اتسم العام 2007 بتقلبات اقتصادية شديدة. فقد كان الاقتصاد يحقق أداء جيدا في النصف الأول من السنة قبل ان ينعكس هذا المنحى في منتصف العام ليسجل تراجعا بفعل الظروف السياسية والأمنية المتقلبة.
وبالفعل، فإن السمة التي ميّزت هذا العام في نصفه الأول تمثلت في حصول لبنان على دعم واضح من المجتمع الدولي من خلال مؤتمر باريس - 3 ونتائجه لجهة قيمة المساعدات المقدمة وشكلها واستحقاقاتها، أو حتى لجهة الاصلاحات الاقتصادية والمالية التي وعدت بها الحكومة اللبنانية في مؤتمر المانحين.
لكن النصف الثاني من هذا العام تخللته أحداث جسام بدءا من حرب نهر البارد وانتهاء بتفاقم الأزمة السياسية المحلية على خلفية الاستحقاق الرئاسي، فأطاحت تثمير نتائج باريس- 3، وأخرت تطبيق الاجراءات والاصلاحات التي التزمها لبنان أمام المجتمع الدولي.
وينتظر ان تمتد مفاعيل هذه التحديات في الأشهر المقبلة، رغم الهدنة القسرية الراهنة والحقن المهدئة، وذلك تحت وطأة الملفات المطروحة والاستحقاقات الداهمة التي تتطلب توافقا سياسيا على طريقة التعامل معها ومعالجتها، وهو توافق لا يبدو متوافرا اليوم، ما يجعل السنة الجديدة سنة الانتظار وتفويت الفرص الاستثنائية المتاحة في ظل الجهود غير المتكافئة أو غير الملائمة مع تلك الفرص.
وإذا كانت مناعة الاقتصاد صمدت أمام الزلازل الكبرى التي شهدتها البلاد الأعوام الثلاثة الماضية، فإن السؤال المطروح في أوساط المجتمع الاقتصادي: هل ستصمد هذه المناعة في ظل التلكؤ عن اتخاذ اجراءات اصلاحية تلامس المشكلات البنيوية، وهشاشة الوضع وضعف المناعة الاقتصادية، ما سيعرض الاقتصاد لمزيد من الضغوط التي تضيق هامش التحرك والفرص المتاحة واطاحة بقايا رصيد باريس -3؟
لقد سجلت المؤشرات الاقتصادية تحسنا، وحصل نمو ايجابي، ولو بقدر متواضع، في الأشهر التسعة الأولى من العام 2007 منها: تحقيق النمو نسبة 2% وزيادة في حجم الناتج، وفائض متواضع في ميزان المدفوعات بقيمة 650 مليون دولار، مقابل فائض قيمته 1373 مليونا في الفترة نفسها من العام 2006، وذلك خصوصا بسبب الركود الاقتصادي الذي ساد عام 2007 بعكس النصف الأول المزدهر من عام 2006 وقد نتج هذا الفائض المتراكم عن نمو الموجودات الخارجية الصافية للمصارف والمؤسسات المالية بقيمة 842 مليون دولار وعن تراجع الموجودات الخارجية الصافية لمصرف لبنان بقيمة 262 مليون دولار، والرساميل الوافدة بلغت حتى أوائل الشهر السابع نحو 3949 مليون دولار مقابل نحو 6318 مليونا للفترة ذاتها من العام الماضي، أي بتراجع قدره 2369 مليون دولار ونسبته 37.5% وهي سجلت بعد ذلك ما قيمته 4311 مليون دولار في نهاية الشهر بتراجع نحو 16%، لكن هذه الرساميل ظلت كافية لتوليد فائض في ميزان المدفوعات، ونسبة تضخم بحدود 5% منذ بداية السنة، على ان ازدياد التضخم في ظل نمو اقتصادي ضعيف عائد الى عوامل خارجية، أهمها ارتفاع أسعار النفط والحبوب في الأسواق الدولية وتراجع سعر صرف الدولار ازاء اليورو في اقتصاد مستورد الى حد كبير، علما ان الواردات من البلدان الاوروبية تشكل40% من مجموع الواردات اللبنانية، وسجل المؤشر الاقتصادي العام لمصرف لبنان نموا بمعدل 4% في الأشهر السبعة الأولى من 2007 مقارنة مع المتوسط السنوي لعام 2006.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )