فواز كرامي
أجمع المحللون الماليون ومديرو شركات الصيرفة العاملون في الكويت على ان الانخفاض في قيمة الدولار يأتي ضمن سياسة مالية اميركية منهجية تهدف الى تخطي ازمة الائتمان والرهن العقاري رغم اجماعهم على ان المرحلة الحالية تفتقد الوضوح والاستقرار.
كما اجمعوا على استمرار الدولار في مركزه وعرشه رغم الاختلالات الكبيرة التي حصلت في سوق الاموال العالمية بسبب مرونة السياسات المالية التي يتبعها «الاحتياطي الفيدرالي» اضافة الى القوة الاقتصادية الذي يتمتع بها الاقتصاد الاميركي، لكن أحدا من المستطلعة آراؤهم لم يستطيع ان يحدد المدى الذي سيستغرقه الاضطراب في سعر صرف العملات أو مدى انعكاساته السلبية على الصعيد العالمي.
فمن جهته، أكد المحلل المالي والمصرفي عماد بلان ان انخفاض قيمة صرف الدولار جاء نتيجة مباشرة لعمليات خفض الفائدة التي يقوم بها البنك المركزي الاميركي «الاحتياطي الفيدرالي»، وذلك بسبب الكميات الكبيرة من الدولارات الموجودة في الساحة العالمية خارج الولايات المتحدة غير المغطاة بانتاج اميركي بعد التكاليف الكبيرة للحروب التي تخوضها الولايات المتحدة، والتي تبلغ تكاليفها مئات مليارات الدولارات.
واشار بلان الى ان سياسة خفض قيمة الدولار التي تتبعها الولايات المتحدة الاميركية عن طريق خفض الفائدة هي سياسة تهدف الى دفع عجلة الاقتصاد بتشجيع صـــــادرات المنتــــجات الامــــيركـــية وتخـفـــيض الواردات لتعديل العجز فـــي الميزان التجاري الاميركي الذي يعاني عجزا كبيرا.
مضيفا ان عمليات خفض الدولار وتشجيع الصـــادرات ســـــيشجع الصــــــناعة، وبــــالــــتالي تخفيض نسبة البطالة من خلال دفع المزيد من العاطلين عن العمل الى سوق العمل وتشجيع الاستهلاك المحلي وبالمساعدات الاقتصادية التي قدمتها الادارة الاميركية وبرواتب الموظفين الجدد.
وأوضح بلان ان عدم وضوح الرؤية بالمرحلة المقبلة في سوق العملات العالمية مردوده الاساسي التغيرات السريعة في السياسات المالية الاميركية من عمليات خفض الفائدة المتتالية وعدم استيعاب السوق العالمي لهذه التغيرات السريعة، حيث لا تكاد البنوك المركزية لدول العالم تتجاوب مع آخر خفض للفائدة الاميركية حتى يكون «الاحتياطي الاميركي» اعلن عن خفض فائدة جديدة مما لا يدع المجال للاسواق النقدية العالمية للاستقرار.
من جانبه، بيــن مدير عام شركة المزيني للصيرفة جمال زايد ان الدولار سيبقى على عرش العملات العالمية رغم الانخفاض الكبير في قيمته الذي حصل في السنوات القليلة الماضية، مشيرا الى ان الازمة الاخيرة التي يعانيها الدولار ليست الاولى فالعديد من الازمات استطاع الدولار ان يتـــــجاوزها ويعود الى مركـزه الـــعالمي بسبب النفوذين الاقتصادي والسياسي العالمين اللذين تتمتع بهما الولايات المتحدة الاميــــــركــية عـلى الــساحة العالمية.
وأوضح زايد ان السبب الرئيسي لعدم الاستقرار في سوق النقد العالمي يعود الى ازمة الرهن العقاري التي عصفت بالسوق الاميركية وتركت انعكاساتها على كل المجالات الاقتصادية بما فيها النقدية والمصرفية، مشيرا الى ان ازمة الدولار الاخيرة ستنجلي بعد انتهاء تداعيات ازمـــــة الرهن العـــــقاري التي يـــــدفع ضريبتها بقـــــوة الاقتصـــــاد الاميركي بكل قطــــاعاته ووصلت تأثيراتها الى كل الاسواق العالمية.
واشار زايد الى ان سوق النقد العالمي سيبقى مضطربا مادام الاقتصاد الاميركي يعاني من ازمة الرهن العقاري، مشيرا الى ان انتهاء هذا الاضطراب بحال انتهاء هذه التداعيات التي لا يعلم أحدا مداها.
وفي السياق ذاته، أوضح مدير عام شركة اعتمادكو للصيرفة احدى شركات البشر والكاظمي عبدالرحمن احمد ان اليورو الذي يعتبر المنافس للدولار يعاني من ازمة الاقتصاد الاميركي اضعاف ما يعانيه الدولار رغم ان الازمة الحقيقية كانت في الاقتصاد الاميركي وليست في منطقة اليورو، معتبرا ذلك دليلا واضحا على ان الدولار سيواصل موقعه على عرش العملات العالمية دون أي تغيير رغم الانخفاض الاخير في قيمته.
واشار احمد الى ان عمليات خفض قيمة الدولار التي يتبعها «الاحتياطي الفيدرالي» الاميركي هي سياسة مالية اميركية ضمن استراتيجية متوسطة المدى لتجاوز تداعيات ازمة الرهن العقاري وتخفيف العجز في الميزان التجاري الاميركي من خلال زيادة الصادرات، مشيرا الى ان هذه السياسات المتبعة ضرورية لتجنيب الاقتصاد الاميركي من الوقوع في حالة الانكماش الاقتصادي.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )