عمر راشد
تحققت نبوءة اقتصاديي ميريل لينش في شقها الأول القاضي بانخفاض الدولار أمام العملات الرئيسية وآخرها تسجيله انخفاضا قياسيا جديدا أمام اليورو بالغا 1.53 دولار أما الشق الثاني عن اتجاه دول الخليج بفك ارتباط عملتها بالدولار فلم تتحقق بعد ويرى البعض أنها لن تتحقق.
وأكد محللون أن مسلسل الضربات التي يتلقاها الدولار الأميركي لن تنتهي على المدى القصير وفق رؤية العديد من المحللين، حيث سجل انخفاضا قياسيا جديدا أمام اليورو يوم الأربعاء الماضي بالغا 1.53 دولار والثانية هو ارتفاع سعر صرف الريال السعودي مقابلالدولار لأعلى مستوى له منذ 21 عاما، وهي الخطوة التي جاءت نتيجة للقرار السعودي بعدم الاقتداء بتحركات الفائدة الأميركية، وهو ما اعتبرته بعض الصحف البريطانية وعلى رأسها «ديلي تلجراف» البريطانية أنه «مقدمة لاتخاذ السعودية قرارا بفك ربط عملتها بالدولار».
سبب هامشي
وأكد بعض المحللين الماليين ان «خفض أسعار الفائدة سبب هامشي والقضية تعود لأسباب جوهرية، بعضها هيكلي، والآخر طارئ»، مشيرين إلى أن الأسباب الهيكلية يعود بعضها إلى المغامرات السياسية التي دخلتها الولايات المتحدة خاصة بعد غزوها العراق، والتي كان من تداعياتها حدوث عجز دائم في الميزان التجاري، والبعض الآخر يتعلق بصدور اليورو كعملة قوية شكلت منافسا قويا للدولار.
أما عن الأسباب الطارئة فهي حدوث ما يعرف بـ «الأثر السياسي على القرار الاقتصادي»، حيث اتخذت الولايات المتحدة قرارات سياسية كان من شأنها التأثير على الاقتصاد، مثل القوانين التي صدرت اخيرا بخصوص تجميد الأموال في إطار ما يعرف بمكافحة الإرهاب، وهو ما دفع المستثمر الخليجي إلى الخوف من استثمار كل أمواله بالدولار خوفا من مصادرتها بأي حجة ولجوئه لعملات أخرى، أو الاتجاه إلى الأصول البديلة للعملات كالذهب والبلاتين والبورصات.
الرهن العقاري
ويرى آخرون أن أزمة الرهن العقاري التي تعاني منها أميركاساهمت في انخفاض الدولار، وكانت الأزمة قد اندلعت بسبب العدد المتزايد للأميركيين غير القادرين على سداد القروض المستحقة عليهم نظير شرائهم عقارات، وذلك لارتفاع نسب الفائدة عليها.
وأوضح أن ذلك دفع بالمقرضين - عبر العالم - إلى إبداء مزيد من الحيطة، واتخاذ إجراءات حماية مشددة، أدت إلى تقلص القروض، وارتفاع نسب الفائدة.
فك الارتباط
والمشكلة الرئيسية ليست في تداعيات الدولار أمام العملات الرئيسية لكن في خطوات دول مجلس التعاون الخليجي تجاه الخفض، حيث قالت محللة شؤون الأسواق الناشئة في بنك كاليون بباريس «كلير ديسو» لوكالة «رويترز» في سبتمبر من 2007 أنها تتوقع أن تقوم الإمارات وقطر بخطوة فك الارتباط بعد أن أقدمت عليها الكويت في مايو من 20007 ورأت أنها متوقعة.
وقد اختلف في ذلك مجموعة من المحللين الاقتصاديين حيث رأوا استحالة تحقيق فكرة فك الارتباط حيث ان أغلب احتياطيات الدول الخليجية بالأسواق العالمية بالدولار، ومن ثم فإن أي خفض لسعر صرف الدولار ستدفع فاتورته تلك الاحتياطيات الدولارية، وهي ضخمة، حيث وصلت بالسعودية، على حد قوله، إلى 950 مليار دولار.
وبالإضافة لذلك، فإن تلك الدول لجأت إلى وسائل بديلة لعلاج مشكلة التضخم التي نتجت عن انخفاض سعر الدولار، وكانت سببا رئيسيا في اتخاذ الكويت لخطوة فك ارتباط عملتها بالدولار، ومن بعدها رفع سعر صرف عملتها أمامه، ومن هذه الوسائل رفع الفائدة على العملة المحلية لامتصاص السيولة الزائدة التي تضغط على الأسعار وتتسبب في ارتفاعها.
احتمال مستبعد
ورأى البعض أن علاقة الكويت بالدولار لم تكن طوال تاريخها بنفس قوة علاقة الدول الأخرى به، حيث كانت الكويت قبل عام 2003 تربط عملتها بسلة عملات، وعندما ظهرت فكرة الوحدة النقدية بين دول الخليج، تولدت ضرورة توحيد السياسة النقدية بتلك الدول، فانتهجت الكويت نهج الدول الخليجية نفسه في ربط العملة بالدولار، وجاءت الانخفاضات المتتالية للدولار وتعثر خطوات تنفيذ الوحدة النقدية لتدفعها للعودة إلى سلة العملات مرة أخرى، مما أعطاها مساحة من الحرية أدت لرفع قيمة عملتها أمام الدولار، أي ان «ريما عادت لعادتها القديمة» - على حد قول الخبير الاقتصادي.
واستبعد البعض تطبيق الفكرة بالدول الخليجية الأخرى لسببين، الأول هو انتهاج سياسة سعر الصرف الثابت بهذه الدول، ومن ثم فهي تترك نفسها للدولار، على حد وصفه، بحيث ترتفع قيمة عملتها مع ارتفاعه، وتنخفض مع انخفاضه، وترى تلك الدول في ذلك تشجيعا للمستثمر الخارجي الذي لابد من أن يشعر باستقرار سعر الصرف، أما السبب الثاني، فهو أن أغلب التجارة الخارجية لتلك الدول تتم بالدولار، واستشهد بقطر التي تتم 70% من تجارتها به.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )