أحمد سمير
طوفان من الارقام منها المحلية والاقليمية ومنها ايضا العالمية التي حملتها الينا اخبار العالم من حولنا طوال الاسبوع المنصرم فقد كان اسبوعا حافلا ومتخما بالارقام التي تنطوي على دلالات عدة لا يمكن بأي حال من الاحوال التغاضي عنها أو اغفالها.
وعلى سبيل المثال لا الحصر الارقام التي تضمنها اعلان بعض بيانات الميزانية العامة للبلاد، والتي شملت عجزا قدره وزير المالية مصطفى الشمالي بنحو 6 مليارات و386 الف دينار بزيادة في المصروفات تقدر بنحو 17.797 مليار دينار، حيث احتسبت الايرادات التقديرية بنحو 12.679 مليار دينار، وهي ارقام تكشف بجلاء عن زيادة ملحوظة في دخل البلاد استنادا الى الزيادة المستعرة في اسعار النفط العالمية، علما بانه قد تم احتساب متوسط سعر برميل النفط الكويتي بـ 50 دولار للبرميل بفارق يقدر بنحو 30 دولارا لكل برميل عن السعر الرسمي المعلن عن سعر بيعه في الاسواق العالمية خلال هذه الايام، ولكن الزيادة في الايرادات واكبها في المقابل زيادة كبيرة في المصروفات تدعونا الى اهمية السعي نحو تقييد الانفاق الاستهلاكي في الموازنة العامة للبلاد لتلافي الملاحظات التي لطالما شابت الميزانيات العامة للبلاد بالسنوات السابقة حول افتقادها الى الانفاق التنموية والترشيد الاستهلاكي في المصروفات.
وتضمن الاسبوع المنصرم هزة بالاسواق المالية في كل انحاء العالم وبطبيعة الحال لم تسلم السوق المحلية والاقليمية من الهزة العنيفة للاسواق المالية فهوى سوق الكويت للاوراق المالية، وفقد مؤشرها في يوم واحد (الثلاثاء الماضي) 212.7 نقطة. اما خسائر اسواق المنطقة فقد ترجمتها الارقام بشفافية، حيث خسرت سوق دبي في يوم واحد نحو 50 مليار درهم وبلغ اجمالي خسائرها في 4 ايام 36 مليار دولار. اما السوق السعودية وهي اكبر الاسواق الخليجية فقد خسرت في تلك الهزة 400 مليار ريال. اما خسائر الاسواق الآسيوية والاوروبية فحدث ولا حرج، ولكن الدلالات التي نخرج بها من هذه الهزة وتبعاتها هي ان بورصة الكويت رغم كثيرمن الانتقادات التي توجه اليها الا انها تظل من اقوى بورصات المنطقة قياسا على الخسائر التي منيت بها اسواق المنطقة في هزة الاسبوع الماضي يؤكد ذلك تصريحات وزير التجارة والصناعة م.فلاح الهاجري الذي وصف بورصة الكويت بانها اقوى بورصات المنطقة لاستنادها على قوانين متماسكة، ودلالة اخرى تشير اليها هزة الثلاثاء الماضي وهي ان السوق المحلية ومعها اسواق المنطقة لم تعد بعيدة عن التأثر بالظروف المالية العالمية وانها اصبحت اكثر انكشافا على الاسواق العالمية.
وبعيدا عن ارقام العجز والخسائر حمل الاسبوع الماضي ايضا ارقاما ايجابية ترجمت ارباح ثلاثة من بنوكنا المحلية، حيث حقق ثلاثتهم ارباحا قياسيا بلغت لدى الوطني 273.6 مليون دينار ولدى بيت التمويل الكويتي 275.2 مليون دينار ولدى بنك بوبيان احدث البنوك المحلية 18.5 مليون دينار وهي دلالة على تطور ونمو في اداء بنوكنا المحلية والتسابق نحو تحقيق التميز والتفوق، مما يعني تلقي عملاء المصارف هنا لأفضل الخدمات المصرفية في العالم فالمنافسة تولد التحدي وتخلق التطور والاجادة.
وتتوالى الارقام ذات الدلالة، حيث تحقق اليابان 101.98 مليار دولار فائضا في ميزانها التجاري في 2007 وهو ما يدل على استمرار اقتصاد ذلك البلد الآسيوي الفاقد لأي خامات اولية على النمو والازدهار دون توقف.
وارقام اخرى حملها لنا الاسبوع الماضي، حيث اعلنت هيئة الاستثمار القطرية عزمها على الاستثمار في شركات مالية اوروبية واميركية بنحو 60 مليار دولار. اما الحكومة الفيدرالية الاميركية فقد اعلنت عن عجز متوقع في ميزانيتها يقدر بنحو 250 مليار دولار اما لبنان الشقيق فقد قدر فائض ميزان المدفوعات لديه عن السنة المالية المنصرمة بنحو مليار دولار وبلغ حجم تسليفات القطاع الخاص لديه بنحو 20.4 مليار دولار.
وتتوالى الارقام حيث تعلن الصين ذلك التنين الاقتصادي الآسيوي الواعد انها جذبت استثمارات اجنبية خلال العام الماضي تقدر بنحو 74.7 مليار دولار وهو ما يدحض حديث البعض عن عدم حاجة اقتصاديات منطقة الخليج للاستثمار الاجنبي في ظل الوفرة المالية التي تتمتع بها وهنا لن نعقد المقارنة بين ما لدينا من استثمارات اجنبية وما لديهم.
ولا ينتهي طوفان الارقام الهائلة إذ تكشف دراسة اجراها معهد ماكينزي الاميركي ان الايرادات المتوقعة لدول مجلس التعاون خلال الـ 14 عاما المقبلة بنحو 6.2 تريليونات دولار اذا ما تم احتساب سعر برميل النفط بـ 70 دولارا فقط اما اذا تم احتسابه بـ 100 دولار، فان مدخول الدول الست سيصل الى 9 تريليونات دولار فيما توقعت اميركا ان يصل مدخول دول الاوپيك من النفط بنهاية العام الحالي الى 850 مليار دولار وهو ما يدعو دول الخليج الي ضرورة البحث عن منافذ وأدوات انفاق مأمونة مع تضاعف احتمالات زيادة المخاطر من طوفان السيولة القادم للمنطقة وقدرته الهائلة على تحريك وتوجيه اسواق المال العالمية ويبقى رقم اخير اعلنته وكالات الانباء ضمن حصاد الاسبوع المنتهي وهو وصول اسعار الذهب الى 900 دولار للاوقية وما يحمله ذلك من انعكاسات ودلالات محلية وعالمية في اسواق الذهب وتوجيهات المستثمرين وحتى توجهات الافراد العاديين، ولما لا فقد اصبح العالم اليوم لا يجيد سوى لغة الارقام بالمليارات والتريليونات، ولم يعد هناك متسع للحديث عن الملايين ولا مكان لأقل من ذلك فالى أين يتجه العالم بنا مع سباق الارقام المحموم؟
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )