قالت شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) في تقرير لها عن نسبة السيولة الجارية لقطاعات سوق الكويت للأوراق المالية والشركات التي تجاوزت المطلوبات المتداولة في ميزانيتها العمومية الموجودات المتداولة وإيضاحات مدققي الحسابات، انه منذ عام 2009 يلاحظ في البيانات المالية السنوية وربع السنوية لبعض الشركات الكويتية المدرجة إيضاحات من مدققي الحسابات حول قدرة عدد من الشركات على الاستمرار في أنشطتها وذلك بالتحفظ على تخطي قيمة المطلوبات المتداولة في الميزانية العمومية لقيمة الموجودات المتداولة بمبالغ كبيرة مما يضع الشركة أمام استحقاقات مالية قد تتخلف عن الالتزام بها خلال فترة تقل عن السنة.
وهذا ما بدا واضحا بعد الأزمة المالية في الربع الأخير من عام 2008، حيث تخطت قيمة المطلوبات المتداولة لدى الكثير من الشركات قيمة الموجودات المتداولة حين كانت الشركات قادرة على الحصول على التمويلات اللازمة وتسديد ديون مقابل الحصول على ديون جديدة أو ما يسمى بالـ«rollover of debt» حيث ساعد تلك الشركات توافر الائتمان وتضخم أسعار أصولها التي كانت تعتمد كضمانة لدى البنوك بالرغم من أسعار الفائدة المرتفعة حينها.
وقد اشتمل التقرير على تحليل نسبة السيولة الجارية للشركات الكويتية المدرجة التي أعلنت عن نتائجها المالية للربع الأول من عام 2011 والبالغ عددها 162 شركة باستثناء البنوك التي تعتمد في أنشطتها التشغيلية على التمويل وإدارة السيولة وكذلك باستثناء الشركات غير الكويتية المدرجة وهي بمعظمها شركات إماراتية وبحرينية، حيث تبين أن 65 شركة من أصل 162 شركة أي ما نسبته 40% تجاوزت مطلوباتها المتداولة الموجودات المتداولة بنسب وأحجام متفاوتة وبالتالي تواجه مشكلة سيولة في حين بلغ عدد الشركات التي تجاوزت موجوداتها المتداولة المطلوبات المتداولة نحو 97 شركة أي ما يعادل 60% من الشركات قيد الدراسة، وتشير هذه الأرقام إلى وجود مشكلة سيولة وملاءة مالية أثرت ولاتزال تؤثر سلبا على أداء الشركات وبالتالي أداء سوق الكويت للأوراق المالية.
ولفت التقرير الى انه بالرغم من تخطي المطلوبات المتداولة لقيمة الموجودات المتداولة لدى بعض الشركات، إلا أن ذلك لا يعني أن جميعها غير قادرة على الاستمرار في أنشطتها وذلك لطبيعة النشاط التشغيلي لكل شركة على حدة ومدى قدرتها على تحقيق التدفقات النقدية اللازمة لسداد التزاماتها المالية وكذلك جودة أصولها (المتداولة وطويلة الأجل) حيث تلعب دورا أساسيا في استمرار الشركة وتحديد وضعها المالي والتشغيلي.
وذكر التقرير ان أساس المشكلة المالية والتي وقع فيها عدد كبير من الشركات، يعود إلى الاعتماد على التمويل القصير الأجل لشراء أصول واستثمارات تسمى «بالإستراتيجية» وطويلة الأجل أي ما بات يعرف بمشكلة «assets-liabilities mismatch» حيث كان السبب الأساسي للتعثر المالي ونقص السيولة في ميزانيات الشركات المحلية والعالمية، والخطأ الذي وقعت فيه بعض الشركات في ادارة السيولة يختصر في تمويل استثمارات طويلة الأجل عبر أدوات دين قصيرة الأجل من مرابحات ووكالات استثمار وقروض بنكية قصيرة الأجل.
واستنادا إلى التعريف المحاسبي والمالي، تعتبر المطلوبات التي تستحق خلال فترة لا تتجاوز السنة مطلوبات متداولة (current liabilities) أما الموجودات المتداولة (current assets) فهي الموجودات القصيرة الأجل والقابلة للتسييل في فترة زمنية تقل عن السنة.
تعتبر نسبة الموجودات المتداولة إلى المطلوبات المتداولة أو ما يسمى نسبة السيولة الجارية (current ratio) من أهم نسب السيولة في الميزانية إذ يجب أن تقا هذه النسبة عن الـ 1-1 وهذا لم نلاحظه في ميزانيات الكثير من الشركات حيث تقبع نسبة السيولة هذه عند مستوى اقل من 1-1 وبالتالي تخطي المطلوبات المتداولة الموجودات المتداولة مما يضع الشركة في أمام مشكلة سيولة.
قطاع شركات التأمين
يعتبر قطاع شركات التأمين الأكثر سيولة وملاءة حيث لا توجد أي شركة تتجاوز مطلوباتها المتداولة الموجودات المتداولة، لا بل على العكس تخطت نسبة السيولة الجارية، وهي قدرة الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية القصيرة الأجل بواسطة موجوداتها المتداولة ـ النقد وما يعادله واستثمارات قصيرة الأجل، الـ 2-1 لتصل إلى 2.37 مرة للقطاع وهذا يعني أن الوضع المالي لقطاع التأمين صحي وقوي وأنه لا توجد مشكلة سيولة لدى القطاع، بلغت قيمة الأصول المتداولة لقطاع شركات التأمين 349 مليون دينار مقابل مطلوبات متداولة بلغت قيمتها 147.5 مليون دينار مما يشير إلى الوضع المالي الجيد للقطاع.
قطاع الشركات العقارية
وقال التقرير ان هذا لا ينطبق على قطاع الشركات العقارية حيث تخطت المطلوبات المتداولة الموجودات المتداولة في ميزانيات 23 شركة من أصل 35 شركة، أما الـ 12 شركة المتبقية تمتعت بنسبة سيولة جارية تخطت الـ 1-1.
أما بالنسبة للشركات العقارية التي لا تستوفي نسبة السيولة المطلوبة، فقد تخطت مطلوباتها المتداولة الموجودات المتداولة بـ 401 مليون دينار وهذا مؤشر على ضغط السيولة التي تمر به بعض الشركات العقارية حيث يتبين أن 80% من أصول تلك الشركات (عددها 35 شركة) هي أصول طويلة الأجل نظرا لطبيعة نموذج عمل ونشاط تلك الشركات.
قطاع الشركات الاستثمارية
أما بالنسبة لقطاع الشركات الاستثمارية حيث توافرت البيانات المالية لـ 34 شركة فقط من أصل 51 شركة، فتشير الأرقام إلى أن 71% منها تتمتع بنسبة سيولة مقبولة بينما الـ 29% المتبقية تجاوزت مطلوباتها المتداولة الموجودات المتداولة مما يضعها أمام استحقاقات مالية داهمة وترتفع هذه النسبة إذا أضفنا إليها الشركات التي تواجه حاليا مشاكل مالية والموقوفة عن التداول بسبب تخلفها عن إعلان بياناتها المالية للربع الأول من عام 2011 والسنة المالية 2009 و2010.
بلغت قيمة الموجودات المتداولة لمجموعة الشركات الـ 34 حوالي 1.75 مليار دينار مقابل مطلوبات متداولة بلغت قيمتها 1.21 مليار دينار في نهاية مارس 2011، وبالرغم من تخطي الموجودات المتداولة الالتزامات المالية القصيرة الأجل، إلا أن وضع السوق وانخفاض أسعار الأصول يضع بعض الشركات أمام خيارات صعبة في تسييل جزء من الأصول المتداولة.
قطاع الصناعة: أما بالنسبة لقطاع الصناعة حيث شملت الدراسة 25 شركة مدرجة توافرت بياناتها المالية للربع الأول من العام 2011، فيتبين أن نسبة السيولة لنحو 72% من الشركات تخطت الـ 1-1، في حين العدد المتبقي والذي يمثل 28% من القطاع لم يستوف النسبة المطلوبة.
بلغت الموجودات المتداولة لقطاع الشركات الصناعية حوالي 1.46 مليار دينار مقابل مطلوبات متداولة بلغت قيمتها 1.32 مليار دينار، كما في نهاية مارس 2011 او ما يعادل نسبة سيولة جارية 1.1 مرة.
قطاع الخدمات: قمنا من خلال تحليلنا لقطاع الخدمات باستثناء كل من شركة زين للاتصالات والوطنية للاتصالات نظرا لتأثيرهما على الميزانية العمومية المجمعة للقطاع والمكون من 59 شركة حيث شملت الدراسة 53 شركة مدرجة توافرت بياناتها المالية للربع الأول من العام 2011.
يتبين ان 70% من الشركات تخطت لديها نسبة السيولة الجارية الـ 1-1، في حين النسبة المتبقية والبالغة 30% لم تستوف النسبة المطلوبة، وقد بلغت قيمة الموجودات المتداولة للقطاع حوالي 2.45 مليار دينار مقابل مطلوبات متداولة بلغت 2.23 مليار دينار كما في نهاية مارس 2011.
من هنا تعتبر الإدارة الجيدة والمتحفظة للسيولة ومراقبة الالتزامات المالية القصيرة الأجل وتمديد آجال استحقاق الديون نقطة انطلاق صحيحة لتخفيف الأعباء والاستحقاقات المالية وفي المقابل الحفاظ على هيكلة أصول تتمتع بدرجة عالية من الجودة والسيولة للالتزام بالاستحقاقات المالية القصيرة الأجل، وذلك لتفادي المشكلة التي وقعت فيها بعض الشركات ووصلت بها إلى حد الإفلاس التقني حيث لم يعد لها منفذ إلى أسواق الائتمان المحلية والخارجية.