رفض مسؤولون من أوپيك افتراضات اول من امس ان المنظمة التي تأسست قبل 50 عاما مهددة بالانقراض بعد أن فشلت في الاتفاق على مستويات الانتاج لاحتواء سعر النفط الذي بلغ 118 دولارا للبرميل.
وترددت الأحاديث عن «موت أوپيك» في ردهات نحو ستة فنادق تستضيف وزراء منظمة البلدان المصدرة للبترول بعد فشل المحادثات يوم الأربعاء الماضي.
وقال عبدالله البدري الأمين العام لأوپيك لـ «رويترز»: «نشعر الآن بعدم الرضا لأننا لم نتوصل لقرار لكن هذه ليست نهاية العالم».
وأضاف «واجهنا هذه الصعوبات كثيرا في الماضي، آمل ان نتغلب على ذلك».
لكن وراء التطمينات مخاوف حقيقية بشأن شقاق أساسي داخل أوپيك بين الحريصين على منع ارتفاع الأسعار من الإضرار بالطلب على الوقود في الأجل الطويل وبين المهتمين بالابقاء على الاسعار مرتفعة قدر الامكان في الأجل القصير.
واعتادت المجموعة الأولى وهي الدول العربية الخليجية بقيادة السعودية المتحالفة مع الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على أن تفرض ما تريد على أوپيك، لكنها لم تتمكن من ذلك هذه المرة، فقد واجهت السعودية اكبر منتج في أوپيك والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر حلفاؤها من دول الخليج تحالفا لم يسبق له مثيل ضم بقية الأعضاء تقريبا.
وجاءت الهزيمة بأربعة أهداف مقابل سبعة.
والرياض على علم بمواقف إيران وفنزويلا اللتين لا تربطهما صداقة بالولايات المتحدة وتدفعان داخل أوپيك ضد زيادة الانتاج واحتواء الأسعار، لكن هذه المرة واجهت السعودية تحالفا غير مسبوق شمل الجزائر والعراق والاكوادور وانغولا وليبيا، وظلت نيجيريا فقط على الهامش.
وجاءت النتيجة 7 الى 4 بمنزلة هزيمة منكرة لفريق دول الخليج.
وحققت إيران فوزا ساحقا.
وقال محمود علي خطيبي مندوب إيران الدائم لدى أوپيك لـ «رويترز»: «الفوز أو الخسارة ليست هذه هي المسألة على الإطلاق، لا ننتهج مثل هذا الأسلوب داخل المنظمة».
وأضاف: «الخلاف في الرأي داخل أسرة أوپيك أمر طبيعي، سنناقش المسألة ونحلها بمرور الوقت».
وبعد سنوات من عزلتها داخل أوپيك باعتبارها أكثر الأعضاء تشددا فيما يتعلق بالاسعار ليس هناك شك يذكر في أن طهران راضية تماما عن النتيجة.
وقال خطيبي ان الرياض تأثرت بشدة بمطالب الدول المستهلكة بقيادة الولايات المتحدة.
وقال «ربما هناك ضغوط عليهم. ربما ضغطت عليهم بعض الدول المستهلكة. ما حدث يظهر أن أوپيك منظمة مستقلة».
ولم يتمكن البدري من اخفاء انزعاجه من أبرز ممثل لعملاء أوپيك.
وقال عن وكالة الطاقة الدولية التي تهدد بالضخ من الاحتياطيات الاستراتيجية إذا لم تلب السعودية الطلب «أتمنى أن يكفوا عن الحديث إلينا قبل الاجتماعات».
وجاء رد السعودية باعتبارها المنتج الوحيد الذي يملك طاقة انتاجية فائضة انها ستضخ نفطا إضافيا إذا احتاجت السوق لذلك سواء بموافقة أوپيك أو من دونها.
وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي لـ «رويترز»: «فقط ارسلوا الزبائن لا تقلقوا بشأن الكميات».
وداخل أوپيك تقوم السعودية بالدور الأكبر في تحليل توقعات سوق النفط وفي حين لم تعد تقول انها تريد سعرا للنفط يتراوح بين 75 و80 دولارا للبرميل فهي تدرك تماما مخاطر ترك الأسعار تخرج عن نطاق السيطرة على النمو الاقتصاد العالمي.
وتشير البيانات إلى أن السعودية قادرة على زيادة الانتاج، فتقدر توقعات مقر أوپيك في فيينا والمدعومة بجهات أخرى الطلب في النصف الثاني من العام انه يزيد 1.7 مليون برميل يوميا عن انتاج أوپيك في الوقت الراهن وهو ما يدعم الاقتراح السعودي.
وفي محاولة لتسوية الخلافات عرضت إيران استضافة اجتماع طارئ للمنظمة في سبتمبر المقبل.
ورفضت السعودية العرض وقالت انها ستحل المشكلة بنفسها.
وليس من المقرر ان تجتمع أوپيك قبل 14 ديسمبر المقبل.
ودعمت الخلفية السياسية المتمثلة في الانتفاضات العربية الفريق الرافض داخل أوپيك.
وبالتحديد فإن قطر مختلفة مع ليبيا إذ دعمت المعارضة الليبية التي تقاتل من أجل الإطاحة بحكم العقيد معمر القذافي.
وأغضبت السعودية إيران الشيعية باستخدام القوة في دعم حكومة البحرين السنية في قمع انتفاضة شيعية.
ولدى أعضاء أوپيك تاريخ طويل من الحروب والنزاعات ليس أقلها الحرب العراقية ـ الإيرانية بين عامي 1980 و1988 وغزو العراق للكويت عام 1990.
واشتهرت المنظمة فيما يرجع اساسا لجهود النعيمي بالتعامل بأسلوب مهني مع سوق النفط العالمية.
وقال النعيمي «تعلمون أن السعودية عملت جاهدة على مدى 16 عاما لجعل أوپيك غير مسيسة. ونجحنا واعتقد ان أوپيك أصبحت اليوم إلى حد ما منظمة اقتصادية وليست سياسية».
وتأمل الدول المستوردة للنفط أن تتمكن المنظمة المنقسمة من العودة سريعا لهذا التوجه.