أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي حول تعديل قانون ضريبة الدخل الكويتية الى أن القانون الجديد لضريبة الدخل في الكويت قد دخل حيز التنفيذ، وقد تضمن القانون الجديد بعض التعديلات التي طال انتظارها، وخاصة على بعض المواد التي كانت تمس بشكل واضح نشاط الشركات الأجنبية في الكويت.
وقد تمثل أهم هذه التعديلات في التخلي عن تطبيق مبدأ الضريبة التصاعدية التي كانت تتراوح بين 5% و55% والمفروضة على الأرباح التي تتجاوز 5250 دينارا، والاستعاضة عنها بضريبة موحدة لكل شرائح الدخل تبلغ 15%.
وأوضح التقرير ان هذه التعديلات ضمنت الاعفاء من ضريبة الدخل لأرباح الشركات الأجنبية الناجمة عن عمليات التداول في سوق الكويت للأوراق المالية، سواء تمت هذه العمليات بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق صناديق ومحافظ الاستثمار، هذا الى جانب اعفاء أرباح وكلاء الشركات الأجنبية من الكويتيين من الضريبة في حال نجمت تلك الأرباح عن المتاجرة ببضائع أجنبية لحسابهم الخاص.
وبالطبع، فان دخل الأفراد من غير الكويتيين لا يخضع لقانون ضريبة الدخل، حيث يطبق القانون فقط على الشركات الأجنبية التي لها كيان قانوني مستقل، وقد نص القانون الجديد وبشكل واضح على مصادر دخل الشركات الأجنبية التي ستخضع للضريبة، الى جانب تحديده لما هو مسموح بتنزيله من الدخل من المصاريف والتكاليف التي أنفقت في سبيل توليد ذلك الدخل.
وتكمن أهمية هذا التعديل في ازالته لحالة الغموض والعشوائية التي كانت تنجم في الماضي نتيجة لغياب الشفافية في هذا المجال.
وأشار التقرير الى أن مجلس الأمة قد أقر هذه التعديلات في 26 ديسمبر الماضي، على أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ مع بداية الفترة الضريبية التي تعقب نشر القانون في الجريدة الرسمية. كما منح هذا القانون وزارة المالية فترة ستة أشهر لاصدار اللائحة التنفيذية، وبالتالي فان أي تعديلات جديدة لن تدخل حيز التنفيذ لحين صدور اللائحة التنفيذية.
وتبعا للقانون تفرض الضريبة على كل الشركات الأجنبية العاملة في الكويت باستثناء المملوكة منها بالكامل لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، في حين أن الشركات الخليجية ذات المساهمة الأجنبية ستخضع لقانون ضريبة الدخل تبعا لحصة المساهمة الأجنبية. وبالمقابل، فان ضريبة الدخل لا تفرض على دخل الأفراد الأجانب أو على الشركات الكويتية التي يساهم بها غير الكويتيين، سواء بصفة شريك أو حامل لحقوق ملكية ما لم تكن حقوق الملكية هذه عائدة لشركات أجنبية، وحينها يتم فرض الضريبة على حصة الشركة الأجنبية من الأرباح.
وبشكل عام يتوقع لقانون الضريبة الجديد أن يسهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية في الكويت جراء تخفيض عبء الضريبة على معظم الحالات.
اضافة الى ذلك، يتوقع للقانون الجديد أن يسهل الأمور على الشركات الأجنبية بتقليصه لأوجه الاختلاف التي كانت تبرز في الماضي حول ما يخضع وما لا يخضع من الأرباح للضريبة، حيث نص القانون الجديد وبشكل تفصيلي على مصادر الدخل التي تنطبق عليها أحكام القانون.
وفي تطور مهم فقد أعفى القانون الجديد أرباح الشركات الأجنبية الناجمة عن تداول الأسهم في سوق الكويت للأوراق المالية من الضريبة بهدف تعزيز استثمارات الشركات والصناديق العالمية في الأسهم الكويتية، مما سيحظى بترحيب كبير من مدراء الصناديق العالمية.
كما اشار «الوطني» أيضا الى أن حالة من الغموض ما زالت تكتنف تطبيق القانون الجديد. فوفقا لقانون الاستثمار الأجنبي المباشر، فان مجلس الوزراء يتمتع بصلاحية اعفاء المستثمرين الأجانب من ضريبة الدخل ولمدة أقصاها عشر سنوات من بداية تأسيس المشروع. اضافة الى ذلك، فان المذكرة الايضاحية المرافقة للقانون الجديد تشير الى أن التعديلات الأخيرة تمثل اجراء مؤقتا لحين الانتهاء من المشروع المتكامل والشامل للضرائب في الكويت.
وبلغة الأرقام يتوقع «الوطني» أن يحمل التعديل الجديد آثارا محدودة على ايرادات الحكومة. فايرادات الضرائب المفروضة على أرباح الشركات الأجنبية العاملة في الكويت قد بلغت 49 مليون دينار خلال السنة المالية 2006 - 2007 أي ما يعادل 5% فقط من جملة الايرادات غير النفطية لذلك العام، ونحو 0.3% من اجمالي الايرادات.
وفي حال نجاح الكويت في استقطاب شركات أجنبية جديدة نتيجة للتعديل الضريبي، فان الأثر في المدى القصير على ايرادات ضريبة الدخل سيكون على الأرجح محدودا أيضا، حيث ان المشاريع الكبيرة ذات الكثافة الرأسمالية المرتفعة عادة ما تسجل خسائر في المدى القصير، في حين أن العديد من الشركات القائمة حاليا في الكويت ستشهد في الأغلب تراجعا في حجم التزاماتها الضريبية. وعلى الرغم من محدودية الأثر على ايرادات الحكومة، فان التعديلات الأخيرة تبقى خطوة ايجابية في طريق خلق نظام ضريبي مساند للنشاط الاستثماري.
ووفقا لتقرير «الوطني» فان معظم الشركات الأجنبية ستشهد تراجعا في حجم التزاماتها الضريبة وفق القانون الجديد، الا أن الشركات التي تحقق أرباحا دون مستوى 37.500 دينارا ستشهد في الواقع ارتفاعا في حجم هذه الالتزامات، حيث ان القانون الجديد قد استبدل أدنى شريحتي دخل للضريبة البالغتين 5% و10% بالشريحة الموحدة لكل الشرائح البالغة 15%.
ومع أن ذلك قد يولد مشكلة لصغار المستثمرين، الا أنه من المستبعد أن تكون له آثار جوهرية على واقع النشاط الاستثماري في الكويت وذلك لسببين رئيسيين، أولهما أن الكثير من استثمارات الشركات الأجنبية في الكويت تصب في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والسياحة، وهذه الأنواع من الاستثمارات كبيرة الحجم من غير المحتمل أن تتأثر برفع طفيف للشرائح الضريبية الصغرى.
أما بالنسبة للشركات صغيرة الحجم التي ستتأثر بذلك الاجراء، فقد أشار «الوطني» الى أن البيئة الضريبية قد أصبحت أكثر سلاسة ووضوحا.
فوفقا للقانون القديم، فان ارتفاع الأرباح بالدرجة التي تجعلها تخضع لشريحة ضريبة أعلى كان ينجم عنه اخضاع كل هذه الأرباح لنسبة الضريبة الأعلى، مما يعني أن المعدل الفعلي لهامش الضريبة يتجاوز 100%، مما يعتبر بالنسبة لبعض الشركات عائقا جوهريا للاستثمار في الكويت. وبالمقابل، فان الضريبة الموحدة قد أزالت هذه العوائق، ويسرت عملية اتخاذ القرار الاستثماري.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )