محمود فاروق
اختتمت امس انشطة المؤتمر الدولي الثاني للاقتصاد الاسلامي والذي كان تحت شعار التعامل مع البنوك والمؤسسات التقليدية، حيث تناول المؤتمر عدة موضوعات اقتصادية خاصة بالشريعة الاسلامية بالغة الاهمية لتعلقها بالامور العصرية التي نواكبها خلال الفترة الحالية حيث عرض الباحثون اوراق اعمالهم وتوصياتم بعد انعقاد الجلسة الرابعة.
واتسمت الجلسات الختامية بالعديد من المشادات الكلامية والحادة بين د.عيسى زكي ونظيره سعود الربيعة حول البنوك التقليدية واختلاف مسماها الاصلي «الربوي» وعن انهاء التعامل مع تلك البنوك حيث تم انشاء بنوك اسلامية من خلال بنوك تقليدية مما اثار التساؤلات عند كثير من الخبراء الاقتصاديين الشرعيين.
وعقب انتهاء الجلسة عقب الخبير الفقهي في الامور الاقتصادية عيسى زكي قائلا: ان الممارسة العملية لم تعرف فقط بتبني البنوك التقليدية وشركات الاستثمار التقليدية للصيغ الاسلامية في التمويل والاستثمار من بعض صيغ التمويل والاستثمار المعمول بها في البنوك والشركات التقليدية وذلك بعد تحريرها وتعديلها لتتوافق مع القواعد والضوابط الشرعية كما حدث في عقد الاجارة المنتهية بالتملك واساليب الحماية من تذبذب اسعار الصرف وبيوع الاجل وغيرها، مضيفا انه خلال العقود الماضية حدث معايشة بين البنوك وشركات الاستثمار التقليدية ونظائرها الاسلامية دون ان يؤدي هذا التعايش لفقدان البنوك الاسلامية التزامها بالقواعد والضوابط الشرعية.
واكد عيسى ان المعايشة التي امتدت لعقود جعلت الحديث في حكم استثمار اموال البنوك التقليدية لدى الاسلامية كلاما فات اوانه نظرا لما تمتلكه من رصيد كبير من التعقيد والضوابط الشرعية بل من الممارسة العملية في المجال.
وعن فتح الحسابات لدى البنوك التقليدية قال استاذ اصول الفقه والشريعة سعود الربيعة: ان التعامل بين البنوك التقليدية والبنوك والشركات الاسلامية يستلزم ان يكون لها حساب لدى البنك التقليدي وذلك لايداع مبلغ الاستثمار وليكون تحت اشراف وادارة البنك ورقابته وحتى يتمكن من ضبط الدفعات المقدمة للمستثمر.
مشيرا الى احتياج البنوك والشركات الاسلامية لفتح ذات الحساب فيها اذا كان عملاؤها مستثمرين وحساباتهم مفتوحة لدى البنك التقليدي مما يسهل تحويل الأموال من حسابهم الى حساب الاستثمار في البنك، حيث دعت تلك الحاجة الهيئات الشرعية لوضع جملة من الضوابط الشرعية لفتح الحساب في البنوك التقليدية، حيث تمثلت في التزام البنك التقليدي بعدم استخدام الأموال المودعة في هذا الحساب خاصة في عمليات الاقراض والاقتراض أو أي عملية اخرى ذات علاقة بأنشطة البنك التقليدي، وان تخصص الأموال المودعة للأغراض التي تم فتح الحساب لأجلها مع ضرورة الاحتفاظ بالحد الأدنى المحقق للحاجة من الأموال في الحسابات دون زيادة لأن الحاجة تقدر بقدرها.
وأضاف ضرورة التزام البنك أو الشركة الاسلامية بعدم كشف الحساب حتى لا يترتب عليه أي فوائد، وذلك مقابل التأخير في سداد الرسوم أو العمولات التي يفرضها البنك على هذا الحساب.
وعن حقيقة التعامل مع المصارف التقليدية قال مدير عام دار الرقابة للاستشارات الشرعية محمد الطبطبائي: ان تعامل المصارف الاسلامية مع البنوك التقليدية يشمل مجموعة من الأنشطة المختلفة كإجراء بيع وشراء وتمويل، بحيث ينسجم التعامل مع احكام الشريعة الاسلامية ومبادئها دون النظر الى شخصية المتعامل معه وحقيقة انشائه.
وهذا التعامل قد يكون على أساس معاملات محرمة بنصوص شرعية واضحة لا تقبل التأويل أو تفسيرات أو اجتهادات، وقد تكون على أساس معاملات جائزة تقوم بها المصارف الاسلامية أو البنوك التقليدية.
واشار الى انه من المعروف في التعاملات المصرفية ان بعضها يجري على اساس الحرام البيّن الصريح الذي لا يمكن تصحيحه بناء على مبدأ تصحيح معاملات المسلم ما أمكن، أو تخريجه على مبدأ شرعي معتبر.
كما انها قد تجرى في ظل عدم وجود ضرورة أو مطلب شرعي يقتضي التعامل بالحرام.
ففي هذه الحال لا يجوز التعامل مع البنوك الربوية، مثل التعامل بالربا، أو تمويل اقتناء، أو تمليك ما هو محرم بذاته كالخمر ولحم الخنزير ونحوها من التعاملات التي حرمت لذاتها.
وعليه فإن هذا النوع من التعامل خارج عن نطاق هذا البحث، اذ ان حرمة هذا النوع من التعامل واضحة وضوح الشمس في ظلمة عمياء ولا يختلف عليه اثنان.
اما اذا وجدت ضرورة أو مطلب شرعي معتبر للتعامل بالحرام فإن ذلك يدخل في حكم تعامل المصارف الاسلامية مع البنوك الربوية، كالمساهمة في رأسمال البنك الربوي أو شراء أسهمه بغية اسلمتها أو لتفويت الفرصة على من يضر المسلمين اذا تملك البنك الربوي أو تعامل معه.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )