إيهاب عثمان
على الرغم من ان منطقة الخليج العربي تستأثر بالجزذء الاعظم من مصادر الطاقة العالمية (النفط والغاز) الا ان تقارير اقتصادية حذرت دول المنطقة من احتمال حدوث ازمة طاقة في المنطقة خلال الاعوام القليلة المقبلة ما لم تسارع هذه الدول بايجاد حلول لمشكلة الطاقة التي تتفاقم يوما بعد يوم.
وتؤكد التقارير أن النمو الاقتصادي القوي الذي شهدته المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية، رفع الطلب بما يزيد على 10% سنويا على صعيد الكهرباء و8% على صعيد تحلية المياه، واضعة مسألة نقص الطاقة من ضمن أولويات دول الخليج، خصوصا في الكويت والامارات والسعودية.
وقدرت الدراسات حجم الاستثمارات المطلوبة لتلبية الاستهلاك المتنامي على الطاقة والمياه معا بنحو 155 بليون دولار على الأقل خلال العقد المقبل لتحافظ دول الخليج على وتيرة النمو الاقتصادي واستمرار النمو.
وتوقعت أن تشهد الكويت وقطر والسعودية نقصا في المياه والكهرباء في حدود 35% سنة 2010، بينما ستواجه الإمارات والبحرين مشكلات مماثلة في 2012 و2013 على التوالي.
مما وضع الحكومات الخليجية في مأزق لحل معضلة كيفية مواجهة النقص المتوقع في كل من المياه والكهرباء.
مشيرة الى ان هذه الارقام آخذة في الاعتبار القدرة المتوافرة الآن للطاقة في المنطقة، وإضافة نسبة 24% تمثل القدرة قيد الإنشاء.
ويتوقع الخبراء أن يصل حجم الاستثمارات في قطاع توليد الكهرباء في السنوات العشر المقبلة في السعودية الى ما يقارب 30 مليار دولار لتمويل مشاريع لتوسعة الطاقة الإنتاجية للمحطات القائمة وإقامة مشاريع كهرباء جديدة، ما سيرفع إجمالي الطاقة بنحو 20 ألف ميغاواط من مستواها الحالي البالغ 23500 ميغاواط.
مبينة انه سيتم استثمار نحو 3.6 مليارات دولار في الكويت لإضافة ما يقارب 5 آلاف ميغاواط للطاقة الإنتاجية.
كما سيتم إنفاق 3 مليارات دولار في قطر لزيادة طاقة الإنتاج بنحو 2500 ميغاواط، في حين تقدر الاستثمارا ت بنحو مليار دولار في البحرين و800 مليون دولار في عُمان.
ويعود ارتفاع ارقام الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة إلى تسارع النمو في استهلاك الكهرباء في دول المجلس الذي يقدر بنحو 7.1% في الإمارات و7% في السعودية والكويت وبين 4 و6% في بقية الدول الأعضاء.
وتشير التقارير الى ان حجم الإنفاق هذا سيلبي طلبا يتوقع أن يكون بمقدار 60000 ميغاوات من الطاقة و2.5 مليار غالون يوميا من طاقة المياه الاستيعابية الإضافية.
ويدعو التزايد السكاني المتصاعد، وما ينجم عنه من تزايد سكان المدن والتوجه نحو التصنيع لاهداف منها زيادة الإنتاج الصناعي وزيادة حجم التصدير، إلى تعزيز الحاجة نحو نمو سريع في مشروعات الكهرباء والمياه المتوافرة في أنحاء المنطقة.
وقد استشعرت دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية الاسراع في تنفيذ مشروعات للطاقة لمواجهة النقص في الكهرباء والماء، لذلك اسرعت هيئة كهرباء وماء دبي «ديوا» مؤخرا بالتوقيع على 6 عقود مع عدة مؤسسات دولية ومحلية لبناء منشآت للطاقة والتحلية في دبي.
وقد عانت «ديوا» في السنوات القليلة الماضية، في سعيها لجذب مقدمي العطاءات إلى مشاريعها وذلك نتيجة التكاليف المرتفعة وقصر المدد الزمنية المحددة.
لذلك مددت «ديوا» مواعيد جدول التشييد الخاص بمشاريعها الأخيرة من 16 شهرا إلى أكثر من 20 شهرا وإلى 36 شهرا للمشاريع الكبيرة.
ولكن مع الترحيب بتمديد الأطر الزمنية، نجد أمام المطورين والمتعاقدين عددا لا يحصى من تحديات أخرى يتعين التغلب عليها لضمان توفير ما يكفي من الطاقة والماء لخدمة دولة الإمارات قبل عام 2015.
وتدور هذه التحديات بشكل رئيس حول المواضيع ذاتها التي تؤثر على قطاع البناء مثل نقص الأيدي الماهرة وشح المواد وطول مدة توريد المواد الأساسية والمعدات إضافة إلى العلاقات المتصدعة بين من كل له علاقة بالمشروع.
وقدّرت دراسة اجرتها احدى الشركات المتخصصة في مشاريع البنية التحتية، الطاقة الاستيعابية الإجمالية لإنتاج الكهرباء في الإمارات منتصف العام الماضي بـ 19220 ميغاوات، مقارنة بـ 9600 ميغاوات في 2001.
مشيرة الى ارتفاع هذه القدرة الاستيعابية إلى 26 ألف ميغاوات بحلول عام 2010.
وتستأثر هيئة مياه وكهرباء أبوظبي بـ 53% من إنتاج الكهرباء، في حين تمثل هيئة كهرباء ومياه دبي 29% منها، وهيئة كهرباء ومياه الشارقة 11%، وهيئة الكهرباء والمياه الاتحادية 7%.
وشهدت الإمارات نموا اقتصاديا وسكانيا لا مثيل له في السنوات الثلاث الماضية، ونتيجة لذلك تبذل هيئات المرافق والطرق والمواصلات في الدولة جهدا لضمان عدم تجاوز الطلب حجم المعروض.
ويؤكد الخبراء أن بناء المزيد من المنشآت القياسية وتصنيع المواد الأساسية محليا قد يساعد على تخطي هذه المشكلات.
مشددين على اهمية البدء بتصنيع المزيد من المكونات الرئيسة مثل المحولات والمعدات الكهربائية، ومن ثم النظر في توحيد بعض التوجهات الأمر الذي سيؤدي إلى تبسيط الجهود بمجملها.
مشيرين الى ان اهم العقبات التي تواجه عمليات تطوير محطات الطاقة هي ان الكثير من المطورين في العالم يقدمون عروضهم بشكل رئيس إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة «بالمقارنة بعدد قليل من الشركات ممن يريدون إيجاد توازن في الحضور العالمي من خلال عقود طويلة الأمد تتوافر في الشرق الأوسط».
وقالت دراسة خليجية متخصصة ان قدرة المنشآت الموجودة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا على توليد الطاقة «غير كافية».
واكدت الدراسة أن الزيادة في استهلاك الطاقة لا تقتصر على المنطقة فقط، بل تشمل أرجاء العالم قائلة «يزداد استهلاك الكهرباء الصافي في العالم 42% بحلول 2015، ولتلبية هذا الطلب المتزايد، يستوجب إنتاج 1600 غيغاوات».
ورجّحت الدراسة أن يزداد الطلب على الطاقة بشكل لافت، في ضوء نمو السكان وبناء المشاريع الصناعية والعقارية الضخمة في الخليج، مشيرة الى ان الاستثمارات المقدرة في القطاع الخاص ستتجاوز 75 بليون دولار في العقد المقبل.
وتشير الدراسة الى ان حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا «قلقة»، من كيفية مواجهة النقص المحتمل في كل من المياه والكهرباء.
وعزت الدراسة المحركات الرئيسة للنمو في قطاع الطاقة والمرافق إلى «زيادة السكان في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تضم أكثر من 20 بلدا وما يزيد على 310 ملايين نسمة، ويُتوقع زيادة عددها بمقدار 85 مليون شخص بحلول عام 2010، وكذلك المشاريع العمرانية الضخمة والبنية التحتية المدنية التي مازالت قيد التنفيذ.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )