عاطف رمضان
اكد مدير عام المعهد العربي للتخطيط د.عيسى الغزالي ان تعظيم دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية يتحقق من خلال شروط مناسبة وبيئة ملائمة مثل توافر الاسواق التنافسية الخالية من الاحتكار، الى جانب قوانين ذات مصداقية تشريعية وتنفيذية لمحاربة الاحتكار ودعم التنافسية، وكذلك توافر اجهزة رقابية بما في ذلك جمعيات النفع العام المتخصصة لمحاربة الغش والاستغلال التجاري.
واضاف د.الغزالي في كلمته التي افتتح بها الحلقة النقاشية امس بمقر المعهد العربي للتخطيط حول «بيئة ممارسة انشطة الاعمال ودور القطاع الخاص» والتي قدمها عضو الهيئة العلمية في المعهد د.احمد الكواز، اضاف ان مؤشرات قياس البيئة الملائمة لأداء الاعمال قد اشتملت على سهولة الدخول والخروج من الاسواق، وسهولة الحصول على التراخيص، ومحاربة الفساد، واحترام القوانين وسهولة الحصول على الائتمان.
واوضح د.الغزالي انه على اساس هذه الاعتبارات المتعلقة بالتوجهات المتزايدة نحو تحرير مختلف الاقتصادات، وعلى اساس الفترة الزمنية التي انقضت منذ بداية تطبيق مثل هذه البرامج، فإنه يمكن تقييم مدى نجاح هذه الجهود في تحقيق هدفها في زيادة دور القطاع الخاص.
وفي اطار مثل هذا التقييم يمكن محاولة الاجابة عن التساؤل فيما اذا كانت البيئة الاقتصادية العامة هي المحدد الرئيسي لعمل القطاع الخاص، ام ان هناك اعتبارات اخرى اكثر تعقيدا من البيئة الاقتصادية تتحكم في نمط الملكية السائد في الدول.
ولفت الى ان الحلقة النقاشية التي اعدها المعهد العربي للتخطيط حول بيئة ممارسة انشطة الاعمال ودور «الخاص» موضوع على جانب كبير من الاهمية، خصوصا في اطار تبني معظم الدول العربية اجراءات مختلفة للاصلاح من اجل افساح مجال اكبر للقطاع الخاص، واعادة تشكيل ادواره واتاحة دور ريادي له في تحقيق التنمية المستدامة وزيادة رفاهية الفرد والمجتمع.
وزاد قائلا: تعتبر قضية نمط الملكية «عام أو خاص» من القضايا التي ارتبطت بمفهوم الكفاءة الاقتصادية.
ففي الوقت الذي اعتقد فيه رواد الفكر الاقتصادي امثال آدم سميث ضرورة ترك «اليد الخفية الفردية» تتحرك بحرية، وتبعه آخرون امثال مينسر، وهايك وفريدمان وغيرهم في القرن العشرين، رأى آخرون اهمية الملكية العامة امثال لانكه، ولاحقا سيمون، وغيرهما ممن رأوا ان فرضية «السلوك الرشيد» المطلقة لا تتوافر في الافراد، بل ان واقع الحال يقول ان السلوك الرشيد المقيد يمثل احسن الاحوال.
واشار الى انه رغم تسارع التوجه نحو التحول لملكية القطاع الخاص على حساب الملكية العامة منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي وحتى الآن، الا ان الجدل لا يزال مستمرا حول علاقة الكفاءة الاقتصادية بنمط الملكية، وقد مثل هذا الجدل احد محاور الاختلاف بين اقتصاديي التنمية من الجيل الاول (الفترة ما بين 1945 و 1975) ممن تحيزوا لدور اكبر للملكية العامة، واقتصاديي الجيل الثاني الفترة من عام 1975 حتى الآن ممن تحيزوا لدور اكبر للملكية الخاصة.
واشار الى ان كثيرا من الدول العربية قامت بتطبيق برامج للاصلاح والتحرير الاقتصادي هدفت الى تخفيض العبء على دور القطاع العام في الحياة الاقتصادية وتشجيع دور القطاع الخاص.
وفي اطار مثل هذه البرامج لعبت عملية تحويل ملكية المشروعات العامة للقطاع الخاص دورا مهما في تحقيق هدف زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد (ضمن الاشكال المختلفة لهذا التحويل) وتوضح معلومات البنك الدولي في هذا المجال انه خلال الفترة من عام 2000 الى عام 2006 قامت كل من: الجزائر، مصر، الاردن، المغرب، السودان وتونس بعمليات لنقل ملكية اصول انتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية من القطاع العام الى القطاع الخاص، ولا تزال توجهات وعمليات التحرير الاقتصادي جارية في عدد كبير من الدول العربية، بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )