محمود فاروق
أكد رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطواري أن منظومة التدقيق الشرعي تعد حجر الأساس في ضمان التزام المؤسسات المالية الإسلامية بالمنهج الإسلامي المعبر عنه بقرارات وضوابط هيئات الرقابة الشرعية، مبينا أن التدقيق الشرعي هو المسؤول عن تشخيص مواطن الضعف والخلل، واقتراح الحلول الناجحة لسد الثغرات وحل المشكلات بما يسهم في رفع مستوى التزام المؤسسات بقرارات الهيئات الشرعية.
تصريحات الطواري جاءت على هامش مؤتمر المدققين الشرعيين الثالث الذي عقد امس نظمته شركة شورى للاستشارات الشرعية بالتعاون مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الاسلامية بحضور مجموعة كبيرة من المختصين والعاملين في حقل التدقيق والرقابة الشرعية في الكويت ودول المنطقة وتحت رعاية رئيس رابطة علماء الشريعة في دول مجلس التعاون الخليجي د.عجيل النشمي، حيث دعا إلى دعم وتطوير أنشطة الرقابة والتدقيق الشرعيين، لكي تتمكن بدورها من تطوير المنتجات المالية الإسلامية بما يواكب العصر ويلبي احتياجات الجمهور والشركات على حد سواء.
وأشار إلى أن المؤتمرين السابقين حققا نجاحا لافتا من جهة التنظيم والحضور والتفاعل، وكان من أبرز نتائجها تأسيس «جمعية المدققين والمراجعين الشرعيين» كإطار مهني يهتم بشؤون العاملين في هذا المجال. وبين أن «رساميل» تنطلق في رعايتها للمؤتمر من كونه يناقش قضايا مهمة متعددة تتعلق بالتدقيق الشرعي في اللائحة التنفيذية لهيئة سوق المال، وتوحيد المرجعية الشرعية في مهنة التدقيق الشرعي، وهو ما نلمس الحاجة الماسة إلى مناقشته والبحث فيه في ظل الظروف التي تمر بها منطقتنا ومواجهة العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية الإسلامية لمثل هذه القضايا في مجال عملها اليومي.
من جانب آخر أكد رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر ومساعد مدير إدارة الاستشارات الشرعية في شركة شورى للاستشارات الشرعية محمد الذياب أن المؤتمر السنوي الذي رعته شركة شورى منذ بدايته أصبح يعد واحدا من أكبر الانشطة الداعمة لهذه المهنة وذلك لتركيزه على نقاط أساسية لها بالغ الأثر في تقوية أركان هذه المهنة، فقد كان المؤتمر الأول رافعا لهدف عظيم هو إنشاء رابطة للمدققين الشرعيين في الكويت. وقد صدرت التوصيات وتم العمل بشكل فعلي لإنشاء هذه الرابطة، ثم جاء المؤتمر الثاني ليسلط الضوء على أهمية تقنين هذه المهنة وجعلها مهنة مدعومة من الجهات الرسمية للدولة، حيث بدأت أولى علامات النجاح فكان قانون هيئة سوق المال الذي شمل فقرات ونصوصا تشير إلى وجوب تشكيل الهيئات الشرعية وإدارات للتدقيق الشرعي الداخلي والخارجي لدى المؤسسات المالية الإسلامية وهذا داعم كبير لهذه المهنة. وختم الذياب كلمته بالشكر لراعي المؤتمر شركة رساميل للهيكلة المالية، كما شكر الشيوخ الأفاضل والزملاء الباحثين الذين شاركوا في تقديم الأبحاث وجميع العاملين والمساندين في إنجاح مؤتمر المدققين الشرعيين.
الجلسة الأولى
هذا وقد تحدث في الجلسة الأولى كل من الشيخ عبد الستار القطان مدير عام شركة شورى للاستشارات الشرعية، والمدير العام للشركة الشرقية للاستثمار هشام العبيد، حيث استعرضوا الدواعي التشريعية لتنظيم القطاع الإسلامي وقدم العبيد قراءة في نصوص اللائحة التنفيذية لهيئة اسواق المال ذات الصلة بأعمال التدقيق الشرعي.
ثم جرى استعراض الانعكاسات المتوقعة على القطاع المالي والتجاري والتي جرى تلخيصها في زيادة الاهتمام بالوعي الشرعي بين الموظفين غير الشرعيين، والحاجة لإعادة صياغة الفتاوى على شكل قرارات وتنظيمات قابلة للفهم والتطبيق من قبل غير الشرعيين، والحاجة لتوحيد المعايير.
كما دعا المحاضرون إلى الاستثمار في قطاع التدقيق والرقابة الشرعية والاستثمار في قطاع التعليم والتدريب الشرعي لدى الجامعات ومعاهد التدريب، متوقعين زيادة كلفة المنتجات والشركات المتوافقة مع الشريعة.
وناقشوا تأثير هيئة الفتوى الخاصة بكل شركة وكيفية تزويدها بأدوات تطبيق الرقابة.
الجلسة الثانية
كما تناولت الجلسة الثانية محورا مهما هو توحيد المرجعية الشرعية في مهنة التدقيق الشرعي، حيث استمع الحضور إلى بحثين مقدمين من كل من مدير إدارة الرقابة الشرعية في شركة الامتياز للاستثمار د.محمد عود الفزيع، ومدير إدارة الرقابة الشرعية في بنك البحرين الإسلامي د.عبدالناصر آل محمود حيث عرف الفزيع في بحثه المرجعية الشرعية لمهنة التدقيق الشرعية بأنها مجموعة المعايير الشرعية الحاكمة لعمل المؤسسة المالية الإسلامية، وتتمثل هذه المعايير في قرارات هيئة الفتوى والرقابة الشرعية الخاصة بالمؤسسة، وكذا قرارات المجامع الفقهية والمعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي ترى هيئة الفتوى والرقابة الشرعية الأخذ بها.
