كشف تقرير مؤسسة استشارية عالمية ان حجم الاصول الاجنبية لدول مجلس التعاون الخليجي الست يتجاوز 2000 مليار دولار في نهاية العام الحالي، وبوصول اجمالي ناتجها المحلي الى 900 مليار دولار العام الفائت، يصبح حجم الموجودات الخارجية لها اكثر من ضعفه، وتعود التدفقات الاستثمارية الخليجية الكبيرة الى عدة عوامل:
الاول: ارتفاع اسعار النفط وتغير الاستراتيجية الاستثمارية لدول مجلس التعاون وقد ساعدت عائدات النفط في ضبط حسابات دول الخليج اولا ثم التوجه الى الخارج، فبعد سد عجز الميزانيات الخليجية وتسديد الديون تتجه الفوائض النفطية الى بناء احتياطيات قوية لتلك الدول وتدعيم الصناديق السيادية التي تدير استثمارات كبيرة لدول المجلس.
ومع تجاوز حجم التدفقات المالية من دول الخليج الى الخارج نصف تريليون دولار في السنوات الخمس الاخيرة، فإن ابرز ما يميز تلك الاستثمارات هو عدة امور: أهمها توزعها الذي جاء على الشكل الآتي: النصف في الاقتصاد الاميركي عبر عمليات استحواذ واستثمار في الولايات المتحدة والاصول المقومة بالدولار - الخمس في الاقتصادات الاوروبية والاصول المقومة باليورو - 10% استثمارات في العالم العربي بلغت التدفقات الاستثمارية الخليجية الى العالم العربي باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي في فترة 2001 - 2006 نحو 60 مليار دولار ذهب اغلبها الى المغرب والاردن ومصر، فيما ذهبت البقية الى دول اخرى اكثرها في آسيا.
تنوع هذه الاستثمارات، بدلا من تركيزها في الاسهم والسندات والاصول العقارية، لتدخل في اصول الشركات وتمويل المشروعات والمساهمة في صناديق الاستثمار المغلقة وصناديق التحوط وعمليات الشراء والاستحواذ على الشركات الكبرى.
وتتوقع التقارير مع استمرار مشاكل الاقتصاد الاميركي وربما الاوروبي بعض الشيء، زيادة ضخ الاستثمارات الخليجية في الاقتصادات الغربية خلال العام الحالي، وربما بوتيرة اعلى من العام الفائت، وبالفعل، وبعد انكشاف المصارف الرئيسية على ازمة القروض العقارية الرديئة في السوق الاميركية، تقدر حاجة تلك المصارف لتمويلات عاجلة بحدود 40 مليار دولار بعد خسائرها في الربع الاخير من العام الفائت.
اما السبب الثاني فهو الاداء القوي لسوق الاكتتابات في منطقة الشرق الاوسط خلال العام الفائت، حيث وصل عدد الشركات التي طرحت اسهمها للاكتتاب الى 52 شركة حققت عائدات اجمالية قيمتها 12.8 مليار دولار.
والسبب الثالث الامكانيات التي تحملها سوق سندات الشركات في منطقة الخليج لإصدار سندات تقليدية وصكوك اسلامية بقيمة 50 مليار دولار على المدى القريب رغم تقلب الاسواق العالمية الذي بقيت المنطقة بعيدة عن مؤثراته.
لذلك يتوقع الخبراء ان تحتاج المؤسسات الخليجية الى اطلاق سندات عالمية للحصول على مزيد من السيولة لتمويل المشاريع، واستمرار الجهات الحكومية في استقطاب مستثمرين راغبين في الاستثمار في منطقة الخليج التي تنمو بشكل كبير في ظل وضع مالي ايجابي، واستمرار ارتفاع اسعار النفط والغاز وحفاظ المنطقة على جاذبيتها، وهي عوامل يجب ان تكون نموا اضافيا للكثير من صناعاتها الرئيسية غير النفطية التي توفر اليوم معظم النشاط التصنيعي المؤسساتي الجديد.
والسبب الرابع استمرار الاسهم كأفضل اصول للاستثمار خلال العام الحالي، خصوصا اسهم الشركات ذات القيم السوقية الكبيرة.
ويحدد خبراء الاستثمار عدة توجهات استثمارية للعام 2008 تساعد العملاء على بناء محافظهم الاستثمارية ابرزها: اسعار السلع الزراعية الصاعدة بفعل تزايد وتيرة التصنيع في الاسواق الناشئة وارتفاع عدد السكان ومعدل التضخم في تلك الاسواق، اضافة الى انخفاض المخزون وتراجع المساحات المزروعة.
اسعار السلع الصناعية كالحديد والنحاس والطاقة كالنفط والغاز، والى حد ما اسعار المعادن الثمينة التي تشهد ارتفاعا عاليا في اسعارها.
وبحسب الخبراء فإن الافتراض باستمرار الضعف في سعر الدولار تبعا لسياسة نقدية اميركية تركز على محاربة الركود الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم في الاسواق الناشئة مصحوبة بمعدلات نمو فعلية قوية واستمرار الزخم في اسعار السلع، توفر فرصا لعوائد استثمارية عالية.
من هنا فإن التقييم السائد لأسعار الاسهم في الاسواق الناشئة، ووجود سيولة عالية يخلقان فرصا استثمارية في اسواق الشرق الاوسط.
ان التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تقود في العديد من الاسواق الناشئة الى تزايد الطلب العالمي على البنى التحتية، بما يفوق الاستثمارات القائمة حاليا في عدة قطاعات (احتياجات آسيا في هذا المضمار مثلا تعادل 180 مليار دولار بحلول العام 2010)، بينما يتزايد الطلب في الدول الصناعية على استبدال البنى التحتية القائمة، لذلك تقوم الحكومات حول العالم لمواجهة هذا التحدي بفتح قطاع البنى التحتية امام القطاع الخاص للمشاركة في هذه التوظيفات.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )