Note: English translation is not 100% accurate
لا خوف من تراجع أعداد المواليد في البلدان المتطورة
الجمعة
2006/9/29
المصدر : الانباء
عدد المشاهدات 1154
تقدم مقالة «الاخفاق العالمي للمواليد» نسخة جديدة عن خوف قديم، وهو خطر التراجع السكاني الذي كان يظهر بصورة دورية خلال القرن الماضي كبؤرة رئيسية للخطاب السياسي.
مثل هذه الهواجس تطل برأسها على ما يبدو في لحظات متوقعة، أي عندما ينتاب قوة سياسية أو اقتصادية مهيمنة الشعور بعدم الثقة بخصوص سيطرتها وعدم اليقين حول المستقبل، وعندئذ يلجأ مفكرون كثيرون الى العامل السكاني بحثا عن تفسير للمشكلة.
ففي أواخر القرن التاسع عشر على سبيل المثال وفي أعقاب هزيمة فرنسا الساحقة أمام پروسيا اخذ الوطنيون الفرنسيون من شتى الوان الطيف السياسي بالقاء اللوم على تراجع معدلات الخصوبة في بلادهم (مقارنة بالمعدلات المرتفعة في المانيا)، وبعد سنوات قليلة، في أوائل القرن العشرين، أطلق اخفاق الجيش البريطاني في التصدي لقلة من المزارعين البوير في جنوب افريقيا المخاوف من التراجع السكاني في بريطانيا.
ومرة اخرى في ثلاثنينيات وأربعينيات القرن العشرين أدت التوقعات المتشائمة الى ظهور مخاوف من انخفاض معدل المواليد في أوروبا والولايات المتحدة وغيرهما.
وعندما ارتفعت هذه المعدلات بحدة في الخمسينيات تبددت تلك المخاوف، وحلت محلها مخاوف من «انفجار سكاني» ثم جاءت الأزمات السياسية والاقتصادية في أواسط السبعينيات الناجمة عن حرب 1973 في الشرق الأوسط والأزمة النفطية التي سببتها. وفجأة انطلقت اصوات جديدة تتنبأ بانحطاط النفوذ الاميركي وارتباط ذلك بتراجع معدلات المواليد.
أما اليوم، فالاميركيون يشعرون بقلق أكبر من الارهاب العالمي والتكاليف العسكرية والاقتصادية للتدخل الاميركي في العراق وأفغانستان، وعودة العجز الكبير في الموازنة وفي الميزان التجاري.
فلا عجب اذن ان نجد مرة اخرى تخمينات قلقة حول التراجع السكاني من لونغمان وكتاب آخرين.
يطرح لونغمان فكرة ان ارتفاع معدلات المواليد سيبعد شبح الانهيار الاقتصادي ويعزز المجتمعات «الحديثة» بدلا من المجتمعات «التقليدية» ذات الافكار الدينية المحافظة، ويقول ان بامكان الحكومة ان تلعب دورا في الزيادة السكانية في البلدان المتطورة من خلال احداث توافق بين منحنيات الحياة العائلية والحياة العملية.
هذه نقطة جيدة من حيث المبدأ، ولكن المشكلة هي ان تشخيص لونغمان ووصفته للحل يقومان على تأكيدات غير ثابتة ولا يمكن اثباتها، فليس هناك مثلا أي دليل على ان الحوافز الاقتصادية التي يدعو اليها ادت في يوم من الأيام الى عكس الاتجاهات السكانية على المدى البعيد، صحيح انه في بعض الحالات ساعدت السياسات الحكومية على تسريع اتجاه موجود اصلا، ولكن لا دليل على ان باستطاعة الحكومة ان تعكس سلوكا بتعقيد سلوك انجاب الاطفال.
هناك مشكلتان اضافيتان في طرح لونغمان، فهو أولا يطلق مزاعم غير مثبتة على وجود صلة بين الخصوبة والاقتصاد. كما انه يطرح افتراضات غير صحيحة عن المجتمعات المسنة قائلا على سبيل المثال انها تصبح عالقة في انماط قديمة من التفكير والسلوك، ولكن تاريخ الابتكارات التكنولوجية والدينامية الاقتصادية لا يدعم هذا التأكيد.
والأفضل هنا هو النظر الى التبدلات السكانية باعتبارها بطيئة وتدريجية مقارنة بالتبدلات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية، والحقيقة انه من الصعب غالبا ملاحظة هذه التبديلات على المدى القصير لأنها تتحرك ببطء شديد يتيح للمجتمعات الوقت الكافي للتكيف مع تزايد أو تناقص السكان ولتعديل السلوك الانجابي اذا ما قرر ذلك.
كما ان بطء التبدلات السكانية يجبر الساعين الى تضخيم أهميتها على استخدام توقعات طويلة الأمد للتنبؤ بالمستقبل.
ولكن من المستحيل التنبؤ بدقة بما سيحدث بعد 50 او 100 سنة، ومن الخطأ اعتناق مثل هذه التوقعات غير الموثوقة.
وبدلا من احياء الشبح القديم للتراجع السكاني سيكون من الأفضل النظر الى التفاعل الأكثر تعقيدا بين الظواهر السكانية والاقتصادية أو العسكرية، وعلى النقيض مما يطرحه لونغمان فان بعض المجتمعات تستفيد من تراجع مواليدها.
صحيح ان العامل السكاني مهم ولكن ليس بالدرجة التي يصوره بها المتشائمون امثال لونغمان.
اقرأ أيضاً