عمر راشد
توقع عدد من المهنيين والخبراء والمعنيين في الكويت زيادة معدلات التضخم إلى نسب تتراوح بين 9 - 10% خلال 2008، مما يضعف من تأثير زيادة الرواتب ويجعلها ورقية، مضيفين أن تلك الزيادة ما هي إلا مجاملة سياسية وخطوة افتقدت خطوات أخرى أكثر ضرورة من خلال ضبط الأسعار وسن تشريعات من شأنها العمل على تطوير وتحسين العمل الاقتصادي وتحويل الأفراد إلى منتجــين وأن يكـــون هنـــاك إقرار لمبدأ وكذلك العمل على تعزيز الثقافة الاستثمارية لدى الأفراد من خلال تشجيع المشروعات الصغيرة وتطوير النظام التعليمي والصحي وتعزيز الادخار الحكومي من خلال شركات مساهمة عامـــة تساهـــم في تأهيل الكويتيين.
وقال عدد من التعاونيين إن الزيادة في الرواتب ورقية والتهمها التجار مبكرا من خـــلال زيادة بعـــض السلـــع إلى أكثر مـن 50% والبعـض الآخر بحدود الـ 40 % وعلى رأسها الأرز واللحوم والزيــــوت وغيرهـا من السلع، مطالبة بعودة العمل بلجنـــة الأسعار كأحـد آليات ضبـط الأسعار والعمل على عدم التـــلاعب بالأسعار وتوحيدها بين الجمعيـات التعـــاونية المختلفة.
الخبير الاقتصادي حجاج بوخضور قال إن الزيادة مجاملة سياسية لمطالبات مجلس الأمة وستؤدي إلى مزيد من الإنفاق الاستهلاكي مع تحفيز الطلب، مما يؤدي إلى مضاعفة التضخم، متوقعا أن يتراوح ما بين 9 - 10% خلال 2008، وهو ما يعني انحسارا لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لمزيد من الثقافة الاستهلاكية للمجتمع.
وقال «إن خطورة الزيادة أن الوافدين سيحترقون بها في ظل غياب سياسات حكومية واضحة للتعامل مع الأزمة بشكل جدي تساهم في كبح جماح الأسعار التي ستحول تلك الزيادة إلى ورقية وتصبح بلا قيمة بمرور الوقت.
وأشار بوخضور إلى أن هناك اعتمادا على الزيادات النفطية في إصدار علاوة غلاء المعيشة الأخيرة ولكنها زيادة سرعان ما سترتد على المواطن الخليجي الذي سيدفع فاتورتها أضعافا مضاعفة بسبب زيادة أسعار السلع الاستهلاكية التي في معظمها تكون مستوردة مما سيدفع الأفراد إلى تبني سياسات أخرى من شأنها أن تؤثر على الأداء بصورة عامة.
وطالب بوخضور الحكومة بسياسات أكثر رشادة تهدف إلى تعزيز القدرات التنموية والاقتصادية بعيدا عن المزايدات السياسية التي ستؤول بلا شك إلى انفجار اجتماعي لا تحمد عقباه، لأن أدوات السياسة المالية والنقدية ستكون غير مفعلة ومن ثم سيؤدي ذلك إلى حراك اجتماعي سلبي لن تستطيع الحكومة معالجته مستقبلا.
الحكومة غير ملزمة
ومن جانبه رفض رئيس مجلس إدارة بنك الكويت الدولي عبدالوهاب الوزان مبدأ زيادة الرواتب.
موضحا أن الحكومة غير ملزمة بزيادة الرواتب مع كل طفرة نفطية، وإلا كان خفض الرواتب ضرورة مع كل انخفاض في أسعار النفط وهو أمر غير مقبول.
وقال إن زيادة الرواتب تعني زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات التي في معظمها استهلاكي مستورد، الأمر الذي سيؤدي إلى الدخول في حلقة تعاقبية مفرغة من زيادة الرواتب ثم زيادة الأسعار فالمطالبة بزيادة الرواتب مرة أخرى.
وأشار إلى أن زيادة الرواتب التي لم توضع في موازنة 2008/2009 تعني خفض مخصص احتياطي الأجيال المقبلة أو العمل على تقليل الفائض في الموازنة العامة للدولة، مشيرا إلى المعالجة يجب أن تكون من خلال حزمة متناسقة بين السياستين المالية والنقدية»، مشيرا أن الزيادة يجب أن تكون في إطار متناسب مع موجة الغلاء.
التهام الزيادة
وحول رأي التعاونيين في الأزمة، قال رئيس جمعية العديلية التعاونية أسامة السمحان «إن التجار قاموا بالتهام الزيادات قبل إقرارها من خلال زيادات السلع الأساسية بنسب تراوحت بين 20 و50%، مثل الأرز والزيوت واللحوم مع غياب بعض الأصناف أحيانا، وهو ما يسبب أزمة حقيقية في السوق إن زيادة الرواتب تعني زيادة أسعار الكثير من المواد الغذائية في أكثر من 55 جمعية تعاونية، حيث ترك الأسعار ليحددها الطرف الأقوى وهو التاجر على حساب الجمعيات والمستهلكين، فالتاجر يقوم بتغيير الأسعار من جمعية إلى أخرى، مما يعني غياب الشفافية في الأسعار وقد تمتنع الجمعية عن الشراء أحيانا، مما يعني غياب السلع عن المواطنين وبالتالي غياب دور الجمعية الحقيقي في توفير السلع بأسعار مناسبة»، متوقعا مزيدا من الزيادات السعرية مستقبلا في ظل غياب ضوابط سعرية.
وقال «إن غياب لجنة الأسعار ساهم في تشكيل عامل تأزيم حقيقي، حيث أصبح التعامل بين التاجر والجمعية مباشرة، الأمر الذي جعل الجمعيات تحت رحمة التاجر الذي يتحكم في الأسعار دون ضوابط.
وقال أمين السر وعضو الجمعية الاقتصادية خليل القناعي إن علاوة غلاء المعيشة ما هي إلا مكافأة شهرية يمكن للحكومة التلاعب بها ارتفاعا وانخفاضا حسب أسعار النفط، ويجعلها بعيدا عن المساءلة الحقيقية من قبل الموظفين»، موضحا أن الزيادة تعني مزيدا من السيولة في يد الأفراد وزيادة الاقتراض مع التسهيلات الائتمانية، مما يعني مزيدا من أزمة المعسرين، وكذلك مزيد من الأسعار غير المبررة مما يعني خلق ضغوط تضخمية تعيد المواطن وراتبه لمربع الصفر مرة أخرى.
وقال إن الزيادة استمرار لنهج الحكومة في إعطاء المسكنات التي عادة ما يتم نفض غبارها بعد فترة، وتجد الحكومة نفسها أمام ورطة أخرى تحلها من خلال المنح النفطية المقطوعة.
إقرار الكوادر مقبول
وقال رئيس مجلس إدارة نقابة العاملين في ناقلات نفط الكويت محمد الشايجي «إن زيادة الراتب ورقية، والسبب التجار هم الذين سيلتهمونها بمزيد من ارتفاعات الأسعار»، مشيرا إلى أن الزيادات ستعيد وضع العاملين في قطاع النفط إلى المربع الأول مرة أخرى، ومتوقعا ردود أفعال مختلفة، قائلا «إن إقرار الكادر خطوة بحاجة إلى مزيد من التطوير».
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )