أحمد سمير
ثمة سؤال يطرح نفسه بين الحين والآخر وبالتحديد في أعقاب كل رفع يعلنه بنك الكويت المركزي لقيمة الدينار مقابل الدولار والسؤال مفاده: ماذا كان سيحدث لو لم تخط الكويت خطوتها وتحزم أمرها وتقرر منفردة فك ارتباطها بالدولار عقب ارتباط لم يدم سوى 4 سنوات و4 شهور و15 يوما؟ وهل كان بالفعل من المستحيل على الكويت ان تستمر في ارتباطها بالعملة الأميركية اكثر مما استمرت؟ ولكن لماذا الاستحالة خاصة ان هناك دولا عديدة في المنطقة تتشابه في ظروفها النقدية الى حد كبير مع الكويت، بل ان البعض منها يواجه ضغوطا داخلية كبيرة باتجاه فك الارتباط الا انها مازالت مصرة على الارتباط ومستمرة فيه رغم الأرقام المتنامية لنسب ومعدلات التضخم لديها.
والمتتبع لنسب رفع قيمة الدينار مقابل الدولار يجد ان العملة الكويتية حلقت في آفاق لم تبلغها او تصل اليها مقابل الدولار منذ نحو 20 عاما وبالتحديد منذ شهر ابريل من عام 1988، حيث اعلن البنك المركزي يوم الخميس الماضي الموافق 2008/1/17 تحديد سعر تداول الدولار في السوق المحلي بقيمة 272.80 فلسا وبذلك يكون الدينار قد ارتفع بمقدار 5.19% منذ 20 مايو الماضي وهو تاريخ فك ارتباط الكويت الرسمي لعملتها عن الدولار.
فالثابت ان الكويت ليست لديها تلك الموجودات المالية (سندات الخزينة الأميركية) المقومة بالدولار، كما انها لا تملك حقوق السحب الخاصة (العائدة لامتلاكها سندات صندوق النقد الدولي المقومة بالدولار) ومن هنا فإن فك الارتباط لن يعود بالخسارة عليها، بل بالعكس فإن الكويت لديها استثماراتها المالية الهائلة في مختلف بلدان العالم في شكل عقارات وأصول متنوعة ستستفيد من الانخفاض الحاصل في قيمة الدولار امام العملات الرئيسية وسترتفع قيم اصولها وممتلكاتها، وهذا هو الفرق بيننا في الكويت وبين بعض دول المنطقة فالسياسة النقدية والاستثمارية للكويت تختلف، وارتباطها ليس محصورا بمنطقة الدولار الاميركية فقط، وانما لديها مصالحها المتعددة مع دول منطقة اليورو ومنطقة الاسترليني ومنطقة الين واليوان الصيني.
وعلى الرغم من صعوبة او استحالة طرح السؤال لأن الأصوات التي طالبت بفك ارتباط الدينار بالدولار قد بدأت تعلو عقب وصول سعر الدولار الى ادنى مستوى يسمح به هامش التحرك المعلن من قبل البنك المركزي وقد تحدث في هذا الشأن فنيا بعض المتخصصين والمتصلين بالوضع النقدي، وعلى الرغم من ان المتوقعين لفك الارتباط كانوا اكثر من المتشككين في ذلك الا اننا يمكننا ان نتوقع كثيرا من الخسائر والانعكاسات السلبية ما لم يحدث فك الارتباط ولنا ان نتصور نسب التضخم التي قد لا تكون قد تراجعت كثيرا الا ان فك الارتباط قد ساهم الى حد ما في الحد من جماح نسب التضخم في الكويت مقارنة بما هو عليه في دول المنطقة ولنتصور جميعا بعد هذا الرفع اليومي وشبه اليومي لقيمة الدينار مقابل الدولار الوضع فيما لم تقرر الكويت فك ارتباط عملتها بالدولار.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )