في يوم 19 مايو 1952 أي منذ ستة وخمسين عاما، صدر المرسوم الأميري السامي ايذانا بتأسيس بنك الكويت الوطني شركة مساهمة كويتية في عهد المغفور له الشيخ عبد الله السالم وليصبح البنك الوطني أول بنك وطني في الكويت وأول شركة مساهمة في الكويت ومنطقة الخليج العربي.
وتأتي هذه الذكرى تتويجا واستمرارا لمسيرة من النجاح تحوّل خلالها «الوطني» من بنك صغير انطلق من مساحة ثلاثة دكاكين وبضعة موظفين يعملون بالأساليب اليدوية البدائية الى واحد من أكبر مصارف المنطقة وأكثرها ربحية وريادية وابتكارا وانتشارا بشبكته الدولية من فروع خارجية ومكاتب تمثيل وشركات تابعة متواجدة في أهم عواصم المال والأعمال حول العالم.
ويأتي الاحتفال بهذه الذكرى الغالية في وقت عزز فيه بنك الكويت الوطني خلال عام 2007 من تواجده وتوسعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكان أبرز الانجازات في هذا الاتجاه خلال عام 2007 هو استحواذ بنك الكويت الوطني على البنك الوطني المصري وتوسعه باتجاه السوق التركية عبر شرائه لحصة 40% في البنك التركي turkish bank s.a، علاوة على زيادة حجم حصته في بنك قطر الدولي من 20% الى 30%.
وفي الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن عام 1960 هو تاريخ الاستقلال السياسي للكويت، فان الذي لا تعرفه غالبيتهم هو أن عام 1952 قد شهد نوعا آخر من الاستقلال، ألا وهو الاستقلال الاقتصادي للكويت من خلال بنك الكويت الوطني.
ففي هذا العام ظهرت الى الوجود شركة مساهمة صغيرة لم يتجاوز رأسمالها مليون دينار فقط وحملت اسم بنك الكويت الوطني المحدود، لتعلن عن بدء عهد جديد من الحرية والاستقلال الاقتصادي للكويت التي عاشت سنوات طويلة تحت الانتداب البريطاني، ولتعلن استقلال المنطقة والتي لم تكن تضم ككل مؤسسة مالية وطنية واحدة في ذلك الوقت العصيب من تاريخها.
فقبل عام 1952، لم يكن في الكويت سوى بنك أجنبي واحد هو البنك البريطاني للشرق الأوسط في الكويت الذي تم افتتاحه رسميا في فبراير من عام 1942 أثناء الحرب العالمية الثانية.
ومنذ العام 1949، شعر القائمون على البنك البريطاني في الكويت بعدم رضاء المواطنين الكويتيين عن نشاطاته وخدماته.
كما علموا أن هناك تفكيرا لدى بعض التجار الكويتيين وميلا لتأسيس بنك خاص بهم.
وكان أن كتب المعتمد البريطاني في الكويت آنذاك عددا من الرسائل السرية الى وزارة الخارجية البريطانية يعبر فيها عن قلقه وتخوفه من تأسيس البنك الوطني وكيفية القيام بمحاولات لعرقلة تأسيسه واستمراره.
تأسيس «الوطني»
وهكذا ظهرت لأول مرة فكرة تأسيس بنك كويتي وطني يخدم المصالح الوطنية بالدرجة الأولى ويأخذ على عاتقه تطوير وتنمية الاقتصاد الكويتي وانعاش السوق التجاري وتنمية مدخرات المودعين وحفظها في عام 1952.
وبالفعل عقد كل من: خالد زيد الخالد، أحمد سعود الخالد، خالد عبداللطيف الحمد، خليفة خالد الغنيم، سيد على سيد سليمان الرفاعي، عبدالعزيز حمد الصقر، محمد عبدالمحسن الخرافي، يوسف أحمد الغانم ويوسف عبدالعزيز الفليج اجتماعا مع المغفور له الشيخ عبد الله السالم الذي بارك لهم الفكرة ووعدهم بالدعم والتأييد.
وكان عقد تأسيس فرع البنك البريطاني في الكويت مع حكومة الكويت ينص على عدم السماح بانشاء بنوك أخرى في الكويت.
وكان رأي أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم في حينها أن ذلك لا ينطبق على انشاء بنوك كويتية داخل البلاد.
وهكذا سُمح بانشاء بنك الكويت الوطني في 19 مايو من عام 1952 حيث صدر المرسوم الأميري الخاص بانشاء البنك وفي 15 نوفمبر 1952، افتتح بنك الكويت الوطني للعمل رسميا باعتباره شركة مساهمة كويتية للقيام بالأعمال المصرفية.
ويعد بنك الكويت الوطني أول مصرف وطني في الكويت ومنطقة الخليج العربي على الاطلاق وكان مجلس ادارة بنك الكويت الوطني وجميع المؤسسين من الكويتيين الذين لهم نشاط تجاري عريق داخل وخارج الكويت.
وتأسس البنك برأسمال قدره ثلاثة عشر مليونا ومائة ألف روبية، أي ما يعادل مليون دينار فقط، موزعة على ثلاثة عشر ألفا ومائة سهم بقيمة ألف روبية للسهم الواحد.
وفي مبنى صغير يقع في الشارع الجديد بدأ العمل بعدد قليل من الأفراد لم يتجاوز عدد أصابع اليد وبمساحة لا تتجاوز ثلاثة دكاكين، وزاول البنك في بداياته أعمالا مصرفية بسيطة وبدائية تتلخص في الاعتمادات التجارية، وتبادل العملات، وحوالات مصرفية بسيطة، وايداعات وسحوبات.
هكذا كانت البداية، ولكن الوطني أثبت مع مرور الأيام كفاءته وجدارته مساهما وراعيا لحركة النهضة في الكويت وليقدم كل أنواع الدعم للأفراد والمؤسسات لتمويل انشاء مشاريع البنية التحتية في كويت الخمسينيات حيث كان هو البنك الكويتي الوحيد آنذاك.
وخلال الثمانينيات اجتاز بنك الكويت الوطني اختبارا قاسيا حين وقعت أزمة انهيار سوق الأسهم والمسماة أزمة «سوق المناخ» عام 1982.
وقد كان أسلوب العمل المصرفي المتزن والمتحفظ لبنك الكويت الوطني خلال هذه الازمة جعله البنك الوحيد الذي لم يتأثر سلبا، ونتيجة لذلك أطلق عليه اسم «البنك الفائض الوحيد».
وكان الوطني قد حذر مرات عديدة في تقاريره ونشراته الاقتصادية من خطر هذه الأزمة قبل وقوعها وقبل أن يتضرر منها كثيرون.
ثم جاءت أزمة الغزو العراقي للكويت في عام 1990، والتي كانت اختبارا كبيرا لصلابة موقف بنك الكويت الوطني، حيث استمر في أداء أعماله من خارج الكويت والوفاء بجميع التزاماته نحو عملائه وللبنوك في الخارج.
كما كان له دور رئيسي في تمويل مشاريع اعادة اعمار الكويت، وقد أدى ذلك الأداء المتميز لبنك الكويت الوطني خلال هاتين الأزمتين الى دعم واستمرارية الثقة من قبل عملاء البنك وتعزيز ثقة البنوك العالمية به.
الصفحات الاقتصادية في ملف ( pdf )