أحمد يوسف
نبرة الحديث حول العملة الخليجية الموحدة ترتفع وتنخفض ويرتفع وفق المتغيرات النقدية الدولية، وقد جاء قرار الكويت بالتخلي عن ربط عملتها بالدولار ليضفي قدرا من الواقعية على الآمال الطموحة المتعلقة باقامة اتحاد نقدي خليجي على غرار الاتحاد الاوروبي، حيث دخل مشروع العملة «نفقا معتما» واصبح في مهب ريح التصريحات والتحليلات، التي باتت تستبعد اصدارها في الوقت الذي حدده قادة مجلس التعاون بحلول العام 2010.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة نور للخدمات المالية حسين العويد ان العملة الخليجية الموحدة لا تزال متاحة لتدارك اي صعوبات تمنع دول مجلس التعاون من الوفاء بموعد اعلان الوحدة النقدية الخليجية المزمع في 2010.
ويعرب كوسيليا ماميس، الاقتصادي في شركة كاليون، عن اعتقاده ان «التزام دول مجلس التعاون الخليجي نحو الاتحاد النقدي قد تم نسفه، ومع الخطوة التي اقدمت عليها الكويت، فإن اطلاق العملة الخليجية الموحدة بحلول عام 2010 اصبح على كف عفريت».
ويؤكد العويد ان الظروف الاقتصادية التي تعيشها دول مجلس التعاون حاليا تسمح لها باستيعاب وهضم اي فوارق في مستويات التنمية التي ينظر اليها كعائق امام الوحدة النقدية، فالتفاوت مثلا بين مستويات الدخل او الاسعار او اسعار صرف العملات ومستويات التضخم بل وحتى معدلات البطالة او حجم الاعباء الذي تتحملها الميزانيات الحكومية هي امور يمكن التعامل معها بالاسلوب نفسه الذي تعاملت معه اوروبا مع مستويات تفاوت اعمق واصعب بين دولها عندما قررت انشاء اتحاد فيما بينها.
واذا كانت العملة الموحدة تعبيرا عن التكامل بين دول المجلس، فهي ايضا وسيلة من وسائل تحسين القدرة التنافسية لاقتصادياتنا في مواجهة التكتلات الاخرى وتحصينها من التقلبات الاقتصادية العالمية التي تتسلل الينا عبر تعاملاتنا التجارية واستثماراتنا وانتقالنا كاشخاص او اموال.
ويقول العويد انه على خلاف ما يظن البعض فإن انشاء عملة خليجية موحدة لا يعني بالضرورة الانتقاص من سيادة الدول الاعضاء وقدرتها على السيطرة على مواردها.
فالعملة الاوروبية الموحدة التي باتت منافسا قويا للدولار لم تؤد الى اضمحلال الكيانات القومية الاوروبية، بل ان هذه العملة كانت من اهم العوامل التي ساهمت في تقوية الاقتصادات الوطنية المحلية وتوفير فرصة افضل لها لتعميق وجودها الاقتصادي وتقوية مؤسساتها الانتاجية.
من جهته، يرى الكاتب حسن علي كرم «ان قرار العملة الخليجية الموحدة لم يخرج من رحم المنفعة الاقتصادية الموحدة لدول المنظومة الخليجية، انما خرج من المزاج السياسي الذي يبدو انه يصب في مصلحة دول خليجية ذات اقتصاديات قوية على حساب الدول الاقل قوة وقدرة».
واكد كرم انه اذا ما توحدت العملة فإن ذلك يعني هيمنة الدولة القوية اقتصاديا على الدول الاقل اقتصادا، الامر الذي يندرج حسب المثل الشعبي تحت «السمكة الكبيرة تأكل السمكة الصغيرة».
جدير بالذكر ان فكرة اصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدأت مع نشأة المجلس، فقد اشارت الوثيقتان الرئيسيتان للمجلس، النظام الاساسي والاتفاقية الاقتصادية الموحدة لعام 1981، الى الخطوط العريضة والمعالم الاساسية والعامة لبرنامج تعاون وتكامل اقتصادي لدول مجلس التعاون بما في ذلك العمل على توحيد العملة لتكون متممة للتكامل الاقتصادي المنشود.
وقد وافق المجلس الاعلى في ديسمبر 2001 على البرنامج الزمني لاقامة الاتحاد النقدي ، والذي يقضي بتطبيق الدولار مثبتا مشتركا لعملات دول المجلس في المرحلة الحالية قبل نهاية 2002.
كما يقضي البرنامج بان تتفق الدول الاعضاء على معايير تقارب الاداء الاقتصادي ذات العلاقة بالاستقرار المالي والنقدي اللازمة لنجاح الاتحاد النقدي قبل نهاية 2005، وذلك تمهيدا لاطلاق العملة في موعد لا يتجاوز الاول من يناير 2010.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )