أوشكت الأرجنتين على الإفلاس قبل نحو عشر سنوات وذلك عندما فشلت عام 2001 في سداد ديونها التي بلغت ما يعادل 240 مليار دولار آنذاك مع وصول البطالة ومعها الاحتجاجات إلى مستوى خطير ما أدى إلى تعاقب أربعة رؤساء على منصب رئيس الجمهورية خلال شهور قليلة.
وقبل ذلك بعام، وافق صندوق النقد الدولي على منح الأرجنتين قرضا بقيمة عشرين مليار دولار وذلك لدعم الاقتصاد وسط ركود طالت مدته، وربط الصندوق هذه الموافقة بإجراءات تقشفية صارمة. ولكن سرعان ما أدى العجز المرتفع في الميزانية وتزايد هروب رؤوس الأموال إلى تبديد أي تأثير إيجابي لهذا الدعم المالي الدولي.
اضطرت حكومة الأرجنتين في نوفمبر عام 2001 إلى تجميد أرصدة ملايين المواطنين في البنوك عندما رفض الصندوق دفع حصة قدرها 1.2 مليار دولار من القرض بسبب عدم تنفيذ إجراءات التقشف التي تعهدت بها الحكومة.
خرج أبناء الشعب الأرجنتيني الى الشوارع، وأغلقوا فروعا بنكية وخرب البعض محلات تجارية وأسواقا، وقد سقط قتلى وجرحى في العاصمة بوينس ايرس عندما واجهت الشرطة المتظاهرين.
وعندما خرج الوضع عن السيطرة تماما، فر الرئيس فيرناندو دي لا روا يوم عشرين من ديسمبر عام 2001 بطائرة عمودية (مروحية) من مبنى الحكومة وذلك بعد أن أعلن استقالته على وجه السرعة.
ثم أعلن الرئيس الانتقالي للبلاد، أدولفو رودريجوز سا عجز الارجنتين عن تسديد ديونها وخفض قيمة العملة المحلية (البيزو) بنسبة 65% بعد أن كانت تساوي، بموجب القانون وعلى مدى عشر سنوات، نفس قيمة الدولار مما رفع النسبة المئوية لنصيب الديون الخارجية في إجمالي الناتج المحلي من 50% إلى أكثر من 100% من إجمالي الناتج المحلي.
وفي حال تطبيق هذا السيناريو على اليونان فهو يعني عدولها عن اليورو واعتماد عملة وطنية خاصة بها.
ولكن هناك عامل حاسم يميز بين الحالتين، الا وهو أن الأرجنتين استطاعت تقرير ذلك بدون التنسيق مع دول أخرى، في حين أن اليونان تحتاج إلى تنسيق قوي مع باقي دول منطقة اليورو والتي تضم 17 دولة من دول الاتحاد الأوروبي من أجل اتخاذ قرار مثل هذا.
وبعد انكماش ضخم في إجمالي الناتج المحلي للأرجنتين وصل الى 11% عام 2002، عاد الازدهار الاقتصادي بعد عام من ذلك وبقوة واستمر حتى اليوم.
حاول الرئيس نيستور كيرشنر الذي انتخب عام 2003 - وتوفي العام الماضي ـ استعادة الثقة الدولية في بلاده تدريجيا، ولكن هذه العملية لم تنته حتى اليوم بعد مرور الفترة الأولى لأرملته وخليفته في المنصب، كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر.
وفي هذا الشأن، يقول ادواردو سجويجليا، الوكيل السابق بوزارة الخارجية الأرجنتينية: «وجدنا آذانا صاغية باحترام خلال العديد من محادثاتنا غير الرسمية مع ممثلين عن الحكومات من جميع أنحاء العالم، وكذلك من جانب الرئيس الأميركي آنذاك، جورج بوش.. ولم يكن هناك سوى لقاء متوتر فقط تم مع المدير العام لصندوق النقد الدولي هورست كولر بقصر الرئاسة في بوينس ايرس عندما عبر كولر عن تشككه (في قدرة الأرجنتين على الوفاء بالتزاماتها المالية) وحذر من أن البنوك يمكن أن تتجنب الأرجنتين، وهو ما أدى إلى تصلب موقف كيرشنر في أعقاب هذه المحادثة».
وفي هذا الوقت، وجهت جماعات الضغط الممثلة لمصالح المستثمرين من حملة سندات الخزانة الأرجنتينية انتقادات حادة لسياسات الحكومة وعقدت اجتماعات بمقر سفارة الأرجنتين في واشنطن بين ممثلي الحكومة وممثلي الدائنين.
ويقول سجويجليا إنه سأل هؤلاء المستثمرين عن سبب الطريقة العنيفة التي يتعاملون بها فقالوا إنهم يخشون أن تحذو دول أخرى حذو الأرجنتين وتتوقف عن سداد ديونها.
كما اقر البرلمان اليوناني اجراءات تقشف يرفضها المواطنون امس رغم الاحتجاجات العنيفة- وذلك لضمان الحصول على تمويل للحيلولة دون أول تعثر عن سداد دين سيادي في منطقة اليورو.
ومع اقتراب البلاد من حافة الافلاس مازالت الشكوك تحيط بقدرة الحكومة الاشتراكية على اقرار قوانين لتنفيذ اصلاحات هيكلية وخصخصة في الجولة الثانية من الاقتراع اليوم والالتزام بجدول زمني مشحون للتنفيذ يفرضه صندوق النقد والبنك الدولي.
ومازال كثير من الاقتصاديين والمستثمرين يتوقعون أن تتعثر اليونان عند سداد ديونها على المدى المتوسط.
وزادت احتمالات الموافقة على خطة التقشف ومدتها خمسة اعوام بعدما غير واحد من ثلاثة اعضاء متمردين في الحزب الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء جورج باباندريو رأيه واعلن عزمه التصويت لصالح الاجراءات من منطلق واجبه الوطني.
وصرح النائب توماس روبولوس لـ «رويترز» بالقول: «قررت التصويت لصالح الخطة لأن المصالح الوطنية أهم كثيرا من كرامتنا».