عاطف رمضان
يبدو ان العلاقة بين التعاونيين والتجار بدأت تأخذ أبعادا جديدة تتسم بروح التعاون الذي من شأنه ان ينعكس ايجابا لمصلحة المواطنين والمقيمين، تاركين التجاذبات والتشاحنات التي لا تثمر سوى زيادة المشاكل تعقيدا.
وينجلي ذلك من خلال الندوة التي نظمها كل من اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية واتحاد تجار ومصنعي المواد الغذائية اول من امس في مقر اتحاد التعاونيات بشأن تعريف الغلاء واسبابه تحت شعار «يدا بيد من اجل مصلحة الكويت» حيث اجتمع الطرفان تحت سقف واحد وادلى كل منهما بوجهة نظره في هذه المشكلة المحلية، «بل العالمية» للوقوف على الاسباب الحقيقية لارتفاع الاسعار والسبل الكفيلة بعودة الاسعار لما كانت عليه او التخفيف من الزيادات التي طالت العديد من المنتجات الرئيسية وغير الرئيسية.
فقد وصف رئيس اتحاد تجار ومصنعي المواد الغذائية عبدالله البعيجان في تصريح للصحافيين على هامش الندوة هذا الاجتماع بأنه «سيفتح صفحة بيضاء بين التعاونيين والتجار»، مشيرا الى ضرورة هذا التعاون بشكل جماعي للحد او التخفيف من ارتفاع الاسعار.
واضاف البعيجان ان هذه الندوة كشفت اسباب الزيادات في الاسعار وهل هي مصطنعة ام غير مصطنعة وبينت انها ظاهرة عالمية نتيجة عوامل متعددة مثـل ارتفاع اسعار النفط والتقلبات فــي اسعار العملات الرئيسية وزيادة اسعار النقل والشحن وغيرها من الامور المتسببة في هذا الغلاء.
واشار البعيجان الى ان التجار غير الاعضاء في اتحاد تجار ومصنعي المواد الغذائية يساءلون من قبل وزارة التجارة والصناعة، مشيدا بجهود مدير ادارة الرقابة التجارية بالوزارة راشد الهاجري الذي بذل جهودا كبيرة في مراقبة السوق وأبدى تعاونه مع اتحاد التجار.
ولفت الى انه من المتوقع استمرار ارتفاع الاسعار العالمية خلال العام 2008 حسب التقارير والدراسات المعدة بهذا الشأن، موضحا ان التجار يواجهون معوقات في هذا الصدد حيث انهم لا يستطيعون وقف استيراد منتج معين بسبب ارتفاع سعره والبحث عن منتجات بديلة عن هذا المنتج.
واشاد البعيجان بالحلول والمقترحات التي تقدمت بها تعاونية الصليبخات ممثلة برئيس مجلس ادارتها د.مطر المطيري، معربا عن ترحيبه بهذه الاقتراحات المتعلقة «بالتأجير والمجاني» واصفا هذه المقترحات بأنها جديدة وقد صدرت من «أول جمعية في الكويت» تبادر وتأخذ هذا الموضوع بمحمل الجدية.
وفي الاطار ذاته قال رئيس مجلس ادارة اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية «المعين» محمد الانصاري ان موضوع ارتفاع الاسعار، اصبح خلال الفترة الاخيرة الشغل الشاغل لعموم المستهلكين من مواطنين ومقيمين، كما انها اصبحت محورا للحديث في جميع الاوساط التعاونية والتجارية والصحافية والاعلامية وفي الندوات الخاصة وعلى مستوى التجمعات والافراد على حد سواء، ومن اجل هذا ومن منطلق شعورنا جميعا - تعاونيين وتجارا - بالمسؤولية تجاه المستهلكين، كان لزاما علينا عقد هذه الندوة لنجتمع سويا تحت سقف واحد نناقش هذه القضية بجميع جوانبها وملابساتها وتداعياتها واثرها على كل من الجمعيات والتجار والمستهلكين.
واضاف الانصاري في كلمته التي القاها في الندوة ان كثيرين يجانبهم الصواب حينما ينظرون الى كل من الحركة التعاونية والحركة التجارية كحركتين متنافستين متضادتين كل منهما تسعى الى ازاحة الاخرى من الميدان لتنفرد به وتهيمن عليه، ولكن الامر على العكس من ذلك تماما، اذ ان الحركتين التعاونية والتجارية كلتيهما تكملان احداهما الاخرى، فلا يتصور وجود الجمعيات من دون التجار فكل ما في الجمعيات من سلع قد تم توفيره بواسطة التجار سواء بطريق مباشر او غير مباشر، كذلك لا يتصور وجود التجار من دون جمعيات، لأن الجمعيات بأسواقها وفروعها المنتشرة في جميع انحاء البلاد تشكل اكبر منفذ تسويقي للتجار، وليست هناك دلالة اكبر على هذا التكامل من تجمعنا لتقريب وجهات النظر وتوحيد الكلمة لمجابهة قضية واحدة هي قضية الغلاء وارتفاع الاسعار، فهذه القضية تهم الجميع، تجار وجمعيات ومستهلكين.
