قال تقرير «غلودمان ساكس» إن ارتباط عملات دول الخليج العربية بالعملة الأميركية (الدولار) المتراجع لا يمكن أن يستمر، وان على دول المنطقة أن تتحرك إلى نظام صرف مرن، خصوصا في ظل نمو نسبة التضخم في الدول الست التي تبلغ في بعض الدول اكثر من 10%.
وذكر التقرير إن التطورات الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية وكذلك في سوق الطاقة العالمية زاد من ورطة المصارف المركزية لدول الخليج العربية وقوى من إمكان تعديل ربط العملات خصوصا في دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر اللتين تشهدان نسبة عالية من التضخم.
وأضاف «حتى الآن أطلقت المصارف المركزية في دول الخليج العربية العنان للتضخم لينمو، كما أن الحكومات الإقليمية غير راغبة كذلك في تطبيق إجراءات مالية مشددة وهذا ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم، خصوصا في الاقتصادات السريعة النمو مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر اللتين زادت فيهما نسبة التضخم في الآونة الأخيرة إلى نحو 15%.
وأظهر التقرير أن الكويت تأتي في المرتبة الثالثة من حيث نسبة التضخم تتبعها البحرين ثم المملكة العربية السعودية بينما أقل نسبة تضخم في سلطنة عمان.
وذكر التقرير أن الضغط على المصارف المركزية تزايد في الأشهر القليلة الماضية بشأن سعر صرف مرن لعملات دول الخليج، كما أن سعر الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسية استمر ضعيفا في وقت يتوقع أن يستمر تراجع الاقتصاد الأميركي بسبب مشكلات قطاع السكن «وان دول الخليج العربية ستستورد بعضا من هذا التضخم عن طريق ضعف الدولار».
كما يتوقع أن يقوم المجلس الفيدرالي الاحتياطي الأميركي بخفض سعر الفائدة بنسبة 75 نقطة أساس العام المقبل بعد خفضه نصف نقطة مئوية في وقت سابق من العام الجاري لتبلغ 4% بدلا من 4.5% الآن.
وقال التقرير: «هذه الأمور تظهر التحديات الكبيرة التي تواجهها المصارف المركزية في دول الخليج العربية، وإذا استمرت هذه الدول في ربط عملاتها بالدولار فإن على المصارف المركزية أن تكون سياساتها مجارية للولايات المتحدة».
وأضاف «إذا لم تقم المصارف المركزية باتباع خطوة المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عندما خفض نسبة الفائدة فسيتسع الفرق في سعر الفائدة ويزيد الضغط على عملات دول الخليج العربية».
وكانت دول الخليج العربية أعربت خلال اجتماع في دمشق عن التزامها بسياسة الارتباط بالدولار، وقالت إنها ستخفض السعر على خطى المجلس الاتحادي الفيدرالي نفسها.
وأوضح التقرير «نحن نعتقد أن إمكان تعديل سعر الصرف (في عملات الخليج) زاد بعد الحوادث الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية وسوق الطاقة العالمية رغم صعوبة تحديد الزمن لحدوث ذلك».
وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى ازدهار اقتصادي غير مسبوق في منطقة الخليج ولكنه أيضا أدى إلى ارتفاع مستوى التضخم. فقد قفزت معدلات النمو في اقتصادات دول الخليج العربية التي تنتج نحو 16 مليون برميل من النفط يوميا بعد صعود أسعار النفط في الأسواق الدولية إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل الواحد.
وينتظر أن تستمر أسعار النفط عند مستوياتها العالية حتى عام 2010 أو 2011.
وقال مسؤول دولي إن التضخم لا يقتصر على المنطقة وإنما هو صفة عالمية وأن ارتباط دول المنطقة مع الدول الأوروبية في زيادة مطردة ولذلك فإن اقتصاداتها ترتبط بشكل مباشر وغير مباشر باقتصادات هذه الدول. ومعظم دول المنطقة هي دول مستوردة لمعظم المواد الاستهلاكية بينما تنحصر صادرات دول المنطقة إلى العالم الخارجي في أربع مواد معروفة هي النفط والغاز والبتروكيماويات والألمنيوم.
ورغم أن البحرين تنعم بأقل نسبة تضخم بين دول المنطقة التي تبلغ 9% في دولة الإمارات العربية المتحدة واكثر من ذلك في قطر، فإن أسعار المواد الاستهلاكية استمرت في الارتفاع خصوصا في الأشهر القليلة الماضية.
وقال مسؤولون في البنك الدولي إن معظم الدول المستهلكة للنفط زادت من أسعار المواد التي تصدرها بغية التعويض وتقليل فاتورة النفط التي ارتفعت بحدة قبل نحو عامين بعد.
كما تستفيد هذه الدول من تحويلات الأجانب العاملين في المنطقة والبالغ عددهم نحو 10 ملايين عامل يحولون نحو 30 مليار دولار سنويا إلى بلدانهم.
وتظهر دراسة أن أنواع التضخم 4 هي التضخم الأصيل حين لا تقابل الزيادة في الطلب الكلي زيادة في معدّلات الإنتاج مما ينعكس أثره في ارتفاع الأسعار، والتضخم الزاحف وهو الارتفاع البطيء في الأسعار، والتضخم المكبوت وهي حال يتم خلالها منع الأسعار من الارتفاع من خلال سياسات تتمثل في وضع ضوابط وقيود تحول دون اتفاق كلي وارتفاع الأسعار.
أما النوع الرابع فهو التضخم المفرط وهو ارتفاع معدلات التضخم بمعدلات عالية يترافق معها سرعة في تداول النقد في السوق، وقد يؤدي هذا النوع من التضخم إلى انهيار العملة الوطنية، كما حصل في كل من المانيا خلال عامي 1921 و1923 وفي هنغاريا عام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية.
وضمن الآثار الاقتصادية المترتبة على التضخم ارتفاع الأسعار والكتلة النقدية المتداولة بحيث يترتب على صعود معدلات التضخم ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية فضلا عن وجود كتلة نقدية كبيرة متداولة في السوق، وقد تكون هذه الكتلة محصورة بين أيدي مجموعة صغيرة لا تشكل إلا نسبة ضئيلة جدا من السكان، ما يعكس آثاره الاقتصادية السلبية على المستويات المعيشية للسكان.
كما أن ازدياد معدلات التضخم تؤدي إلى خفض القيمة الشرائية للنقد ما يؤدي إلى زيادة الطلب على رؤوس الأموال لتمويل المشروعات المقترحة وبالتالي نمو أسعار الفائدة.
كما يؤدي التضخم إلى انخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق الدولية وهذا يسبب زيادة المدفوعات مقابل انخفاض الإيرادات بالتالي حصول عجز في الميزان التجاري.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )