- علينا ألا نرتكب خطيئة غيرنا من الذين اعتقدوا أنهم «غير» بالحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في الثروة
- تناقض واضح بين خطة التنمية وإسهال الإنفاق الاستهلاكي غير المبرر من سراب الفوائض «البترومالية»
- قلقون على خطة التنمية من مقياس نجاحها على أساس تكلفة مشاريعها
- إيرادات «الغرفة» لم تتجاوز 4.5 ملايين دينار ومصروفاتنا لم تتعد 4 ملايين
عمر راشد
أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت علي الغانم أن حق الأجيال القادمة في ثروة بلادها ليس مجرد ضرورة اقتصادية، بل هو شرط أساسي لاستكمال مقومات الوطن وضمانة قائلا علينا ألا نرتكب خطيئة غيرنا من الذين اعتقدوا أنهم «غير».
وبين الغانم في كلمته، أمس، في الجمعية العمومية السابعة والأربعين لغرفة تجارة وصناعة الكويت، أمس، أن الحراك العنيف الذي يشهده الوطن العربي جاء سريعا عنيفا ومفاجئا، لأهل المنطقة أنفسهم، ولدول العالم بكل أجهزتها على حد سواء.
ولفت الى أنه إذا كانت ديموقراطية الكويت المتأصلة، ونظام حكمها المنفتح، يشكلان حصانة واقية من التغيير السياسي المباغت والمتطرف، فإن اعتداء السياسات المالية الحالية على حقوق الأجيال القادمة، يجعل الكويت في موقف ضعيف هش تجاه الدوافع الاقتصادية للتغيير، ما لم نتدارك الأمر بسرعة وحصافة، من خلال إصلاح اقتصادي تحمل الخطة التنموية بالفعل ملامحه ومقوماته، وتصل فيه ثمار التنمية الى كل المواطنين، ويضمن فرص عمل كريمة لكل القادمين الجدد، ويحفظ لأجيال الكويت حقها في ثروة بلادها.
خطة التنمية
وقال الغانم إن «الغرفة» رحبت بخطة التنمية وقت صدورها واستبشرت خيرا بإجماع السلطتين حولها، وان جرح الاتفاق حولها ما ورد بها من تمويل الشركات المساهمة.
وقال إن الغرفة ترى في اعتماد نسبة تكاليف مشاريع الخطة كمقياس لنجاحها مقياسا ضعيف الدلالة لافتا الى أن نجاح الخطط التنموية يعتمد على مدى تحقيق أهدافها وليس بنسب الإنفاق على مشاريعها.
واستدرك الغانم بالقول إن الغرفة تحسب للحكومة حكمة تعاملها مع هذا الموضوع، وما أعلنته عن الوصول لمعالجة اقتصادية سليمة له.
4 أهداف رئيسية
وبين أن نجاح خطة التنمية يقاس بأربعة أهداف رئيسية تتمثل في مدى نجاح الخطة بمدى تحقيق أهداف رئيسية أربعة هي: التخفيف من هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، وتخفيض الاعتماد شبه الكلي على الصادرات النفطية في تمويل الموازنة العامة، ومعالجة الخلل الخطير في سوق العمل، فضلا عن معالجة الخلل الأخطر في التركيبة السكانية.
وفي اعتقادنا أن كل مقياس للأداء التنموي في الكويت لا يستند الى التحقق من إحراز تقدم كاف نحو هذه الأهداف الرئيسية الأربعة، يمكن أن يحيد بنا عن الطريق السليم، ويمكن أن يحول دون تطوير الخطة وتدارك ثغراتها، لنفاجأ في نهاية مدة الخطة بتعميق الاختلالات الهيكلية بدل معالجتها، وبضياع فرصة التنمية الحقيقية والمستدامة بدل ترسيخها.
20% ارتفاعا
وفي تخوف مبرر منه لاعتلاء سياسة الإنفاق الاستهلاكي على الإنفاق الاستثماري، قال إنه منذ عام 2002 حتى الآن، سجل الباب الأول من الميزانية العامة للكويت توسعا متواصلا ومتسارعا، يغرف من سراب «الفوائض البتروماليه»، موضحا ارتفاع بند الرواتب والأجور في الباب الرابع خلال العقدين الماضيين بنسبة سنوية بسيطة تقارب 20%.
ولفت الى أن تقديرات الإنفاق العام في الكويت خلال العقدين القادمين يعود إلى ارتفاع حجم هذا الإنفاق من 15.2 مليار دينار في السنة المالية 2011/2012 إلى 36.6 مليار عام 2029/2030، ليتحول الفائض في ميزانية السنة المالية المقبلة والمقدر بـ 5.5 مليارات دينار، إلى عجز في ميزانية السنة المالية 2029/2030 يقدر بحوالي 13 مليار دينار، على أساس إيرادات نفطية بسعر مائة دولار للبرميل.
واضاف أنه لاكتمال أبعاد هذه الصورة، نذكر هنا أن عدد القادمين الجدد إلى سوق العمل من المواطنين الكويتيين يقدر في الفترة ذاتها بـ 571 ألفا.
وبيّن أن الارتفاع المستمر في الإنفاق العام الاستهلاكي عموما، وفي بند الرواتب والأجور خصوصا، يضع السياسة المالية في الكويت في مأزق حقيقي لأن أي تراجع في الإيرادات النفطية، سيضع الكويت أمام خيارين أحلاهما مر، السحب من احتياطياتها لتمويل الإنفاق العام الاستهلاكي، أو تخفيض سعر صرف الدينار، بكل تداعياته الخطيرة على مستوى معيشة المواطنين، وعلى أصحاب الدخل المحدود منهم على وجه الخصوص.
تناقض واضح
وقال إن هدف خطة التنمية والتوسع في الإنفاق الاستهلاكي يبدو متناقضا، فهذا التوسع يتم على حساب الإنفاق الاستثماري، وهو ـ بالتالي ـ يقلص إمكانيات إيجاد فرص عمل حقيقية للمواطنين. كما أنه يزيد الفجوة بين رواتب وأجور المواطنين العاملين في القطاعين العام والخاص لمصلحة الأول.
مما يشل تأثير كل السياسات والإجراءات الرامية إلى تخفيض نسبة العمالة الوطنية في القطاع العام، والتي تقارب حاليا الـ 78%، ويضعف من تنافسية الاقتصاد الوطني عموما، وقطاعه الخاص على وجه الخصوص.
إنجازات الغرفة
وعلى المستوى الإداري والمالي، قال الغانم ان الغرفة تقدمت بدراسات ومذكرات حول خطة التنمية ومنطلقاتها وأهميتها وتمويلها، ومقترحات إسقاط القروض وتداعياتها، وتقييم الوضع البيئي، وتحديد نسب العمالة الوطنية لدى الجهات غير الحكومية.
وقال ان الغرفة تقدمت بثلاث مذكرات تتعلق بالقطاع الصناعي، وتتناول السلع التي يمكن للكويت أن تصنعها، وتطالب بدعم المنتجات الصناعية المحلية في المشتريات الحكومية. كما طالبت الغرفة بتصنيف الفندقة ضمن الأنشطة الصناعية لكي تستفيد من تشجيعاتها ودعمها. وأبدت الغرفة رأيها في مشروع قانون التأمين ضد البطالة، وفي مشروع قانون المناقصات العامة، وفي قانون تنظيم برامج التخصيص.
تطوير العلاقات
وفي مجال تطوير العلاقات الاقتصادية بين الكويت ومختلف دول العالم، بيّن الغانم أن الغرفة التقت بقادة ورؤساء حكومات 28 دولة، وشاركت في 15 وفدا اقتصاديا، واستقبلت 56 وفدا أجنبيا، كما شاركت في 67 فعالية خليجية وعربية ودولية من مؤتمرات، وندوات، ومنابر، ومحافل اقتصادية مختلفة، في طليعتها: الغرفة الدولية، والغرفة الاسلامية، والاتحاد العام للغرف العربية، واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، ومنظمتا العمل الدولية والعربية، وغرف التجارة العربية ـ الأجنبية المشتركة.
وفي ميدان التحكيم التجاري، تلقى مركز الكويت للتحكيم التجاري ثلاث عشرة قضية يبلغ مجموع مطالباتها 156 مليون دينار. وتم الفصل في ثماني منها. أما عن مساهمة الغرفة في تدريب الشباب على العمل في القطاع الخاص، فقد نظم مركز عبدالعزيز حمد الصقر للتدريب أحد عشر برنامجا تدريبيا مختلفا، انتظم فيها 258 مواطنا.
وقال إن عدد أعضاء الغرفة زهاء واحد وثلاثين ألفا، تقدم لهم الغرفة خدماتها من خلال مركزها الرئيسي، ومن خلال ثلاثة فروع في كل من: مجمع الوزارات، وبرج التحرير، وخيطان، الى جانب فرعين جديدين تم افتتاحهما عام 2010 في محافظتي الجهراء والأحمدي. وقد أنجزت الغرفة وفروعها خلال عام 2010 حوالي 244 ألف معاملة، بزيادة تقارب الـ 9% عن العام السابق. وتقوم الغرفة بكل هذه الأنشطة، وتقدم كل هذه الخدمات في إطار إيرادات إجمالية لم تتجاوز 4.5 ملايين دينار، وفي حدود مصروفات إجمالية لم تتعد مبلغ أربعة ملايين دينار فقط.