أما توحيد المرجعية الشرعية للتدقيق الشرعي الداخلي فيقصد به أن تقوم المؤسسات الرقابية بإلزام أجهزة التدقيق الشرعي ـ الداخلية منها والخارجية ـ بمعايير شرعية موحدة، تحتكم إليها أجهزة الرقابة الشرعية، سواء أقام بالتدقيق الشرعي عضو من أعضاء هيئة الفتوى والرقابة الشرعية الخاصة، أو فريق التدقيق الشرعي الداخلي الذي يتبع رئيس مجلس الإدارة أو لجنة التدقيق أو العضو المنتدب أو المدير العام، أو التدقيق الشرعي الذي تقوم به مكاتب الاستشارات الشرعية.
وهذه الفكرة لم تزل مطروحة للبحث والنظر.
واستعرض آل محمود في بداية بحثه المرجعيات الشرعية المختلفة الموجودة حاليا، ثم عرض لبعض التجارب العملية في توحيد المرجعية الشرعية وتحديدا التجربة الرائدة للاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية سنة 1403هـ ـ 1983م عندما دعا لإنشاء «الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية للمصارف الإسلامية»، وهي تجربة لم تستمر للأسف.
وبين آل محمود فوائد توحيد المرجعية الشرعية في الدولة أو الإقليم وأثرها على التدقيق الشرعي الداخلي والخارجي سواء بالإيجاب أو السلب وانعكاسها على طبيعة عمل التدقيق والمراجعة الشرعية.
داعيا إلى تأصيل الفكرة من جميع جوانبها بعد دراسة مستفيضة ومستوفية لكل الأمور ذات العلاقة، إذ عندها يمكن لنا جني الفوائد الكبيرة والكثيرة والتماس أثرها العملي والمهني والتي منها على سبيل المثال لا الحصر إحداث توافق بين أصحاب المهنة في الرجوع لمعايير شرعية وفتاوى وقرارات الهيئة الشرعية العليا عند ممارسة مهنة التدقيق ترتقي بأسلوب المراجعة الشرعية على المؤسسات المالية الإسلامية بشكل تقني ومهني صحيح، وتوحيد آليات وإجراءات التدقيق الشرعي الداخلي أو الخارجي في المؤسسات المالية الإسلامية، وتقليل الأخطار المحتملة على المؤسسات المالية الإسلامية وعملائها نتيجة الفتاوى غير المنضبطة.
3 معايير أساسية لتوحيد المرجعية الشرعية للتدقيق
رأى مدير إدارة الرقابة الشرعية في شركة الامتياز للاستثمار د.محمد عود الفزيع أن العمل على توحيد المرجعية الشرعية للتدقيق الشرعي في الوقت الراهن أمر ممكن التطبيق، وذلك وفق الأطر التالية:
٭ تشكيل الهيئة الشرعية العليا، وتكليفها بالعمل على رسم معايير شرعية تضمن عدم خروج هيئات الفتوى والرقابة الشرعية الخاصة بالمؤسسات المالية عنها.
٭ العمل على دعم أعمال هيئات الفتوى والرقابة الشرعية الخاصة بالمؤسسات المالية عنها، ومعالجة إشكاليات عملها.
٭ إلزام المؤسسات المالية الإسلامية برسم أدلة إجراءات للتدقيق الشرعي.
توصيات المؤتمر
الإلزام بالمعايير الشرعية والمحاسبية وإصدار قانون للمصارف الإسلامية ابرز توصيات مؤتمر المدققين الشرعيين الثالث، أوصى مدير إدارة الرقابة الشرعية في بنك البحرين الإسلامي د.عبدالناصر آل محمود بمجموعة من الإجراءات والخطوات التي تقود إلى توحيد المرجعية الشرعية في مهنة التدقيق الشرعي وهي:
٭ تأسيس جمعية مهنية للمدققين الشرعيين لما لها من أهمية كبيرة وفعالية في وضع اللوائح والضوابط والآليات وأخلاقيات المهنة وما لها من دور في تقريب وجهات النظر بين المدققين الشرعيين، كما يمكن لها أن تعتمد نماذج وآليات التدقيق الشرعي لدى المدققين في المؤسسات المالية الإسلامية.
٭ إصدار قانون للمصارف الإسلامية في كل بلد بحيث يؤخذ في الاعتبار أحدث القوانين الصادرة.
٭ الإلزام بالمعايير الشرعية والمحاسبية الصادرة عن هيئة المراجعة والمحاسبة للمؤسسات المالية الإسلامية، فإن لم يصل إلى حد الإلزام لأسباب قد تكون في بعض البلاد فيجب أن تكون للاسترشاد والإفصاح عن الخلاف وسببه.
٭ إيجاد هيئة شرعية عليا في كل بلد يتبع البنك المركزي يكون لها دور التنسيق والتوجيه والترجيح عند الاختلاف بين الهيئات الشرعية لدى المصارف المالية الإسلامية لا لتوحيد الفتاوى بل لتأصيلها وتعزيزها بأدلة شرعية لنشر العلم والفقه بين طلبة العلم الجديد.