها عند البيع كما يمكن أن يكون الحال في السعودية.
وقال التقرير انه ورغم التغير الكبير في المناخ السياسي في الشرق الأوسط، فإن المحللين لا يتوقعون تحولا في سياسة أوپيك نوعا ما في الاجتماع الذي ستعقده في الثامن من يونيو المقبل، وهو أول اجتماع لها منذ ديسمبر. وفي خارج أوپيك، يتوقع المحللون أن يرتفع عرض النفط بمقدار مليون إلى 1.5 مليون برميل يوميا في العام 2011، أي ما بين 2% و2.5%، بما في ذلك حوالي 0.5 مليون برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي الذي تنتجه أوپيك.
ورغم أن التغييرات الإجمالية في معروض الدول من خارج أوپيك وفي الطلب العالمي المتوقع لهذا العام قد تعوض عن غياب النفط الليبي، فإن أوپيك ستظل بحاجة إلى زيادة إنتاجها بشكل كبير - بما يفوق ما تحتاجه الأسواق للتعويض عن النفط الليبي - إذا ما أراد العالم أن يتجنب تراجعا آخر في المخزون، وبشكل أكبر في حال أراد رفع المخزون مجددا لمستويات أكثر راحة.
توقعات الأسعار
ويفترض توقعنا الأساس لأسعار النفط أن الطلب على النفط سيرتفع بواقع 1.3 مليون برميل يوميا هذا العام، أي بالحد الأدنى للنطاق المجمع عليه، وفي الوقت ذاته، يتوقع أن يرتفع إنتاج الدول من خارج أوپيك (بما فيه إنتاج أوپيك من سوائل الغاز الطبيعي) بالقدر نفسه، بإنتاج قطر 0.5 مليون برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي، ولرفع المخزون إلى مستويات أكثر راحة، قد يتوجب على أوپيك أن تزيد إنتاجها بمقدار 2 مليون برميل يوميا تقريبا مقارنة مع العام الماضي.
ويشير استمرار توقف الإنتاج الليبي واستجابة أوپيك البطيئة على ما يبدو للتعويض عنه، إلى أنه ليس من المحتمل أن ترفع أوپيك إنتاجها، إذ قد ترتفع أوپيك إنتاجها بواقع 0.7 مليون برميل يوميا فقط في العام 2011 مقارنة مع العام الماضي، ولكن جزءا كبيرا من توازن الأسواق قد يكون قد حصل بالفعل، لذا فإن أي ارتفاع في الأسعار من الآن فصاعدا قد لا يكون ارتفاعا حادا كما تشير الأرقام، ووفق هذا السيناريو، سيرتفع سعر برميل الخام الكويتي من 112 دولارا في الربع الأول من العام 2011 إلى 125 دولارا مع نهاية العام.
وإذا ما رفعت أوپيك إنتاجها اليومي بمقدار 0.1 مليون برميل بأقل مما هو متوقع في العام 2011 - إما بسبب تباطؤ انتعاش الإنتاج الليبي أو بسبب استجابة أضعف من المتوقع بزيادة إنتاج دول أوپيك الأخرى - فقد تستمر مستويات المخزون في الاضمحلال، ما يدفع إلى ارتفاع أكبر في الأسعار، وفي هذه الحال، سيصل سعر برميل الخام الكويتي إلى 134 دولارا في الربع الأخير من العام 2011.
ومن ناحية أخرى، إذا اجتمع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي مع ارتفاع أسعار النفط، فقد يضعفان نمو الطلب العالمي على النفط بأقل مما هو متوقع هذا العام: وبالتالي، قد يرتفع الإنتاج بواقع 0.9 مليون برميل يوميا عوضا عن 1.3 مليون برميل يوميا كما هو مفترض أعلاه. وفي هذه الحال، قد لا ينخفض المخزون العالمي إطلاقا في العام 2011، ما يتيح للأسعار أن تتراجع مع تحسن المعروض في الفصول اللاحقة من هذا العام، ووفق هذا السيناريو، سيتراجع سعر برميل الخام الكويتي إلى أقل من 100 دولار مع حلول الربع الأخير من 2011.
توقعات الميزانية
بلغ متوسط سعر برميل الخام الكويتي 82.5 دولارا في السنة المالية 2010/2011، مرتفعا عن متوسطه للسنة السابقة بنسبة 20%، ورغم أن البيانات النهائية لم تصدر بعد، فإن الإيرادات الإجمالية الفعلية في الأشهر الاثني عشرة الأولى من السنة المالية 2010/2011 قد بلغت 20.9 مليار دينار، أي أكثر من ضعف الإيرادات المقدرة في الميزانية، كما بلغت المصروفات في الأشهر الاثني عشرة الأولى من هذه السنة المالية 12.4 مليار دينار، ولكن يجب مراجعة هذا الرقم صعودا في البيانات الختامية، وبالنتيجة، سيتراوح فائض الميزانية للسنة المالية 2010/2011 ما بين 4.4 و5.2 مليارات دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق الأجيال القادمة. ويأخذ ذلك في الحسبان المنحة الأميرية غير المدرجة في الميزانية والبالغة 1.15 مليار دينار.
وفق السيناريوهات الثلاثة أعلاه، سيتراوح سعر برميل النفط ما بين 104 و127 دولارا في السنة المالية 2011/2012، ومن المرجح أنه سيولد فائضا هائلا آخر في الميزانية. وبناء على البيانات الأولية للميزانية، فقد تبلغ المصروفات 17.9 مليار دينار هذه السنة، لكننا نقدر أن تأتي المصروفات الفعلية دون مستواها المعتمد بنسبة تتراوح ما بين 5% و10%، ونتوقع فائضا يتراوح بين 8.2 و16 مليار دينار هذه السنة قبل استقطاع مخصصات صندوق الأجيال القادمة، مقارنة مع توقعات الحكومة بعجز قدره 4.5 مليارات دينار.