واشار الى ان مشكلة الغلاء وارتفاع الاسعار لقت بظلالها على جميع مناحي الحياة في البلاد، واستوعبت اهتمام المجتمع بمختلف فئاته، وقام الجميع بمحاولات كبيرة لتطويق هذه القضية وكبح جماحها ووقف نموها، كل حسب موقع صلاحياته، فقد قام الاتحاد بمناقشتها ودراستها واتخاذ قرارات بشأنها على مدى اشهر عدة تزيد على نصف العام، وخصص مجلس الامة اكثر من جلسة من جلساته لهذه القضية وأحالها الى احدى اللجان المنبثقة عنه، كما قامت غرفة تجارة وصناعة الكويت بعقد ندوة حول النظرية الاقتصادية وارتفاع الاسعار في الكويت، وآليات معالجتها والتخفيف من حدتها.
واستطرد قائلا: فكما نرى القضية ليست سهلة ولا يمكن النظر فيها بسطحية، وانما تحتاج الى فهم شمولي وتحليل عميق للأسباب ولآليات تفاعلها ووسائل كبح جماحها وتطويق انعكاساتها، وهذا جل ما نأمله.
ولا يأتي ذلك الا من خلال المشاركة الايجابية والفاعلة من قبل جميع الحاضرين في مناقشة هذه القضية وطرح ما يرونه من افكار ومقترحات بما يمكننا من التوصل الى كيفية القضاء على ظاهرة الغلاء وارتفاع الاسعار، فإن حققنا ذلك بتوفيق من الله تعالى ثم بحسن مشاركتكم وصدق تفاعلكم، فسنكون قد قدمنا اكبر هدية للمستهلكين ورفعنا عن كاهلهم عبئا طالما عانوا منه في الفترة الماضية.
هذا وقد تطرق مستشار اتحاد تجار ومصنعي المواد الغذائية فؤاد المصري خلال محاضرة له ضمن برنامج الندوة الى العديد من الأسباب وراء ارتفاع اسعار المنتجات الغذائية وظهور موجة الغلاء بشكل عام، حيث تحدث عن ظاهرة ارتفاع الاسعار، وهل هي حقيقية ام وهمية، واستنتج ان ازمة الاسعار عالمية وليست محلية لأسباب متنوعة، مستندا الى بعض التقارير المتخصصة في هذا الشأن، ومشيرا الى ان حل هذه المشكلة لا يتحقق الا من خلال تكاتف جميع الجهات الحكومية والخاصة.
من جهة اخرى، كانت هناك مداخلات من ممثلي الجمعيات التعاونية، حيث تطرق بعضهم الى ضرورة ان تكون هناك ابحاث علمية متخصصة لحل مشكلة الاسعار، ومن هؤلاء د.عادل عباس ممثلا عن تعاونية الجابرية، حيث طالب بضرورة ان تكون هناك قناة فضائية لاتحاد التعاونيات.
واكد رئيس تعاونية النزهة رياض العدساني ان بعض الشركات زادت اسعار منتجاتها بنسب تقارب وتزيد على 30%، وتطرق كذلك الى ضرورة مقاطعة المنتجات الدنماركية، ووافقه في ذلك عدد من الحضور من بينهم رئيس تعاونية بيان مشعل العرادة.
اما امين سر تعاونية القادسية عبدالرحمن المخيزيم، فقد اكد ان تنازل التعاونيات عن رسوم قيمة تأجير الرفوف انما هو دعم من التعاونيات للتجار.
واشار المخيزيم الى ان هناك كثيرا من التجار يزيدون الاسعار في الكويت مقارنة بمنتجاتهم التي يصدرونها للخارج، الامر الذي يدل على ان هناك زيادة مصطنعة في الاسعار وغير مبررة.
واشار الى ضرورة التنسيق بين التعاونيات والتجار في موضوع مقاطعة المنتجات الدنماركية كأن يكون هناك «انذار» للتاجر للتخلص من بضائعه «المخزونة» حتى لا يتحمل الخسائر في حال مقاطعة هذه المنتجات.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )