محمود فاروق
تناول العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين ابرز التحديات التي تواجهها المجموعة البشرية في الآونة الحالية حيث اجمع العلماء والمتخصصون على تحدي مقاومة الفقر اذ ان مليار و2 مليون من البشر يعيشون بأقل من دولار في اليوم تقريبا، و3 مليارات أي نصف سكان العالم يعيشون بأقل من 2 دولار في اليوم - وذلك على حسب الاحصائية النهائية لمركز اقتصادي في الولايات المتحدة الأميركية - وعلى الرغم من الحصول على الاجماع لتلك الظاهرة «الفقر» الا انه لم يتمكن احد من تخفيض تلك النسب السابق ذكرها الا بحلول عام 2015، حيث اتاحت «العولمة الاقتصادية» فرصا جديدة ووفرت امكانيات تنمية كبيرة وسمحت للشعوب بالدخول في منظومة التقدم الاقتصادي، الا انها في المقابل افرزت آثارا سلبية عديدة عمقت الفوارق الاقتصادية والاجتماعية داخل الدولة الواحدة وبين الدول المجاورة الأخرى.
فهناك العديد من الشعوب النامية لم تتمكن من الانتفاع من ظاهرة العولمة والرفع من نسق نموها وتحسين ظروف معيشة مواطنيها، بل زادت من تهميش البلدان النامية، خاصة الفقيرة منها، مما تسبب في انهيار التماسك الاجتماعي داخلها، وأدى هذا الواقع الى توسيع الفوارق بين الدول الفقيرة والدول الغنية، والى تراجع ايضا مستوى معيشة عدد كبير ومتزايد من البشر في العالم، مما أدى ذلك الى بروز تنظيمات عالمية مناهضة للعولمة.
فالعولمة الاقتصادية كظاهرة لتطور النظام الرأسمالي تعني الانتقال من الاقتصاد الدولي الذي تتكون خلاياه القاعدية من اقتصاديات متنافسة ومتمركزة على الذات الى اقتصاد عالمي قائم على نظم اقتصادية ومؤسسات كونية قائمة على القرار الاقتصادي، فهي تصنف ضمن مرحلة متقدمة من مراحل تطور الرأسمالية بما يهدف الى تحقيق وحدة العالم الاقتصادي منظورا اليها من وجهة نظر الرأسمالية كنظام اقتصادي عالمي قائم على آليات السوق كعلاج شاف لكل مشاكل الكويت الاقتصادية.
فالعولمة الاقتصادية بمفهومها المعاصر «الأمركة»، أصبحت ليست مجرد سيطرة وهيمنة وتحكم سياسي واقتصادي، لكنها ابعد من ذلك بكثير فهي تمتد لتطال الهوية الاقتصادية للدولة.
والملامح الرئيسية للعولمة الاقتصادية تضمنت تنامي دور الشركات متعددة الجنسيات وتزايد أرباحها واتساع أسواقها، اضافة الى تزايد دور الشركات والمؤسسات في تصميم برامج الاصلاح الاقتصادي وسياسة التكييف.
وأيضا بروز ظاهرة القرية العالمية نتيجة لتطور وسائل النقل والمواصلات وزيادة الاحتكاك بين الشعوب فجميعها ساعدت على خلق العولمة المالية التي تمثلت أو ترجمت الى أسواق المال عبر تتبع حركة البورصات والمثابرة بمختلف أنواع الأوراق، وذلك لما لاحظناه بين الحين والآخر من استحواذ ادارة سوق على سوق آخر أو العروض بين الأسواق فقد وصل اجمالي القيمة السوقية للبورصات العربية والبالغ عددها 15 سوقا 1.7 تريليون دولار من اجمالي القيمة السوقية للبورصات في مختلف دول العالم، حيث سجلت اسواق المال العربية تفاوتا في الأداء خلال الفترة الماضية نظرا لتفعيل تلك الظاهرة «العولمة الاقتصادية» بصورة ملحوظة ومؤثرة على الأسواق، فالطرح النظري لهذا التأثير جاء نتيجة عدم تنوع داخل السوق، مما يعرض المتداول الى المزيد من المخاطرة عند شرائه في سهم واحد.
فإذا تم التنوع تفادى المخاطر، ومن ثم التنوع على مستوى العالم في المحافظ مما يلغي المخاطر بالكامل وتصبح المخاطر تبعا للاقتصاد العالمي، لذلك بدأ التوجه الى أهمية تنويع المحافظ، فالعولمة ليست حتمية قدرية كما يصورها البعض، لكنها ظرف تاريخي يسيطر ويتطور فيه النظام الرأسمالي كما أكد العديد من المحللون والخبراء الماليون في العالم.
تقرير خاص في ملف ( pdf )