وسام حسين
للمرة الاولى وفي قالب صريح ومفتوح تتابع «الإيكونوميست» مبرزة التحليل الاقتصادي، المهتمة بالشأن الخليجي وضعية التحالف بين سلة عملات دول «التعاون» والدولار الأميركي المثير للجدل منذ عام ونصف، حيث أكدت في آخر تحديث لها عن هذا الملف أنه لا يكاد يمر اسبوع واحد دون ان يظهر سبب جديد يعاود مخاوف صناع القرار المالي في المجموعة الخليجية ويدفعهم للتلميح المطرد بإعادة رسم سياسات اسعار صرف عملاتهم تجاه الدولار صعودا وهبوطا بسبب معلن يكمن في تخفيف الضغوط التضخمية الحادة على اقتصاديات البلدان الممولة لرئة العالم النفطية، وان كانت هناك اسباب اخرى يتحفظ المسؤولون في الافصاح عنها لتعلقها بحرمان اسواق القطع النقدي الاجنبي من مشتر للدولار موثوق باستمرارية سيولته من جهة وتعامله مع ازمة العملة الخضراء «بروج الصداقة» ايا كانت النتائج الاقتصادية المترتبة عليها من جهة أخرى.
«الإيكونوميست» اعتبرت تصريح حاكم المركزي الاماراتي نزعا لفتيل جديد بعد تلميحه برغبة بلاده في التحرر من ارتباط درهمها بالدولار، وان كان ذلك مشروطا بالتنسيق مع اعضاء المجلس بالمملكة العربية السعودية والكويت وقطر وعمان ومملكة البحرين، في الوقت الذي يضع فيه جميع اعضاء المجموعة الخليجية قرار المركزي الكويتي الجريء والمفاجئ بفك الارتباط بالدولار وتحويله الى سلة عملات مركبة ونشطة نصب اعينهم والسبب محفز وكامن في نسبة الـ 5% ارتفاعا التي سجلها سعر صرف الدينار الكويتي أمام الدولار خلال 7 شهور فقط.
على ذات صلة نقلت «الايكونوميست» عن مصادر موثوقة في الامانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ان الاحتمالات اصبحت قريبة ووشيكة ان تحذو دول اخرى حذو الكويت في سياستها النقدية، مشيرة الى ان بعض البلدان بدأت تقترح اعادة تقويم كبيرة تتراوح بين 20 و30% حال استمرار الدولار في الهبوط مقابل خيارات اخرى يعتقد خبراء «الايكونوميست» انها الاقرب للاتباع رغم صعوبتها، وذلك بربط العملات الخليجية بسلة ثنائية تجمع اليورو والدولار بنسب متساوية الند للند.
والأهم من ذلك حسب تحليل «الايكونوميست» ان التجربة تثبت دائما تحرك الاسواق الخليجية بما فيها سوق الكويت غير المرتبط بالدولار منفردا مع القمم واللقاءات التشاورية التي تعقدها المجموعة الخليجية على المستوى القيادي او الوزاري على امل صدور قرار موحد يضع حدا للضغوط التي يباشرها ضعف الدولار على معدلات التضخم المقلقة والمصحوبة عادة بارتفاع مبرر اقتصاديا لأسعار السلع الاستهلاكية، فيما واكب ذلك القمة الاخيرة لقادة الخليج في الدوحة والنشاط الملحوظ لأسواق تسعير وصرف الاجل قبل انعقادها بأيام قليلة مما خفض تبعات الارتباط بالدولار «نسبيا فقط»، على الرغم من ان «المركزي الاماراتي» سعى تكتيكيا في نفس التوقيت لتهدئة التكهنات مع قراره بتنزيل اسعار الفائدة قصيرة الأجل في 22 نوفمبر الماضي.
وفي تشخيصها للحالة تقول «الايكونوميست» عبر خبرائها القريبين من صناع القرارات المالية في دول «التعاون» ان المشكلة الملحة في اقتصاديات هذه البلدان الآن تنحصر تحديدا في الآثار التضخمية بسبب الارتباط بعملة تضعف باطراد، ويظهر ذلك بوضوح من خلال فحص معدلات التضخم الخليجي، والتي نادرا ما تخطت الـ 3% حتى 2003، فيما باتت بعض الاقتصاديات الخليجية الآن قريبة جدا من رقمين عشريين مثل الامارات وقطر والمملكة العربية السعودية التي كان معدل التضخم فيها خافتا ووصل فجأة الى 5% خلال سبتمبر الماضي، علما ان جانبا كبيرا من الضغط التضخمي يقع على السلع الأساسية نتيجة الارتفاع العالمي في الاسعار ودول الخليج بالطبع ليست منفصلة عن العالم في هذا الجانب بدلالة الصعود الحاد في قيمة بيع السلع الاستهلاكية واشياء اخرى بعضها وصل للخدمات.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )