عمر راشد
مع سعي الحكومات العربية والخليجية الى فتح سوق المحمول امام منافسة القطاع الخاص وتخلي الدولة عن امتلاكها رخصة الهاتف النقال مع بدء خدمات الخطوط الثابتة والانترنت السماح بدخول مشغلين جدد سعيا من الحكومات وراء الايرادات الضريبية، والالتزام بقواعد المنافسة العالمية، تسعى السعودية للاتصالات بصفتها اكبر مشغل للاتصالات في الشرق الاوسط من حيث القيمة السوقية والايرادات وصافي الارباح، الى الاستحواذ على نصيب في شركات الاتصالات بالمنطقة، والتي كان آخرها استحواذ الاتصالات الثالثة على 24% من رأسمال الاتصالات الثالثة بالكويت.
وفي السوق المصري كان لطرح «اتصالات مصر» بجانب موبينيل وفودافون اكبر الاثر في دخول «اتصالات مصر» وبقوة في السوق، فعلى الرغم من تكتيك الاسعار الذي اتبعته الشركتان، الا ان اتصالات مصر استطاعت ان تحصل على حصة 10% من السوق خلال 6 اشهر فقط وعلى 3 ملايين عميل.
وفي الجزائر دخلت «اتصالات» و«كيوتل» و«زين» بقوة في مفاوضات شراء ألجيري تيليكوم لسنوات عدة، وتقدر وايرليس انتيلجينس ان لدى موبايليس 8.7 ملايين عميل أو 35% من سوق النقال في الجزائر بنهاية سبتمبر 2007.
وفيما يلي التفاصيل:
احتكار النقال
تمتع مشغلو الاتصالات في الشرق الاوسط بمجال واسع للاختيار خلال الاثني عشر شهرا الماضية نتيجة مزادات التراخيص في العراق والكويت وقطر والسعودية. ولكن في 2008 ستكون افضل الفرص للشركات في المنطقة لكي تتوسع متمثلة في ترخيصين لخصخصة شركتي الهاتف المحمول في لبنان. ومن الممكن ان طرح سورية وايران تنافسا على رخصة ثالثة، ولكن هذا يبقى غير مؤكد.
ومع الفرص المحدودة للتوسع الاقليمي فإن عام 2008 سيشهد استكشاف مشغلي الهاتف المحمول في الشرق الاوسط نماذج مختلفة للاعمال بهدف المحافظة على نموها. وستتحرى كل من السعودية للاتصالات واتصالات وزين واوراسكوم تيليكوم وكيوتل القطرية عن ثلاثة سبل بديلة لتنمية اعمالها.
ويتطلع المشغلون الخمسة الكبار الى تراخيص تطرح في السوق في بلدان اخرى حيث ستقدم الاعداد الهائلة من السكان في افريقيا والشرق الاقصى اعظم الفرص، كما سيسعون وراء الاستحواذ على العدد القليل نسبيا من المشغلين الصغار المنفتحين للاستثمارات الخارجية.
واخيرا سيسعون الى تأجير شبكاتهم لطرف ثالث من مشغلي الشبكات الافتراضية بعلاماتهم التجارية القوية وشبكات توزيعهم الواسعة.
ويسمح هؤلاء المشغلون لحاملي التراخيص الحاليين بزيادة حصتهم من السوق المحلي بقدر قليل من المخاطرة مع توليد ايرادات اضافية، ولكن المشغلين في الشرق الاوسط يعربون حتى الآن عن استنكارهم لمشغلي الشبكات الافتراضية، وكانت أشدهم استنكارا شركة الوطنية الكويتية، وشركة وبتلكو البحرينية.
سيشهد العام الحالي نهاية حقبة المشغلين الحكوميين عندما يفتح آخر سوق احتكار للهاتف النقال أمام منافسة القطاع الخاص. وفي أرجاء المنطقة ايضا بدأت خدمات الخطوط الثابتة والانترنت السماح بدخول مشغلين جدد مع سعي الحكومات وراء الايرادات الضريبية والالتزام بقواعد المنافسة العالمية.
وتتعامل الجهات المملوكة للحكومة مع هذه التطورات بطرق مختلفة. بعضها يجري بيعه وبعضها الآخر يحاول التنافس مع الشركات الاجنبية بشراء حصص في أسواق خارجية. ولكن الشركة التي تبرز على ما سواها هي السعودية للاتصالات.
وحتى الآن لم ينجح أكبر مشغل في المنطقة في استغلال النمو الاقليمي في حين أدى دخول مشغل جديد هو موبايلي في يونيو 2005 الى تآكل مطرد في ارباح وايرادات السعودية للاتصالات. وستزداد الأمور سوءا بالنسبة للشركة مع انطلاق مشغل ثالث في 2008، بينما يجري ايضا فتح خدمات الخطوط الثابتة للمنافسين.
وبإمكان السعودية للاتصالات ان تتعلم من مصر حيث تعامل الاحتكاران الثنائيان موبينيل وفودافون مع وصول مشغل ثالث بتخفيض اسعارهما حتى قبل دخوله السوق.
ولكن السعودية للاتصالات تحاول الخروج من هذا الوضع عن طريق الانفاق على شراء حصص في شركات اتصالات في آسيا، وفي رخصة الكويت الثالثة.
هذا يستحق الترحيب، ولكن لا يزال بإمكانها ان تتعلم من نظيرتيها في مصر اللتين تروجان لصفقات بين ارقام الخطوط الثابتة والنقال وتخفضان الاسعار للاحتفاظ بميزة تنافسية.
وتعد السعودية للاتصالات اكبر مشغل للاتصالات في الشرق الاوسط من حيث القيمة السوقية والايرادات وصافي الارباح. ولكنها وهي تحتفل بعيد ميلادها العاشر في وقت لاحق من العام ستكون الشركة الرئيسية الوحيدة في المنطقة التي يصغر حجمها بدلا من ان يكبر.
وتمتلك الحكومة السعودية 80% من الشركة، 70% منها للحكومة مباشرة و10% لجهتين في القطاع العام.
وكانت الشركة تنكمش منذ فتح سوقها المحلي للمنافسة في ربيع 2005 مع اطلاق موبايلي التابعة لشركة اتصالات وبذلك اصبحت ثاني مشغل هاتف نقال في البلاد.
ومن المتوقع ان يكون مصير بقية مشغلي الاتصالات الحصريين مماثلا مع فتح الاسواق للمنافسة. وسينتهي آخر احتكار للهاتف النقال في العالم العربي هذا العام عندما تبيع فودافون اول هواتفها النقالة الى القطريين الذين كان عليهم ان يكونوا عملاء لكيوتل لكي يتمكنوا من اجراء مكالماتهم الهاتفية.
كما ان المشغلين المملوكين أو شبه المملوكين للحكومة في بقية دول الشرق الاوسط سيتعرضون للضغوط مع تحرير الحكومات لأسواق اتصالاتها.
واخذت وزارات الاتصالات في ارجاء المنطقة تدرك ان بامكانها توليد دخل من الايرادات الضريبية من عدة مشغلين متنافسين أكبر مما تحصل عليه من ملكيتها لحصة أغلبية في مشغل وحيد. وستكون هذه الايرادات موضع ترحيب في بلدان تسعى الى تنويع مصادر دخلها.
وينطوي التحرير على تبعات بالنسبة لكل سوق اتصالات رئيسي في المنطقة. فالسعودية للاتصالات ستتعرض لمزيد من الضغوط في مارس عندما تطلق شركة الاتصالات التوسعية الكويتية زين شركتها التابعة في السعودية.
وكانت الحكومة تمتلك 100% من اسهم السعودية للاتصالات قبل ان تعوم 20% منها في سوق تداول عام 2003. وهي تمتلك حاليا حصة 70.3% من السوق بينما تمتلك منافستها الوحيدة موبايلي 29.7%.
وستأخذ زين من حصة كلتا الشركتين.
وفي مصر تأثر محتكرا سوق النقال موبينيل ، التابعة لاوراسكوم تيليكوم ، وفودافون مصر باطلاق اتصالات مصر التابعة لاتصالات في مايو 2007. وكان امام الشركتين 12 شهرا بين منح الترخيص الثالث لاتصالات واطلاق اتصالات مصر، فاستخدمتا هذه الفترة للحصول على اكبر قدر ممكن من السوق المصري عن طريق تخفيضات حادة في اسعارهما.
ووقعت فودافون مصر اتفاقية مع مصر تيليكوم لعرض مكالمات مخفضة لارقام خطوط ثابتة مفضلة.
ولكن تكتيك خفض الاسعار الذي اتبعته الشركتان اخفق في منع اتصالات مصر من الحصول على حصة 10% من السوق خلال 6 أشهر فقط وعلى 3 ملايين عميل ، مع ان هذه الأرقام لم تتأكد بشكل مستقل. ولا تزال أرقام مشغل الرخصة الثالثة غير مدققة على العكس من ارقام موبينيل وفودافون مصر.
ومن الممكن لاحتكار الخطوط الثابتة المملوك للدولة الجزائرية ألجيري تيليكوم ان يسمح بدخول مشغل اجنبي في 2008 بعد ان وعدت وزارة الاتصالات بخصخصة حصة استراتيجية في الجيري تيليكوم لسنوات عدة.
وابدت كل من اتصالات وكيوتل وزين اهتمامها بشراء الحصة مما سيعطيها قدرا من السيطرة على ثاني اكبر مشغل نقال في الجزائر وهو موبايليس المملوكة ايضا لالجيري تيليكوم ، ولكن ستبقى عدة صعوبات.
وتقدر وايرليس انتيليجنس ان لدى موبايليس 8.7 ملايين عميل أو 35% من سوق النقال في الجزائر بنهاية سبتمبر 2007.
وافادت دجيزي وهي احدى الشركات التابعة لأوراسكوم تيليكوم عن امتلاكها لحصة 66% من السوق في نهاية سبتمبر 2007.
وتقول ادارتها ان موبايليس لديها عدد اقل من العملاء مما تقدره وايرليس انتيليجنس. ولا يمتلك المستثمرون المحتملون في ألجيري تيليكوم معلومات كافية لمعرفة ما الذي يشترونه.
وتشكل الجزائر ومصر والسعودية اسواقا هائلة لعدد قليل من المشغلين في الشرق الاوسط الذين يمتلكون الموارد المالية التي تتيح لهم التوسع الى بلدان جديدة بحرية.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )